هل الاتهام فى قضية سبق البراءة أو التصالح فيها يبيح "القبض والتفتيش"؟

الأربعاء، 12 فبراير 2020 11:55 ص
هل الاتهام فى قضية سبق البراءة أو التصالح فيها يبيح "القبض والتفتيش"؟ التفتيش الوقائى
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حدث في إحدى القضايا الجنائية أن استوقف رجل - الضبط القضائي - متهمان حال استقلالهما سيارة خاصة، وعند فحص التراخيص قام بالكشف الفني على المتهمين من خلال جهاز الحاسب الآلي المحمول، وتبين له سبق اتهام أحدهما في قضية ما، فقام بتفتيشهما وقائيا، فعثر مع الأول على علبة سجاير تحوي 4 لفافات من جوهر الهيروين والذي أقر بأنها تخص المتهم الثاني وأنه حملها مقابل تذكرة منه لنفسه.  

2196c937bb095e7c04df3af0410ed69d85
 

عشرات الوقائع اليومية
 

تلك الواقعة سالفة الذكر مثل عشرات الوقائع التي تحدث بشكل شبه يومي حيث يقوم – مأمور الضبط القضائي – بتفتيش الشخص تفتيشاَ وقائيا أو قضائيا عقب استيقافه استناداً لما أسفر عنه الكشف الفني عليه من اتهامه في أياَ من القضايا، الأمر الذي يؤدى إلى القبض عليه في أحيان كثيرة، ما يطرح معه سؤالاَ في غاية الأهمية يهم ملايين المواطنين.. هل يجوز تفتيش الشخص والقبض عليه حال اتهامه في قضية سابقة؟.

 

هل الاتهام في قضية يبيح القبض والتفتيش؟
 

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية مدى جواز تفتيش المتهم وقائيا أو قضائيا عقب استيقافه استناداً لما أسفر عنه الكشف الفني عليه من اتهامه في عدة قضايا؟ أو هل الاتهام في قضية يبيح القبض والتفتيش؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.  

  

والواقعة سالفة البيان قدمت فيها النيابة العامة المتهمين إلى محكمة الجنايات لحيازتها واحرازهما جوهر الهيروين المخدر وحكم عليهما بالسجن لمدة 3 سنوات، فطعن المتهمان على الحكم بطريق النقض بسند أن محكمة الموضوع التفت عن دفعهما ببطلان الاستيقاف لتخلف مبرراته، وأن القبض والتفتيش تما في غير أحوال التلبس وأن القضايا المزعوم اتهامهما بها جنح انقضت بالتصالح.

 

download (1)
 

 غير أن محكمة النقض رفضت الطعن المقيد برقم 46823 لسنة 85 جلسة 2017/12/09، تأسيساَ على أن التفتيش الذي أجراه الضابط للطاعنين كان بناء على ما أسفر عنه الكشف الفني وتبين اتهامهما في قضايا، بما يبيح لرجل الضبط التعرض لشخصهما وإجراء التفتيش الوقائي لشخصهما دون السيارة الخاصة قيادتهما، فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن جريمة كان إجراء صحيحاً ويعوَّل عليه في اتخاذ الإجراءات القانونية قبلهما ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن غير سديد.   

 

قانون الاجراءات الجنائية يجيز القبض على الشخص فى أحوال التلبس
 

وقالت محكمة النقض في ذلك بأنه من المقرر عملا بالمادتين 34، 35 من قانون اجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمانات الحريات اللتين تجيزا لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على 3 أشهر إذا وجدت دلائل كافيــة على اتهامه، وقد خولته المادة 46 من ذات القانون تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونا أيا كان سبب القبض أو الغرض منه.

 

download (2)
 

وكان سند إباحة التفتيش الوقائي في هذه الحالة، هو أنه إجراء تحفظي يسوغ لكل فرد من أفراد السلطة العامة المنفذة لأمر القبض القيام به درئا لما قد يحمله المتهم من سلاح أو أداة يلحق به أذى بشخصه أو يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه، فإنه بغير قيام مسوغ من القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي.

 

صحة القبض حال إجراء التفتيش الوقائي
 

وإذ كان ذلك، وكان قد تبين لضابط الواقعة حال فحصه تراخيص السيارات والكشف الفني عن المتهمين اتهامهما في قضية الجنحة المشار إليها، فقام بتفتيشهما وقائيا حتي يتمكن من فحص القضايا المتهمين فيها، فعثر مع المتهم الأول على علبة سجاير تحوى أربعة لفافات من جوهر الهيروين والذى أقر بأنها تخص المتهم الثاني وأنه حملها مقابل تذكرة منه لنفسه، بما يوفر حالة التلبس ويكون معه هذا التفتيش الوقائي قد توافر سنده القانوني و يكون قد تم صحيحا ولا يقدح في ذلك ما تضمنته الشهادة المقدمة من المتهم الأول بأن الجنحة المتهم فيها تم انقضاء الدعوى الجنائية فيها بالصلح، إذ توافر لضابط الواقعة سبب القبض حال إجراء التفتيش الوقائي.

 

download
 

ويُضيف "فاروق"- أن هذا الحكم فيه نظر إذ يخول لمأمور الضبط القضائي سلطتي القبض والتفتيش لمجرد سبق الاتهام وهو عكس ما اقرته المادتين 54 من الدستور و34 من قانون الإجراءات الجنائية اللتين لا تجيزا في غير أحوال التلبس القبض على المتهم وتفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب ولا يغني عن التلبس أو الأمر القضائي مجرد سبق الاتهام في جريمة.  

 

كما أن محكمة النقض تقرر في هذا الحكم أمور فيها نظر يجب مراعاتها ووضعها في عين الاعتبار، إذ تقرر تارة أنه بدون توافر سند القبض لا يجوز التفتيش الوقائي ولا القانوني حال أن سند القبض وهو التلبس لم يتوافر إلا بعد التفتيش الباطل، وتقرر النقض تارة أخري أن غرض التفتيش الوقائي هو التأكد من عدم حمل المتهم لسلاح أو اداة يؤذي بها نفسه أو غيره مما ينفذ القبض، ورغم ذلك تجيز للضابط تفتيش المتهم بإخراج علبة سجاير من جيبه وفتحها وفض ورقه بيها هيروين حال أنه يستحيل أن تحوي علبه سجاير بداخلها ورقة على سلاح أو أداه اعتداء. 

 

شروط الاستيقاف أن يضع الشخص نفسه طواعية موضع الشبهات
 

مثل هذه الوقائع تؤكد أن هناك قواعد ومبادئ قانونية توضع في غير موضعها ناهيك عن اغفال محكمة النقض ما دفع به المتهمين من انتفاء مبررات الاستيقاف الذي أدي إلي الكشف الفني المسفر عن سبق الاتهام في بعض القضايا رغم جوهريته إذ بدون توافر مبررات الاستيقاف يضحي قبض غير قانوني، ولعل الصحيح هو ما قضت به محكمة النقض في حكم آخر لها بأن من شروط الاستيقاف أن يضع الشخص نفسه طواعية واختيارًا في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ عن ضرورة تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته ومن ثم فإن استيقاف الضابط للطاعن دون بيان الحالة التي كان عليها وما إذا كانت تستلزم تدخله لاستطلاع جلية أمره هو قبض لا يستند إلى أساس في القانون يترتب عليه عدم الاعتداد بما يسفر عنه من دليل، طبقا للطعن رقم 28469 لسنة 85 جلسة 2017/06/07.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة