"هى تلك مملكتى" ديوان جديد لـ أحمد عايد فى معرض الكتاب

الجمعة، 31 يناير 2020 02:00 ص
"هى تلك مملكتى" ديوان جديد لـ أحمد عايد فى معرض الكتاب غلاف الديوان
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر حديثا للشاعر أحمد عايد صدور ديوانه (هى تلك مملكتي) عن دار تبارك للنشر والتوزيع، فى معرض القاهرة الدولى للكتاب- الدورة 51، والديوان هو الثانى من ثلاثيته الشِّعرية التى بدأت بديوانه (سبع كلمات زرقاء) الذى صدر عن دار تبارك أيضًا العام الماضي.
 
أحمد عايد
 
وعن الديوان يتحدث عايد: لقد اعتمدتُ فى هذا الديوان بناءً مغايرًا عن سابقه، فقد كان (سبع كلمات زرقاء) سبع قصائد فقط، كل قصيدة تدور فى فلك كلمة مفردة، ومحاولة البحث عن تجلياتها وأعماقها، وكانت القصائد طويلةً إلى حدٍّ ما. أما فى (هى تلك مملكتي) فالديوان يتكون من اثنتين وعشرين قصيدة تتشكل فى أربعة أجزاء وبداية وأبد، ويحاول كل جزء أن يستكشف منطقة من الحياة، الوجود- الحب- الذات- الكتابة.
 
وعن فكرة الثلاثية، يقول عايد: لقد جاءت فكرة الثلاثية حين بدأت تحاصرنى الأسئلة، لا أقصد الأسئلة الكبيرة، بل أقصد الأسئلة التى تؤرقنى أنا شخصيًّا تجاه الشِّعر والوجود والكتابة، وفى لحظة ما –وهى لحظة تمتد لسنتين كتبتُ خلالها الثلاثية- كان على أن أجيبَ عن هذه الأسئلة بالكتابة.. وبالكتابة وحدها. هناك نصيحة ذهبية بخصوص الكتابة تقول: إن كنت تريد أن تعرف ما الكتابة وكيف تكتب، فما عليك إلا أن تكتب. أظنُّ أن ثلاثيتى الشِّعرية كانت تطبيقًا لهذه القاعدة. أنا مدينٌ للكتابة بفضلٍ كبيرٍ فى حياتي. وهذه الثلاثية أعتبرها طوق نجاةٍ لي، لقد اكتشفتُ ذاتى أكثر، وتكشَّفت لى الكتابة أكثر وأكثر، وأظنَّ أن المتابعين لكتابتى يلاحظون تطوُّرًا فيما أكتبه، وقد حدث هذا بالفعل مما أستكشفه من تعليقات وردود أفعال القراء لـ(سبع كلمات زرقاء). لقد كنتُ أسعى إلى أن أجعل لغتى رهيفةً ورشيقةً وسريعةً، لا معاضلة فيها ولا فى مجازها ولا فى خيالها. وقد جاءتنى ردود أفعال من قرّاء كثيرين -لم يكونوا يقرأون الشِّعر من قبل- مدهشةً.
وحين سألناه عن كيفية الكتابة لديه، أجاب عايد: أؤمنُ بمبدأ عدم التعجُّل فى النشر؛ هذه الثلاثية كُتبت فى عامى 2014، و2015، وقررتُ أن أصدرها كل جزءٍ بمفرده، وفى كل عامٍ أعمل على تحرير الديوان الذى سيصدر فى العام المقبل، صدر العام الماضى الجزء الأول، وبعد أيام يصدر الجزء الثاني، وفى العام المقبل سيصدر الجزء الثالث إن تيسرت الأمور. أعتقد أن الشِّعر ليس صيحةً ولا موضةً، على الشاعر أن ينتظر على قصيدته حتى تنضج وتستوى على عودها، ويعيد فيها النظر مرارًا وتكرارًا، لقد ولى زمان قصيدة الحدث، أظنُّ أن الشاعر الذى يحترم قصيدته عليه أن ينأى بنفسه عن هذا، وأن يقف احترامًا أمام القصيدة، وأن يصلى مرارًا حتى تأتيه قصيدةٌ تستحق النشر.
 
من الديوان:
 
 
حِيَادٌ
أَفَقْتُ...
 
الشَّمْسُ سَاطِعَةٌ، تُنَقِّبُ عَنْ
أَنَاقَتِهَا. تُدَلِّلُ نَفْسَهَا فِى حَائِطٍ
مُتَهَالِكٍ مُتَكَاسِلٍ عَنْ حَمْلِ
أُغْنِيَةِ الْحَيَاةِ!
 
سَأَلْتُ ذَاتِي:
"آلْمَقَابِرُ مَنْزِلٌ يَتَحَوَّلُ الْإِنْسَانُ فِيْهِ
كَائِنًا لَا يَمْلِكُ الْأَشْيَاءَ وَالْإِحْسَاسَ؟".
 
هَذَا طَائِرٌ يَمْشِى عَلَى أَرْضٍ.
تَفُوْحُ رَوَائِحَ الْمَوْتَى. وَكَلْبٌ نَائِمٌ.
رَجُلٌ يَبُوْلُ عَلَى الْجِدَارِ كَأَنَّهُ
مُسْتَهْزِئٌ مِنْ حِكْمَةِ الْمَوْتِ الْمَهِيْبَةِ.
 
لَا مَلَامِحَ فِى الْمَقَابِرِ؛ كَيْ
أَقُوْلَ: هُنَا حَيَاةٌ أَوْ مَمَاتٌ.
بَلْ حِيَادٌ كَامِلٌ. لَوْنٌ رَمَادِيٌّ.
يُوَاجِهُنَا بِطَلْسَمَةِ السُّؤَالِ عَنِ
الْوُجُوْدِ وَعَنْ وُجُوْدِ الرُّوْحِ!
 
مَا هَذَا؟!
أَهَذَا كُلَّهُ عَدَمٌ؟!
 
 
 
حِيْنَ تَكُوْنِيْنَ فِى الْبَيْتِ
كُلُّ هَذَاْ سَيَحْدُثُ
حِيْنَ تَكُوْنِيْنَ فِى الْبَيْتِ عِنْدِيْ:
سَتَرْقُصُ زَهْرَةُ فُلٍّ وَأَنْتِ تَمُرِّيْنَ،
تُشْرِقُ شَمْسٌ بِأَعْلَى الْحَوَائِطِ
تَنْظُرُ فِى حَسَدٍ صَوْبَنَا،
يُسْنِدُ الْكُوْبُ كُوْبًا لِئَلَّا يَطِيْحَ،
تَصِيْحُ النَّوَافِذُ: مَنْ تِلْكَ؟
مَنْ؟ مَنْ؟!
مَلَائِكَةٌ تَتَلَصَّصُ...
سَجَّادَةُ الْبَهْوِ سَوْفَ تُمَدَّدُ
كَى تُكْثِرِى الْخُطُوَاتِ عَلَيْهَا.
*
كُلُّ هَذَاْ سَيَحْدُثُ
حِيْنَ تَكُوْنِيْنَ فِى الْبَيْتِ عِنْدِيْ:
تَرُوْحِيْنَ صَوْبَ السَّرِيْرِ،
سَتَضْحَكُ مِرْآةُ غُرْفَةِ نَوْمِيْ.
وَأَنْتِ تَفُكِّيْنَ عَنْكِ الْمَلَابِسَ،
أَصْرُخُ: تِلْكَ الْمَمَالِكُ لِيْ!
وَالْوَسَائِدُ تَقْفِزُ حَوْلِي.
الْغِطَاءُ يَكَاد يُجَنُّ.
وَأَنْتِ بِحَارٌ وَمَوْجٌ،
وَمَوْجٌ أَنَا.
*
كُلُّ هَذَاْ سَيَحْدُثُ
حِيْنَ تَكُوْنِيْنَ فِى الْبَيْتِ عِنْدِيْ:
سَيَمْشِى السَّحَابُ إِلَيْنَا
وَيَتْرُكَ مَاءً عَلَيْنَا
وَنَسْمَعُ بَعْضَ الْأَغَانِيْ
وَأَرْسُمُ قَلْبِى عَلَى فَخِذَيْكِ
وَأُسْنِدُ رَأْسِى عَلَى كَتِفَيْكِ
أَنَامُ
 تَنَامِيْنَ
  أَصْحُوْ
    وَأَكْتُبُ فِى وَرَقِيْ:
(كُلُّ هَذَاْ سَيَحْدُثُ
حِيْنَ تَكُوْنِيْنَ فِى الْبَيْتِ عِنْدِيْ...)
 
 
 
 
 
خُذِيْنِى وَلَا تُرْجِعِيْنِيْ
رِيَاحٌ تَهُزُّ الضُّلُوْعَ/
الزُّهُوْرُ تُحَاوِلُ أَنْ تَتَفَادَى الرِّيَاحَ
 
وَفِى وُسْعِ ذَاكِرَةِ الرُّوْحِ
أَنْ تَسْتَعِيْرَ يَدَيْهَا
لِتَكْتُبَ مَا تَشْتَهِيْ
فَوْقَ مَاءٍ يُدَرِّبُ قَلْبِيْ
عَلَى الضَّحِكِ الْأَبْيَضِ اللَّوْنِ
حِيْنًا، وَحِيْنًا يُعَلِّمُنِى أَنْ أُطَارِدَ
مَا لَيْسَ مِنِّيْ، يَقُوْلُ: "تَمَسَّكْ
بِهِ. هُوَ ذَا مَا تُرِيْدُ"!
 
رِأَيْتُكِ مِنْ قَبْلُ- سِرْنَا مَعًا
فِى الْمَسَاءِ- رَكَضْنَا- وَضَاقَ
الزَّمَانُ/ الْمَكَانُ بِنَا- وَارْتَعَشْنَا-
انْتَعَشْنَا- انْتَشَيْنَا- انْمَحَيْنَا- وَخُضْنَا
بِلَادًا وَرَاءَ الزَّمَانِ..
 
رَأَيْتُكِ مِنْ قَبْلُ- أَعْرِفُ هَذَاْ-
وَأَعْرِفُ أَنِّى أُرِيْدُ الْبَقَاءَ لَدَيْكِ-
وَأَنِّى أُحِبُّكِ أَكْثَرَ مِنِّيْ_
وَأَنِّى أُغَنِّيْ؛
لِأَنِّى أُحِبُّ وُجُوْدَكِ فِيَّ_
وَأَنِّى أُرِيْدُكِ وَحْدَكِ
وَحْدَكِ رُوْحًا لِرُوْحِيْ
وَظِلاًّ لِظِلِّيْ..
وَبَعْضًا لِبَعْضِيْ..
وَكُلاًّ لِكُلِّيْ..
 
[خُذِيْنِيْ
وَفِيْكِ اتْرُكِيْنِيْ
وَلَا تُرْجِعِيْنِيْ
فَإِنِّى أُحِبُّكِ
حَدَّ الْفَنَاءِ]
 
خُذِيْنِيْ؛ لِأُكْمِلَ نَفْسِى بِنَفْسِكِ
كَى أُكْمِلَ اللَّحْنَ/ لَحْنِى الْأَخِيْرَ
وَحَتَّى أَصِيْرَ
غِنَاءَ اللَّيَالِى الْجَدِيْرَ
بِهَذَا الْمَصِيْرِ...
 
 
 
 
قَصِيْدَةٌ أُخْرًى
مَعِى وَقْتٌ وَنِصْفٌ
كَى أَقُوْلَ قَصِيْدَةً أُخْرَى
فَكَيْفَ سَأُقْنِعُ الْكَلِمَاتِ بِالْمَعْنَى
وَكَيْفَ أَقُوْلَ مَا يُرْضِى الْحَبِيْبَةَ؟
 
فَلْتُعِيْنِيْنِى عَلَى نَفْسِيْ؛
فَإِنَّ الشِّعْرَ يَفْتِنُنِيْ،
وَإِنَّ الْأَبْجَدِيَّةَ مِهْنَةُ الْفَوْضَى
وَمِهْنَةُ مَنْ يُجِيْدُ تَنَازُعَ الْمَعْنَى
وَإِقْنَاعَ الْبَلَاغَةِ بِالْبَرَاءَةِ
مِنْ دَمٍ مُتَجَلِّطٍ فَوْقَ اللِّسَانِ
 
/هُنَا/
انْتَظَرْتُكِ؛ كَى أُحِبَّكِ
 
كَيْفَ أَنْجُوْ مِنْ كَلَامٍ آسِنٍ فِى مُعْجَمِيْ؟
أَمْ كَيْفَ أَرْكُضُ عَارِيًا بَيْنَ السُّطُوْرِ؟
وَكَيْفَ أَخْرُجُ لِلطَّرِيْقِ الْعَامِّ دُوْنَ تَبَرُّجٍ؟!
 
/لَا/
لَسْتُ أَحْتَاجُ الْمَجَازَ لِكَى أُحِبَّكِ.
لَا أُرِيْدُ مِنَ الْكَلَامِ سِوَى الْكَلَامِ بِمَا أُرِيْدُ،
وَنُقْطَةً بَيْضَاءَ فِى وَسَطَ الظَّلَامِ؛
لِكَى أَسِيْرَ.. لَهَا وَلَوْ كَانَتْ مَمَرًّا لِلْجَحِيْمِ،
أُرِيْدُ خَارِطَةً.. وَلَوْ حَتَّى إِلَى مَنْفًى،
وَمِفْتَاحًا لِبَابِ الْبَيْتِ
 
لَا. لَا.. لَا أُرِيْدُ قَصِيْدَةً مَسْرُوْقَةً
وَبَلَاغَةً مَرْمُوْقَةً
 
لَا.
 
هَكَذَاْ
بِسُهُوْلَةٍ
أَنْسَى ظِلَالَ كَلَامِهِمْ
وَسَأَصْرُخُ الْآنَ...
"انْتَظَرْتُكِ!
كَمْ أَحِبُّكِ!".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة