أحمد عرابى فى الطريق إلى سرنديب.. رسائل قائد الثورة قبل مغادرة القاهرة

الإثنين، 28 ديسمبر 2020 11:00 ص
أحمد عرابى فى الطريق إلى سرنديب.. رسائل قائد الثورة قبل مغادرة القاهرة الزعيم أحمد عرابى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم ذكرى نفى الزعيم المصرى أحمد عرابى إلى جزيرة سرنديب، وذلك بعد فشل الثورة العرابية، ودخول الإنجليز مصر واحتلالها، وقد قضت المحكمة بنفى عرابى وزملائه، ولكن ما الرسائل التي وجهها قبل مغادرته القاهرة؟

يقول محمود الخفيف فى كتابه "أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه":

كتب عرابى إلى جريدة التيمس كتابًا تاريخيًّا طويلًا قال فيه — بعد أن أثنى أعظم الثناء على محامييه: إنه اتبع ما أشارا به عليه وذكر "أن الوزراء الإنجليز قد أعلنوا قبل ذلك أكثر من مرة أنى ثائر ولست أتوقع أن يغيروا رأيهم فجأة" وأشار إلى براءته من تهمتى المذبحة والحريق، وقال: "إنه يغادر مصر مرتاح الضمير وملء نفسه الثقة فى المستقبل، لأنه يعتقد أن إنجلترا لن تستطيع أن تعوق الإصلاحات التى حارب فى سبيلها، وعما قريب ستلغى الرقابة الإنجليزية الفرنسية، وتتخلص مصر من قبضة الموظفين الأجانب الذين يشغلون كل منصب دون المصريين، وستطهر محاكمنا الوطنية من العيوب، وستوحد القوانين ويكون لها سلطة، وسيكون للأمة مجلس نواب ذو رأى مسموع وله حق التدخل فى شؤون الشعب المصرى، وسيطرد المرابون من القرى، وعندما يرى الشعب الإنجليزى تحقيق هذا كله يستطيع أن يتبين أن عصيانى كان له مسوغ عظيم.

إنى ابن فلاح مصرى وقد بذلت جهد طاقتى فى سبيل الحصول على هذه الإصلاحات لوطنى العزيز الذى أنتمى إليه والذى أحبه أشد الحب، ولكن سوء حظى حال بينى وبين ما أردت، وإذا لم تقف إنجلترا فى وجه هذه الإصلاحات وسلمت مصر للمصريين كما تقتضيها ذمتها وشرفها فيومئذ يتبين للعالم كله حقيقة مساعى عرابى العاصى وحقيقة أغراضه".
 
وأثنى عرابى أعظم الثناء على مستر بلنت "الذى لم يدخر جهدًا ولا مالًا ليعيننى فى ساعة محنتى وحاجتي، فى حين تخلى عنى جميع أصدقائى المصريين الذين كانوا يلازموننى فى أيام اليسر".
 
واختتم رسالته بقوله: "إنى أغادر مصر مقتنعًا كل الاقتناع أنه كلما مرت الأيام اتضح للعالم عدالة قضيتنا شيئًا فشيئًا، وسوف لا تندم إنجلترا على ما أظهرت من إنسانية وتسامح إزاء رجل حاربها وحاربته".
 
وبعد أربعة أيام من صدور الحكم على عرابى قدم إلى المحكمة العسكرية كل من محمود سامى وعلى فهمي، وعبد العال حلمى وطلبة عصمت، وكان مصيرهم مثل مصيره، وكذلك كان مصير محمود فهمى باشا ويعقوب سامى بعد هؤلاء بثلاثة أيام.
 
 
واتفق أخيرًا على أن تكون سرنديب منفى عرابى، فذهب إليه برودلى وبيمان يبلغانه بذلك فى 8 ديسمبر فارتاح عرابى لذلك المكان، قائلًا: "إنى أخرج من مصر بستان الدنيا، لأذهب إلى سرنديب جنة آدم"، وأخذ يحدث بلنت عما يذكره التاريخ القديم عن قصة هبوط آدم وكيف أنه حل بهذه الجزيرة فصارت تعرف بجنة آدم كما ذهبت حواء إلى الحجاز فصار يعرف بجنة حواء، واستبشر عرابى وشاع فى نفسه السرور.
 
ويذكر برودلى أن اللورد شارلز برسفورد كان يجمع المعلومات عن أسباب الحرب أثناء إقامته بالقاهرة فأحب أن يعرف ما يقول عرابى، وحمل نابيير إلى عرابى هذه الرغبة فكتب له تاريخًا موجزًا للأيام السابقة لضرب الإسكندرية، ثم وصف كيف قررت الحرب وكيف بدأت.
 
وكان عرابى شديد التطلع إلى معرفة ما تكتبه عنه الصحف الأوربية، وقد آلمه تغير الصحف العربية، وتنكرها له ولحركته، وترجم له الترجمة أقوال بعض الصحف الأجنبية كجريدة التيمس وستاندار والديلى نيوز، فسرى عنه كثيرًا، وكان ذلك من أسباب كتابته لجريدة التيمس.
 
أحمد عرابى
 
وكتبت جريدة "تروث" الإنجليزية تمتدح عرابى وتثنى على الحركة القومية فى مصر، فسر عرابى لهذا سرورًا عظيمًا وأعجبه اسمها وترجمته بالعربية "الحق" وقال: إنه يريد أن يعبر عن الحق فى جريدة "الحق"، فكتب إلى محررها المستر لابوشير رسالة افتتحها بقوله: "أرجو أن تسمح لى بأن أقدم إليك أصدق شكرى على ما أعلنته دائمًا من الحق فيما يتصل بى وبإخوانى فى أيام محنتهم، وإنى مقتنع كل الاقتناع ببراءة مقاصدك وأنك أردت دائمًا أن تظفر بما يتفق مع الحق من عدالة، وليس من شك فى أن أولى العدل من الرجال الذين يجودون بالعون لمن لحقهم سوء الحظ، فى ساعة حزنهم.
 
وبعد، فإنه لما كان لا يعنينى شيء أكثر مما يعنينى رخاء وطنى وتقدمه وسعادة أهله، وذلك على الرغم من أنى أغادره الآن إلى الأبد، فإنى أحب أن أذكر لك بعض الأمور الجوهرية التى لو روعيت جلبت الخير الكثير لوطنى وأفادت أهله فائدة عظيمة، وأحسب أنه لن يبلغك هذه الأمور فى غير هوى مثل رجل مجرب فقد كل ما يملك فى سبيل حب وطنه".
 
ومضى عرابى يذكر ما يرجوه من أوجه الإصلاح معقبًا على كل وجه بما يفسره، فأشار إلى ضرورة وجود مجلس نواب تام السلطة على أساس انتخاب حر، كما هو الحال فى الأمم المتمدنة، يُسأل أمامه الوزراء وينعقد لمدة محدودة لا تنقص عن خمس سنوات، وإلى ضرورة المساواة بين المصريين فى المعاملة وفى الضرائب، وإلغاء السخرة، بحيث يكافأ الناس على ما يؤدون من أعمال؛ لأن حياة الفقير تتوقف على عمله اليومي، وإلغاء الربا فى القرى، ووضع قانون عادل يطبق فى المحاكم ولا يعتدى عليه أحد، وأن تكون وظائف الدولة للوطنيين جميعًا على أساس الكفاءة والاستعداد، ولا بأس من أن يستخدم بعض الأجانب مع مراعاة الحالة الاقتصادية.
 
واختتم رسالته بقوله: "وإذا وافقت إنجلترا على اقتراحاتى هذه فلست أبالى بالنفى أو بأى شيء آخر يخبئه لى القدر".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة