وائل السمري يكتب.. مسلسل Unorthodox كل هذا التشابه بين السلفيين في اليهود والمسلمين؟ القصة عكست مدى تقارب النقيضين في تحقير المرأة وكراهية الفراعنة واعتقادهم الزائف بأنهم "الفرقة الناجية" و علي ونيس والبلكيمي

الخميس، 16 أبريل 2020 07:03 م
وائل السمري يكتب.. مسلسل Unorthodox  كل هذا التشابه بين السلفيين في اليهود والمسلمين؟ القصة عكست مدى تقارب النقيضين في تحقير المرأة وكراهية الفراعنة واعتقادهم الزائف بأنهم "الفرقة الناجية" و علي ونيس والبلكيمي تحقير المرأة وكراهية الفراعنة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأنك تشاهدهم بجوارك في حياتنا اليومية، هو هو ذات التطرف مهما اختلفت الأشكال والألوان، هو ذات التطرف مهما اختلفت الديانات، هي ذات العقلية مهما تباعدت المسافات، هو ذات المصير مهما اختلفت المحاولات، التطرف واحد في الإسلام والمسيحية واليهودية، والسلفيون هم هم، نفس التفكير ونفس المنطق الفاسد، نفس الأوهام، ونفس السلوك، وإن لم تصدقني فحاول أن تشاهد مسلسل Unorthodox الذي عرض مؤخرا على منصة العرض العالمية "نت فيليكس" والذي حاز على إعجاب الكثيرين في مختلف أنحاء العالم لأنه يجسد شيئا ربما يكون جديدا على المجتمع العالمي، وهذا الشيء هو حياة متطرفي اليهود.
المسلسل باختصار مستوحى من رواية " Unorthodo" للكاتبة  ديبورا فيلدمان هي عرض لحياة فتاة أمريكية يهودية تتبع طائفة الحركة الحسيدية أو حركة الحاسيديم، لكنها تضيق بحياة هذه الطائفة التي لا تترك لها أدنى مساحة من مساحات الحرية وتتحكم في كل تفاصيل حياتها حتى في عدد مرات إقامة علاقة شرعية مع زوجها، وقد تربت هذه الفتاة في كنف تلك الطائفة حتى تزوجت من أحد أفرادها، ثم لم تستطع أن تحيا وسط هذه القيود فتركت تلك الحياة وسافرت إلى ألمانيا حيث تقيم أمها التي كانت قد سبقتها في الهرب من ذاتها الطائفة. 
 
تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (5)
المسلسل في إجماله يتمتع بقدر كبير من الرقة والرهافة، كما أن إيقاعه المنضبط وموسيقاه المناسبة وأداء ممثليه الراقي وحرفية تشكيل مشاهده جعلوا منه أيقونة فنية راقية، لكن أكثر ما جذب الناس إليه لم تكن تلك المفردات الفنية الراقية، بل دقته في تجسيد حياة أهل طائفة الحسيدية  اليهودية وهي حركة نشأت في القرن السابع عشرعلى يد  بعل شم طوڤ وتلميذه، الماجيد من مزريتش، الذي نشر هذه الحركة في جميع أنحاء شرق أوروبا والفكر الحسيدي لا يعد فكرا فحسب، بل يعد "تنظيما" اجتماعيا يشبه تنظيمات الإخوان من حيث العنصرية والنظرة الدونية للآخرين حتى من أتباع الديانة اليهودية، كما يشبه تنظيمات السلفيين من حيث التشدد الكبير والانغلاق الفكري والعقلي، والميل إلى اعتكاف العالم الخارجي، وهو ما صوره المسلسل بدقة يحسد عليها، كما صور أيضا بعض أفراد هذه الجماعة البارزين الذي يخالف كل هذه الطقوس ويعيش حياته بالطول والعرض متمتعا باحترام الجماعة في ذات الوقت، لا لشيء إلا لأنه يتقن "الأعمال القذرة" كما هو الحال مع بقية الجماعات الدينية المتشددة في مجتمعنا العربي والإسلامي، وقد عرض المسلسل الكثير من المواقف التي تؤكد أن المتطرفين في كل مكان في العالم يفكرون بنفس الآلية، وهو ما نستعرضه فيما يلي.

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (1)

 

الاعتقاد الزائف بأن هذه الجماعة هي "الفرقة الناجية 

في كل تفاصيل المسلسل يظهر جليا كيف أن تلك الجماعة تعتبر نفسها المخولة وحدها بالحديث باسم الرب وأنها الوحيدة هي التي تتبع تعليماته وتمشي على دربه، وفي المقابل فإنهم يظنون أنهم وحدهم "الفرقة الناجية" التي وعدها الله بالرضا والفردوس" وقد ظهر هذا في حرصهم الشديد على الالتزام الحرفي بكل ما يعتقدون أنه التفسير الأصح لكلام الله في التوراة، مما يجعل أي شخص ينتمي إليهم يتخيل أن الله سيرضى فقط عن هذه الطائفة، وقد ظهر هذا في حوار أجرته الفتاة "أستي" بطلة الفيلم مع أحد أصدقائها في ألمانيا ردا على سؤال: لماذا هربت من جماعتك فقالت: لأن الله يتوقع مني الكثير من الأشياء التي لا أستطيع فعلها، فهي لم ترجع هربها إلى تخلف أهلها لكنها أرجعته إلى عدم مقدرتها على طاعة الله، باعتبار أن صورة الله الصحيحة في جماعتها فحسب، بقية الصورة خاطئة.

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (2)

كبت الأطفال 


كراهيتهم للفراعنة والمصريين 

في أحد مشاهد هذا المسلسل يجمع كبير العائلة مع أبنائه وأحفاده، ويقرأ يجعل أحد الأطفال يقرأ عليهم من التوراة، ثم يبدأ الطفل في قراءة قصة خروج اليهود من مصر، ومعاناتهم في صحراء التيه، ثم يبدأ كبير العائلة أو أحد الحاخامات في إبراز العبر من هذه القصة، ليقول لأتباعه نحن نقرأ هذه القصة لنعرف مدى الظلم الذي تعرضنا إليه على يد المصريين الذين حاربونا وطردونا وطاردونا، وليس هذا فحسب بل لنتذكر كل المآسي التي تعرضنا إليها على يد كل الشعوب التي ظلمتنا، وبالطبع لا يقول هذا الحاخام أن مصر لم تكن أرضهم في الأساس، وأنهم كانوا لاجئين على أرض مصر ولم يراعوا القوانين التي تفرضها الحكومة المصرية وقتها ولم يحترموا آلهة المصريين في هذا الوقت، بل والأنكى من هذا أنهم سرقوا ذهب المصريين وهم في طريق خروجهم، تركوا كل هذه الحقائق التاريخية التي تذكرها التوارة ولا تنكرها، وتمسكوا فحسب بالادعاء بأنهم ظلموا على أرض مصر، مصورين الفراعنة المصريين في ثوب الشياطين، وهم في هذا يتشابهون تمام التشابه بالسلفيين المسلمين الذين ينكرون كل أفضال الفراعنة على البشرية، ويتهمونهم بالكفر والفسوق والعصيان فحسب.

 

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (3)

تحقير المرأة واعتبارها حيوان للتناسل فحسب  

هذا هو السبب الرئيس في أزمة بطلة الرواية والمسلسل "إستي" السبب الرئيس أيضا في هجرتها لأهلها في أمريكا، فقد كانت تلك الفتاة الصغيرة تحاول أن تجد لها متنفسا من هذا الكبت الكبير وهذا التحقير الممنهج الذي تتبعه هذه الطائفة مع المرأة تماما مثلنا تعيش غالبية سيدات التيار السلفي والإخواني حتى لو ادعت نساؤهم غير هذا، ويظهر هذا التحقير من خلال كل تفاصيل المسلسل، ويتجلى في اعتبارهم أن السيدة ليست أكثر من حيوان تكاثر، وأنه ممنوع عليها أن تظهر شعرها، وممنوع عليها أن ترفع صوتها، وممنوع عليها أن تتعامل بندية مع زوجها، وممنوع عليها أن تخالط أي مجتمع آخر، وممنوع عليها أن تتعلم أو تمارس أي نوع من أنواع الهوايات. 

 

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (4)

والأفراح المغلقة والرقص على الإيقاع 

في مشهد زفاف بطلة المسلسل "أستي" مع بطل المسلسل "يانكي" ظهرت العديد من التفاصيل التي تؤكد أن أفراح اليهود المتشددين تتشابه تماما مع أفراح المسلمين المتشددين، فالسيدات يرقصن بمعزل عن الرجال، والمرأة ترتدي ما يشبه النقاب، ولا موسيقى أو أغاني حديثة، فقط الرجال يغنون على الإيقاع أغاني دينية أو تراثية.
 
تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (6)

كبت الأطفال والحرص على حرمانهم من حياتهم العادية 

في جميع المشاهد التي ظهر فيها أطفال في المسلسل يصاب الواحد بانقباض كبير، فالأطفال عبارة عن نسخ من الرجال، يلبسون نفس الملبس، ويتعلمون أن يتعاموا بنفس الطريقة، وأن يتعلموا تعليما دينيا فحسب، وهم في هذا يتشابهون مع أطفال السلفيين الذين يلبسون نفس ملابس أبيهم والطفلات اللاتي يلبسن نفس ملابس أمهاتهم، فالأولاد يلبسون الجلاليب والبنات يرتدين الحجاب، وفي الإجمال لا يسمح  للأطفال بأن يعيشوا حياة اللعب والضحك المعتادة، فهم ليسوا أكثر من تابعين لآبائهم ومعلميهم لكي يضمنوا ألا يتأثروا بأي شيء من المجتمع الخارجي.

 

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (7)

ثنائية الكبت والمجون .. هل تتذكرون علي ونيس والبلكيمي؟

برع مسلسل Unorthodox في تجسيد شخصية لا غنى عنها في أي مجتمع مغلق، وهذه الشخصية هي شخصية "موشيه" أو موسى بالعربية، تلك الشخصية الماجنة المتشددة في الآن ذاته، يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، يحافظ على سريان قواعد الجماعة على الجميع ويحتفظ لنفسه بحق كسرها، شخصية يلجأ إليها الحاخامات بعد هرب الفتاة إلى ألمانيا فيظهر في صورة "البلطجي الديني" يرتكب كل المحظورات، يخالف كل الأعراف، لتحقيق أغراض الحاخامات، يسافر مع الزوج إلى ألمانيا ليبحث عن الفتاة، يقتحم بيت أمها ليفتش في أغراضها، يرهبها ويرهب الفتاة بالسلاح، يصلي بخشوع، ويذهب إلى مقابر اليهود للصلاة والتبرك، وفي طريق العودة يذهب إلى "ماخور" يديره أحد اليهود ليضاجع الفتيات ويلعب القمار، شخصية نعرفها جيدا في حياتنا، أشبه ما تكون إلى شخصية "علي ونيس" أمام المسجد الذي صار عضوا بمجلس الشعب وقت حكم الإخوان ثم ضبط متلبسا بمعاشرة فتاة على الطريق الزراعي، وأشبه أيضا بأنور البلكيمي عضو مجلس الشعب الذي ادعى أنه تعرض للسرقة والاعتداء في حين أنه كان يجري عملية تجميل "المحرمة في الفكر السلفي"، وتلخص أم الفتاة "أستي" هذه الشخصية حينما تقول لابنتها "دائما هناك موشيه ..كلهم لديهم موشيه لينفذ أعمالهم القذرة".

 

 

تحقير المرأة وكراهية الفراعنة  (8)

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة