حسين يوسف

نصر أكتوبر.. حرر الأرض وصان العرض وأنقذ العرب

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك لحظات وأيام فارقة فى تاريخ الشعوب، تمثل علامات مضيئة فى حياتها، وتكون بمثابة النبراس الذى تهتدى به أجيالها على مر الدهر، وترتكز عليه لتحقيق الإنجازات والتقدم والازدهار الذى يرسخ مكانتها بين الأمم.

وقد أنعم الله سبحانه وتعالى على مصر بكثير من تلك اللحظات والأيام أكثر بكثير من أى أمة أخرى، ويحفظ التاريخ لها عددا كبيرا من تلك الأيام التى حققت فيهم مصر  انتصارات  مدوية وعظيمة، ودحرت خلالها كافة أعدائها من المتربصين والطامعين فى خيراتها، وكانت لها اليد الطولى التى تنتزع النصر من بين أنياب كل من تسول له نفسه محاولة الاقتراب من ثوابتها الوطنية أو ترابها الغالى.

وفى العصر الحديث يبرز نصر أكتوبر المجيد كعلامة مضيئة ولحظة فارقة فى تاريخ مصر شعبا وجيشا، فقد كان انتصارا عظيما، وأعاد تشكيل خريطة القوى فى العالم، وأطاح بكثير من نظريات الحرب وجعل الخبراء الحربيين على مستوى العالم يغيرون خططهم الاستراتيجية، وأصبحت عملية العبور مرجعا عسكريا يدرس فى أكاديميات الحرب فى العالم، بعد أن حطم الجندى المصرى كافة النظريات العسكرية الثابتة، وأجبر بصلابته وقوته وفدائيته المؤرخين العسكريين على الإشادة والنبهار بما جري، لدرجة أن إدجار أبولانس المؤرخ العسكرى البريطانى الشهير يصف العبور بالقول "كانت معجزة عسكرية مكتملة الأركان". 

نصر السادس من أكتوبر لم يكن فقط نصرا مبينا أعاد الأرض المباركة الطيبة إلى أحضان أمها الحنون، بل كان بمثابة بعث الحياة من جديد فى الجسد العربى، الذى راهن العالم أنه لن تقوم له قائمة مرة أخرى بعد نكسة 67 التى فجعت الأمة العربية باحتلال العدو الصهيونى بمساعدة وتأمر الدول الغربية، لأجزاء كبيرة من أربع دول عربية هى مصر والأردن وسوريا وفلسطين، وبدأت الدول الغربية فى وضع سيناريو لاستغلال الوطن العربى وسرقة مقدراته والاستيلاء على موارده، ولكن جاء نصر أكتوبر العظيم ليقلب مؤامراتهم وخططهم الدنيئة رأسا على عقب، ويضخ دماء العزة والكبرياء والكرامة فى جسد الأمة العربية، فكان السادس من أكتوبر يوما فارقا فى التاريخ الحديث للأمة العربية.

وخلال الحرب تجلت الوحدة العربية والتضامن العربي فى أروع صورها، حيث شعر جميع العرب بالخطر ومدى المؤامرة التى تحاك ضد الامة العربية بمحاولة كسر أقوى دولها، ليصبح باقي العرب لقمة سائغة لمطامع الدول العربية، ولذلك هب العرب وساهمت غالبية الدول العربية فى تلك الحرب ، برجال وعتاد وبعضها بمساهمات رمزية، وأكد هذا التضامن العربي أن العرب إذا أرادوا القوة فوحدتهم هى القوة التى لن يقف أمامها أحد.  

هناك دروس كثيرة وقصص عظيمة لا تنضب يزخر بها نصر أكتوبر تترجم مدي بسالة وفداء وتضحية الجندي المصري، قصصا تروي للأجيال القادمة لتكون لهم نورا وبرهانا على عظمة أبائهم وأجدادهم وقوتهم في الدفاع عن حقهم وكرامتهم وأرضهم،كما شهدت حرب اكتوبر أرفع معاني التلاحم والتعاون والانصهار في حب الوطن بين الشعب والجيش وهو التلاحم الذي كان بمثابة شرارة القوة الجبارة التى سرت فى دماء جنودنا البواسل الذين عبروا الصعب واجتازوا كافة الموانع لتحقيق الإعجاز والإنجاز بانتصار حرر الأرض وصان العرض.

وعلى مر التاريخ هناك ارتباط روحي وثقة وحب وتلاحم بين شعب مصر وجيشه الباسل الأبي ، فكان الجيش المصري دائما السند والحصن الحصين لشعب مصر وأمنها وأمانها واستقرارها.

العبرة من نصر اكتوبر هى رسالة للأجيال على مر الزمان أن اللُحمة بين الشعب والجيش تكسر وتحبط كافة المخططات الشريرة لمصر. وأن التكاتف بين أبناء الشعب وقيادته وقواته المسلحة هو السلاح الفتاك ضد مخططات قوي الشر والإرهاب.

وفي هذا اليوم الخالد في تاريخ مصر، نتوجه جميعا بالتحية لكل شهيد سالت دماؤه لتطهر أرض الفيروز من رجس المحتل، وتحية لكل جندي وضابط وقائد وضع روحه علي كفه وخاض معركة الشرف يصبو للشهادة أو النصر، تحية وتقدير وإعزاز لكل قواتنا المسلحة في ذكري انتصارها ال47 الذي هو بمثابة عيد لمصر كلها.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة