د. إبراهيم نجم

حماية الوطن فى إعادة بناء الوعى

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أخطر الأمور التى تواجه مصر فى معركتها الراهنة مع قوى التطرف والإرهاب والمتاجرين بالدين والوطن هو قضية تزييف الوعى بتشويه الحقائق ونشر الشائعات والأفكار المغلوطة، وقد أسهم الاستغلال السيئ والمتعمد والممنهج لمواقع التواصل الاجتماعى فى خلط الحق بالباطل، ومحاولة رفع الثقة بكل شىء يبعث على الاستقرار والطمأنينة، سواء أكان الدين أو الوطن أو الأسرة أو المؤسسات الدينية أو التعلمية أو الدولة أو المسؤولين أو علماء الدين ورجاله.
 
ومعروف فى علوم الإعلام الحديثة أن ترويج الشائعات واستعداد الناس لقبولها وتصديقها أمر سهل، لكن نزع هذه الأكاذيب من النفوس بعدما رسخت فيها أمر فى غاية الصعوبة 
إنها حقاً سياسة الفوضى الخلاقة التى هددونا بها ورصدوا المليارات لتمريرها، ونحن نحتاج الآن وبشدة إلى إعادة بناء وهيكلة النفوس والعقول حتى تصبح نفوسا قوية وعقولا واعية مقاومة لحملات التزييف والتشكيك ورفع الثقة، فالأمر أصبح يمثل خطرًاحقيقيا على أمن وسلامة المجتمع.
 
وإذا نظرنا إلى منهج الإسلام فى بناء وتكوين العقلية الواعية التى يصعب اختراقها بالأكاذيب نرى مثلا أن أحدأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو حذيفة بن اليمان، رضى الله، عنه يقول كان الناس يسألون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى، هذه فلسفة وحكمة وتربية نحتاج أن نتعلمها، وأن نستفيد منها؛ أن يدرك الإنسان حقيقة ما يقع حوله من أخطار وشرور، ومن كوارث طبيعية أو من أخطار فكرية تدمر عقول الشباب وتعمل على تدمير الوطن، ومعرفة ما يدور فى المجتمع وخارجه من مخططات شيطانية خبيثة، والهدف من هذه المعرفة إحداث نوع من الوقاية والحماية للفرد والمجتمع، على حد قول أبى فراس:
 
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه... ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه
 
وذلك لأن الإنسان إذا جهل الأخطار والشرور وأنواعها الظاهرة والخفية داهمته هذه الأخطار دون أن يقاومها، وقد يتقبلها فى البداية على أنها من الخير ولا يشعر بمكمن الشر فيها إلاب عد فوات الأوان، كما تقبل بعض الناس وجود الجماعات الإرهابية المتطرفة المتاجرين بالإسلام على أنهم حملة راية الدين ورجال العلم والدعوة والفضيلة وكانت الحقيقة على خلاف ذلك تماما.
 
وقد كان علماؤنا الأوائل منذ فجر الحركة العلمية فى الإسلام يدركون أهمية بيان الأخطار وتفنيد الأفكار الزائفة والرد عليها. فألفوا فى ذلك الكتب التى تجمع مقالات وأفكار الفرق الضالة المنحرفة. فكتب الإمام أبو الحسن الأشعرى أمام أهل السنة والجماعة كتابه القيم مقالات الإسلاميين، الذى رصد فيه الأفكار المتطرفة السائدة فى هذا الوقت. وجاء من بعده الإمام عبد القاهر البغدادى. فألف كتابه القيم الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم وغير ذلك الكثير.
 
وفى الأزهر الشريف كان الطلاب يدرسون مادة الفرق الإسلامية التى تدرس مقالات الفرق الغالية، وتفند أقوالها فتكون عند الطالب ملكة وبصيرة يستطيع بها أن يرد ما يسمع ويشاهد من مقالات متطرفة وممارسات متشددة إلى جذورها التى تعلمها فى علم الفرق، وكنت أرجو أن يدرس القائمون على تطوير المناهج الدينية تطوير هذه المادة لتشمل ما يدور حولنا من أفكار وقضايا معاصرة، ونحن نحتاج إلى دراسة أفكار هذه الفرق والجماعات المعاصرة فكريا وتاريخيا بتفصيل وتتبع وتدقيق شديد، وأن تخرج نواتج هذه الجهود فى صور متعددة تناسب جميع المستويات والأفكار وبوسائل متعددة، مثل الموسوعات والكتب والكتيبات والأفلام والبرامج الحوارية وصفحات التواصل الاجتماعى، وقد أنجزنا شيئا كبيرًا من هذا الرصد والتتبع والنقد فى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، فرصدنا جميع هذه المقالات وأصدرنا الموسوعات والدراسات المتخصصة وغير المتخصصة، وأنتجنا عددا من الأفلام الموشن جرافيك تتناول كثيرا من هذه المقالات، وهى خطوة مهمة فى معركة بناء الوعى التى تخوضها الأمة الآن.. وللحديث بقية. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة