أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

«السيبرانى.. اضغط هنا».. الضحك حتى البكاء مع أكرم القصاص

الإثنين، 23 نوفمبر 2020 08:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

«مرحبا بك فى عالم سيبران» هذه الجملة هى أول ما يقابلك عند البدء فى كتاب «السيبرانى.. اضغط هنا» للكاتب الصحفى الكبير أكرم القصاص، والصادر حديثا عن سلسلة كتاب الهلال، والذى يدور حول فكرة خطيرة هى «مجتمع التواصل الاجتماعى هو انعكاس المجتمع بكل تناقضاته».

 
ويقدم أكرم القصاص، المعروف بكتابته الساخرة، رؤية مميزة فى قراءة العالم الافتراضى الذى نعيش فيه، إنه عالم عشوائى مختلط، فيه كل شىء وعكسه، فيه الجد والهزل، والمدح والذم، والضحك والبكاء، وأنت بوصفك مواطن شبكى، ستجد نفسك أمام بوستات متنوعة لا رابط لها، ستجد نفسك، على حد وصف «القصاص» مواطنا مسطوحا على السرير فى حالة خطرة مغمض شبه ميت، وتنهال عليك مئات اللايكات والدمعات و«الألف سلامات».
 
وفى الكتاب يصف أكرم القصاص عالم السوشيال ميديا بأنه عالم عنكبوتى، واضح أحيانا، غامض غالبا، يضم أغلبية من الناس العاديين، وممثلين عن جماعات وتنظيمات، لجان سياسية تنفذ تعليمات، ولجان تسويق تنفذ خطط ترويج منظفات وسندوتشات، أو أشخاص وسياسات.
 
ويقول أكرم القصاص تحت عنوان «أنت مش أنت على فيس بوك»، إن مجتمع السوشيال ميديا، يحمل كل صفات المجتمع الطبيعى، بتنوعاته وأشخاصه، هناك الطيب والشرير، والهادئ والصاخب، والعارف والجاهل، والمدعى والحقيقى، والشريف والنصاب، والمتعجرف والعنصرى والمعتدل، والمسالم والشرير.. وهؤلاء لا يمكن اكتشافهم من أول نظرة.
كما أن لعالم السوشيال ميديا قواعد، أهمها أن من يصنع ضجيجا أعلى يصبح أكثر شهرة، بصرف النظر عما يقدمه، وأنك داخل هذا العمل تقدم تنازلا عن روحك مثلما قدم فاوست للشيطان.
 
والنتيجة، أن هذا العالم جعل البعض منا أكثر اندماجا والبعض الآخر أكثر عزلة، يفضل الاتصال افتراضيا.
 
يقول القصاص «مسكين وسعيد مواطن الإنترنت، خاضع لأكبر عمليات بث وتشيير ونشر، مثل موجات من الحر والبرد والرياح والرطوبة فى وقت واحد، ويذهب الكتاب إلى أن الكثير من الأفكار التى تنسب لأصحاب الحسابات من النجوم، إنما أنتجها متخصصون فى الدعاية والإعلان والتسويق، مثلما يقومون بتصميم أفكار إعلانات مبهرة.
 
لم يقدم أكرم القصاص أفكاره فى كوميديا سطحية، بل نجده يحفل بالكثير من الثقافة فنجد إشارات قوية إلى رواية 1984 للكاتب العالمى جورج أورويل، خاصة فيما يتعلق بشخصية «الأخ الأكبر» التى تقوم بالمراقبة، كما نجد حضورا لإدوارد سنودن، موظف وكالة المخابرات الأمريكية، كذلك نجد كتاب «تحول السلطة» لألفين توفلر، وكتاب «الرقميون» لستيفن بايكر، و«بنما ويكيليكس»، وفضائح الجارديان. 
 
كذلك يحظى الكتاب بالعديد من القصص الواقعية، والتى تأتى منسوبة إلى أصحابها، مثل قصة الفنان سعيد طرابيك الذى كان ضحية الإعلام والسوشيال ميديا، ويدحض الكتاب بعض الأفكار السائدة، فيقول الحقيقة أنه لا يوجد شىء مجانى، أنت تحصل على معلومات، وتعطى بيانات ومعلومات تخصك وغيرك، كما يقول إنه قد انتهى زمن البطل المطلق، الأسطورى، وحل مكانه زمن البطل المؤقت، لشهر، أسبوع، يوم، سنة بالكثير.
 
ويقول أكرم القصاص «إن شيمة أهل السوشيال ميديا المبالغة» ولا مفر من التهويل والتهوين، فهما صفتان أساسيتان فى العالم الافتراضى، ومثلما تتحول أدوات التواصل إلى أدوات لنشر الأخبار الكاذبة والأفكار، فهى أيضا أدوات لبث الشائعات وترويج الأخبار المفبركة، وقد تتحول إلى أدوات ابتزاز وتشهير تحت أيدى بعض القتلة الافتراضيين المحترفين.
ويتحدث أكرم القصاص عن الكارثة التى نعيشها بالأرقام، فحسبما رصد فى الكتاب فإن 5% يقودون مواقع التواصل الاجتماعى ويطرحون أفكارا جديدة، و95% يعيدون نشر أو ترديد ما ينشره القادة ويمشون وراءه ويعجبون به، وحتى من بين 95%، لا يوجد أكثر من 20% فقط يتخذون مواقف بناء على قراءة الموضوع أو مشاهدة الفيديو، والباقى يحكم من العنوان. 
 
إن كتاب «السيبرانى.. اضغط هنا» يقدم ضحكا ينتهى بدمع عندما ندرك حجم الكارثة التى سرنا إليها بكامل إرادتنا، متنازلين عن حريتنا من أجل الكثير من النميمة، وسمحنا لمواقع التواصل الاجتماعى أن تمتص دمنا.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة