مصر لها تاريخ رسمى وتاريخ شعبي مثل كل بلدان العالم، لكن أعتقد أن تاريخها الشعبى أكثر غناء من بلدان أخرى لأنها بلد حضارة وأناس يحبون الحياة، ومن هنا سوف نتوقف مع كتاب مهم بعنوان "حرافيش القاهرة" لـ عبد المنعم شميس، بمناسبة صدور طبعة جديدة عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، ونتأمل معه حكايات وقصص حدثت فى منطقة عابدين بالقاهرة.. ونتوقف اليوم مع حكاية "خليل أغا".
يقول الكتاب تحت عنوان "باشوات وأغوات" كان أشهر أغا فى مصر هو خليل أغا، والأغا هو الرجل الخصى الذى أفقد ذكورته منذ كان طفلاً، ولذلك كان يسمح له بخول مناطق الحريم، وقد يبلغ الأمر أن يدخل مع السيدة فى الحمام فلا يخشى منه لأنه والسيدة سواء.
وخليل أغا الخادم الخاص للخديوى إسماعيل، وكان مقربا إلى والدة باشا، وهى والدة الخديوى إسماعيل، وقد اشترك الخديوى ووالدته فى الإغداق على خليل أغا حتى أصبح من كبار الأثرياء فى مصر، وله أوقاف هائلة وهناك فى حى القلعة عمارات سكنية معروفة كان يملكها خليل أغا وله مدرسة باسمه فى العباسية وشارع فى جارن سيتى.
وكان الخديوى إسماعيل يلبس خليل أغا على مزاجه لأنه خادمه الخاص الذى يقدم إليه فنجان القهوة، أو يؤدى له رغباته الخاصة فى طاعة وخضوع لأن الطاعة وحدها لا تكفى بل يجب أن يؤدى مراسم الخضوع لأفندينا ولى النعم فينحنى عند المثول بين يديه، ويتراجع إلى الوراء عندما يأمره بالانصراف، وقد اختار الخديوى لخليل أغا زيه الرسمى وهو البدلة الأسطمبولى السوداء ذات الأزرار المقفولة حتى العنق والقميص الأبيض ذو الياقة المنشاة والإسورة المنشاة أيضا وتوضع بها زراير ذهبية وتظهر الياقة عالية فوق السترة، كما يضع فى قدميه حذاء من جلد الفرنيه الأسود اللامع وعلى رأسه طربوشا قصيرا بلا زر على أن يناسب احمرار الطربوش لون خليل أغا الأسمر.
