سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 10 أكتوبر 1958.. ثروت عكاشة يزور عبدالحكيم عامر ويقبل ترشيحه وزيرًا للثقافة..وعبدالناصر يتصل به: «نحن فى حاجة إلى جميع المستنيرين»

السبت، 10 أكتوبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 10 أكتوبر 1958..  ثروت عكاشة يزور عبدالحكيم عامر ويقبل ترشيحه وزيرًا للثقافة..وعبدالناصر يتصل به: «نحن فى حاجة إلى جميع المستنيرين»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خرج الدكتور ثروت عكاشة من مقابلة جمال عبدالناصر، بعد أربع ساعات من النقاش بينهما يوم 9 أكتوبر 1958، كان «عكاشة» متمسكا خلالها بالاعتذار عن اختياره وزيرا للثقافة، بينما أصر «عبدالناصر» على ترشيحه. «راجع، ذات يوم، 9 أكتوبر 2020».
 
يكشف «عكاشة» تفاصيل هذا الحدث فى الجزء الأول من مذكراته، ويعد مفصليا فى تاريخ الثقافة المصرية لأنه كان زمن ازدهارها الحقيقي، يتذكر طبيعة اللقاء، قائلا: «كان الرئيس بالغ الصبر، وكنت شديد العناد والتصلب»، ويكشف أنه خرج من المقابلة متوجها إلى بيت المشير عبدالحكيم عامر، وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، الذى يرتبط معه بصداقة قوية، يذكر: «هنأنى عامر بتعينى وزيرا للثقافة، وهو يقول لى: «ها أنت الآن فى الموقع المناسب لتكوينك وتحقيق أمنياتك القديمة لصالح الفن والثقافة»، يضيف: «حين سردت عليه موجز ما حدث بينى وبين الرئيس، قال: «إن عبدالناصر يعتمد عليك فلا تخيب أمله فيك، ثم أنه أوحى لك بأن تأخذ فرصة فى ممارسة مسؤوليات هذا المنصب الجديد، فإذا مضت مدة ووجدت أن هناك عقبات فعلية فى طريق إنجازك لمشروعاتك، كان من حقك ساعتها أن تطلب من الرئيس إعفاءك من المنصب الوزارى، وساعتها سيوافق الرئيس دون أن يجد ذلك ما يغضبه عليك، أو يخيب أمله فيك، أما الآن فلا يجوز».
 
اعتكف «عكاشة» ليلتين فى بيته، 10 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1958 و 11 أكتوبر، ليقلب مسألة قبوله المنصب أم لا؟، يتذكر: «فى صباح اليوم الثالث تلقيت مكالمة من الرئيس يسألنى فيها عن رأيى الذى انتهيت إليه، فأجبته قائلا: أصارحك أننى حتى الآن لم أحس بالراحة لقبول هذا المنصب، فقال ضاحكا: هيا إلى مكتبك على بركة الله ولا تهتم براحة النفس هذه فأنا كفيل بتحقيقها لك».
 
يتذكر عكاشة: «دخلت إلى مكتبى راضيا بما قدر لى، وانحسم الصراع الذى مزق نفسى أياما ثلاثة، وأخذت أوطد العزم على العمل رغم معرفتى بما قد يجابهنى من عقبات، ورفعت سماعة التليفون لأبلغ الرئيس جمال أننى أحدثه من مكتبى بقصر عابدين، وأحسست بدفقة الحماسة فى صوته وهو يطمئننى قائلا: تأكد أننى سأوليك كل الدعم والرعاية، فإنى واثق أنك سوف تستطيع أن تشكل رباطا وثيقا بين حركة المثقفين وحركة الثورة لتخلق منها وحدة فعالة، فنحن فى حاجة إلى تعاون كافة المفكرين المستنيرين فى إحداث التنمية الاجتماعية المنشودة».
 
يضيف: «استمهلت الرئيس شهرين أوثلاثة أقوم خلالها بدراسة مبدئية لأوضاع الوزارة وتفرعاتها حتى أضع تصورى الخاص للانطلاق الثقافى، وأحدد الخطة التى يمكن أن تحقق هذا الهدف لأعرضها عليه بعد اكتمالها، فقال لى مشجعا: «تلك هى البداية السليمة، فخذ الوقت الكافى للدراسة والتأمل قبل أن تصبح تصوراتك قرارات توضع موضع التنفيذ، وبدأت أغرق نفسى فى العمل ليل نهار، وكأنما مرت يد سحرية على ذاكرتى فمحت منها تخوفاتى السابقة، وترددى الذى صرت أندم على أنه حدث فى فترة كانت تمثل نقطة تحول بين عملين كلاهما له مسؤولياته الكبرى».
 
يسجل «عكاشة» إيمانه بأن أية إنجازات علمية أوعملية، فكرية أوفنية لايمكن أن تولد من فراغ، وإنما هى حصيلة أفكار وآمال وجهود أجيال من المثقفين على مر السنين، يؤكد: «حين اضطلعت بعبء وزارة الثقافة للمرة الأولى»، نوفمبر 1958 إلى سبتمبر 1962، وجدت الفرصة أمامى مواتية لكى أضيف إلى تلك الجهود الأولى جهودا أخرى واجبة تتمم ما فات، وكان هذا بفضل المثقفين الذين استعنت بهم، والذين هيأتهم النهضة الفكرية التى بدأت مع مطالع العشرينات (القرن الماضى)، وبالاستئناس بجهود أستاذنا النابه فتحى رضوان الذى حققت وزارة الثقافة والإرشاد القومى فى عهده إنجازات فنية عظيمة فيها الجدة والابتكار، وأرست أسسا للفنون على قاعدة صحيحة بالرغم من قصر المدة التى تولى خلالها مسؤوليتها الجديدة».
 
يذكر «عكاشة»، أن وزارته بحكم أنها كانت وليدة كان عليها أن تخلق وتنشئ فى شتى المجالات قدر استطاعتها، واضطرت لهذا أن تتحمل عبء الإنشاء والإنتاج معا، وكان لزاما عليها أن تجند أكبر عدد من المثقفين وتُسلم إليهم قيادات أجهزتها الثقافية، يؤكد: «لحسن الحظ كان جمال عبدالناصر معنيا بمسائل الثقافة، حريصا على دعم المشروعات الثقافية، مؤمنا بأن ازدهار الثقافة يؤدى فى مجال الفكر ما يؤديه التصنيع الثقيل فى قطاع الصناعة، شغوفا بأن يرى للقلم رسالة فى شحذ وجدان الأمة، لا تقل عن رسالة المدفع فى حماية حدود الوطن، وفى تعانقهما معا ما يتيح للأمة التطور والارتقاء، ولا ننسى أنه للمرة الأولى فى التاريخ المصرى أنشأ وزارة للثقافة وأخرى للبحث العلمى أثناء اضطلاع الثورة بأعبائها».  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة