أكرم القصاص - علا الشافعي

دينا شرف الدين

"نمبر وان" والأزمة الحضارية

الثلاثاء، 18 فبراير 2020 04:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بداية : أود أن أؤكد علي أننا نمر في تلك السنوات الثقال بأزمة ثقافية و أخلاقية و قيمية  و فارق حضاري قد ازداد بشكل سريع جداً ليبعد بنا عشرات السنوات عما ينبغي أن نكون عليه الآن !
 
تصدرت الرداءة و ساد التدني بالمجتمع و تفشت الملوثات السمعية و البصرية  بسبب تطورات العصر و تغيرات أذواق الجماهير  ، 
إذ أصبح المبرر الرسمي المتصدر لكافة الأنتقادات  ( الجمهور عاوز كده ) ،فكل تلك الأسباب ليست إلا شماعات يعلق عليها الأخطاء كل مذنب مقصر ليخلي مسؤوليته أمام  الآخر فحسب !
 
لكنها في واقع الأمر الحقيقة المرة التي علينا جميعاً التوقف أمامها و الإعتراف بها دون خجل أو تبرير إن كنا بحق نريد الإصلاح  ، ألا وهي أننا دون المستوي الذي يسمح لنا بالتنافس و إثبات الوجود بمناخ غني متنوع به لون متميز من جميع الألوان يرضي كل ذوق من جميع الأذواق .
 
فنحن الآن بحق نمر بأصعب أوقات حيث تتراجع المعايير الأخلاقية  وتتصدر القدوة السيئة المشهد كله  علي كافة المستويات 
فكلما استنشقتنا الهواء كادت أن تخنقنا رائحة الفساد و التدني  التي تنبعث من كل شئ  تراه أعيننا و تسمعه آذاننا و تدركه عقولنا   في الثقافة و الفنون و التعليم  و الرياضة و التربية و الأخلاق !
 
أما عن أحدث الأمثلة التي تدلل و بقوة علي  هذا التراجع الحضارى والأخلاقى
 
هذا النجم  الذي بات قدوة و أسطورة يسير علي نهجها أكبر قطاع من شباب مصر ، صاحب الكليبات الشهير و الحفلات الصاخبة و التقاليع المنقولة عن ثقافات أخري و الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام  و التواصل الإجتماعي بتعجب و انتقاد و لكن دون جدوي 
 " نمبر وان " !!الذى يضرب كل القيم بشراسة وآخر مواقفه الغريبة واقعة الفيديو الذى تسبب بالقضاء علي مستقبل و طموحات و أحلام  الطيار المصري الذي تم إيقافه عن العمل مدي الحياة !و بالفعل  تجلت حالة الإستفزاز  بهذا العرض المادي السخي الذي عرضه علي جمهوره كتعويض للطيار من باب المنظرة و المراءاة !
 
أعزائي المندهشين :
لم تندهشون و تنتقدون هذا النجم  لإطلاقه هذه الكليبات التي تؤكد  للجميع أنه الأول بلا منازع  بحسابات الأرقام ؟
ألم  تكونوا أنتم من حققتم له هذه النسب من المشاهدات ، أي أنكم شركاء بالجريمة !
 
ألم تكونوا أنتم  من دفع آلاف الجنيهات لحضور حفلاته الصاخبة .
 
ألم تكونوا أنتم  السبب الأول و الأخير لرفع  هذا الشاب علي القمة و تقاضيه أعلي أجر لفنان بنسب مشاهداتكم لأعماله و إقبالكم  عليها ؟
 
ألم  تكونوا أنتم  من جعلتوا منه قدوة "سيئة" يحتذي بها الصبية و الشباب ليقلدوا سلوكها شكلاً و موضوعاً بشكل كارثي ؟
 
ألم  تكونوا أنتم  من تسببتم في إصابة هذا الشاب بهذه الحالة من الغرور و التعالي نظراً لعدم  قدرته علي تصديق ما هو فيه  و ما تخطي حاجز أحلامه  بأيديكم  و مباركتكم ؟
 
فقد أصبح المألوف الآن هو تصدر الأنصاف و غير المؤهلين و أشباه الموهوبين  الصورة !!
في حين تتراجع  جميع الكفاءات و المواهب و أصحاب الإمكانات في الصفوف الخلفية .
هل نعتبر هذا الوضع  المعوج  بفعل تطور الحياة  الذي لا يتوقف و لكن فقط  للأسوء ؟
هل تعتبر تلك الظاهرة  من أهم  أسباب تراجعنا للخلف في حين يتقدم العالم  للأمام باستمرار دون توقف ؟إذ تفردت  مصر في العقدين  الماضيين  بهذا الوضع المقلوب في كافة ً المجالات فنياً و ثقافياً و علمياً و رياضياً و اجتماعياً و خلقياً 
 
فلم تعد الكفاءة  معيار لأي شئ ، فليس بالضرورة أن يكون الطبيب الأشهر و الأعلي سعر هو الأكفأ ، و لا المغني الأشهر هو الأكثر موهبة و الأجمل صوتاً   و لا الكاتب الأشهر هو الأفضل و الأبدع و لا الفنان المتربع علي عرش النجومية و الأعلي أجراً هو المستحِق عن جدارة لأسباب هذه النجومية  !
 
لا أعلم من ذا الذي يتحمل المسؤولية  المباشرة عن هذا  الجرم  المجتمعي الذي لم يلتفت أحد  لمدي خطورته علي الأجيال الجديدة  ، فقد أصاب جيلين أو ربما ثلاث و ما زالت الكارثة مستمرة بشراسة !
 
يا أولي الأمر في كل المجالات :
أفسحوا الطرق لذوي الكفاءات ، و امنحوا الفرص لمستحقيها الذين تواروا تحت أتربة الزيف و الكذب و البالونات الممتلئة بالهواء فحسب !
 
فإن حقاً  تمت السيطرة علي تصدر الأنصاف و عديمي الكفاءة  ليخرج للنور و يفيد المجتمع  كل موهوب و مؤهل في مجاله دون  واسطة أو محسوبية أو خلافه ، لربما تنصلح الأحوال و تستقيم الأوضاع  المقلوبة  و حينها ربما نستطيع أن نلحق بما سبقنا إليه غيرنا و نستقل آخر عربة في قطار التطور و الإنطلاق  .
 
                         أمل كبير في مستقبل أفضل   و لعله قريب









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالله

للاسف

للاسف كلامك صحيح 

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة