وإتجمعوا العُشّاق فى عرض "الخان"

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019 01:26 م
وإتجمعوا العُشّاق فى عرض "الخان" عرض الخان
كتب: أيمن غالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هم عشاق للمسرح إجتمعوا على خشبات مسرح الجامعة وفرق الهواة ، ثم أخذتهم دوامات حيواتهم الخاصة طيلة عشرين عام غابوا عنه ، لكن عشق الوقوف على خشبة المسرح ظل نابضا بقلوبهم وأرواحهم ، إلى أن تحقق هذا الحلم فعادت فرقة "كيميا" - نسبة إلى قسم الكيمياء بكلية العلوم - بالعرض المسرحى "الخان" عن النص المسرحى "رَصَد خان" من تأليف محمد على ابراهيم وإخراج حسام التونى.

عرض-مسرحية-الخان-(1)

إستطاع الزمن أن يحفر خطواته على ملامحهم وأجسادهم ولكنه لم يستطيع ان يغير من أرواحهم وإرتباطهم الوجدانى بالفن والمسرح فعادوا بنفس الحماس والوهج الذى كانوا عليه منذ عشرين عام ، فيبدو أن الزمن قد انقسم داخلهم لزمانين ، الأول زمن لسياق الحياة والواقع ، والثانى زمن لسياق الروح والوجدان ، فظلوا طيلة تلك الأعوام حراساً - " رَصَداً " - على جذوة الفن لتظل حية متقدة فى أرواحهم . فكان إختيارهم لنص "رَصَد خان" معادلا فنيا لحياتهم الشخصية بالفعل ! .

عرض-مسرحية-الخان-(2)

تدور أحداث النص المسرحى بإختصار حول تجمع أحفاد ابن غانم الذى توفى منذ ثلاثمائة عام قبل الحملة الفرنسية على مصر فى "الخان" الذى تركه لورثته "أحفاده السبعة" . وحين إكتمال تجمعهم يُغلَقُ عليهم باب الخان ويتحول إلى جدران مغلقة عليها نقوش فرعونية يعرفون منها أن هذا الخان المهجور فى الصحراء قد بُنِىَ فوق كنز "قارون" وأن الكنز كما هو معروف من القرآن أن الله قد خسف به الأرض . وأنه فى الأرض السابعة ، وهذا الكنز يرتقى من كل أرض للأرض التالية بالدم فقط !. لذا يبدأ الأحفاد فى قتلهم بعضهم لبعض خلال الاحداث المتتالية للنص . وعلى خط مواز يظهر الجد إبن غانم لأحفاده على شكل حلم مشترك ورحلة بحثه عن الكنز بكل الطرق مرورا بالشعوذة والطلاسم التى تؤدى به الى فقدان حواسه الجسدية تباعا مع كل مرحلة حتى ينتهى به الحال ان يظل معلقا بين الفناء الجسدى والخلود الروحى كحارس رَصَد أبدى على الكنز . - والرصد هو الروح الحارس المكلف بحراسة أعمال السحر والشعوذة - وينتهى صراع الأحفاد بقتلهم جميعا وتظل سجايا حفيدة إبن غانم التى تعيش فى الخان والتى بدأت التآمر على باقى الاحفاد على إعتقاد أنها ستفوز بالكنز وحدها لكنها تكتشف فى النهاية أنها تحولت إلى حارس سجين بين جدران الخان الذى يتحول إلى قبر لها فتتحول روحها إلى رَصَد حارس على الكنز للأبد مثل جدها إبن غانم .

عرض-مسرحية-الخان-(8)

نص رَصَد خان نص مسرحى مركب له عدة سياقات أو مستويات تتدافع الدراما خلالها بالتوازى . فهناك السياق الواقعى للأحداث المتمثل فى تآمر وصراع وإقتتال الأحفاد على الإنفراد بالكنز . وهناك سياق غيبى روحانى وفكرى مواز متمثل فى رحلة إبن غانم للبحث عن الكنز وفك الرَصَد عنه وهى رحلة فى عالم الروحانيات والمعرفة الغيبية . وهو سياق نتج عن إشتباك النص مع عدة موروثات أسطورية طقوسية متعددة المصادر والمنابع مثل الموروث الثقافى والدينى الفرعونى المتجسد فى مفهوم الروح الحارس المتجسد فى أجساد طيور وحيوانات ، والموروث الدينى الإسلامى المتجسد فى خسف الأرض بكَنز قارون بأمر إلهى ، والموروث الشعبى المتجسد فى الطلاسم فى ربط وفك أعمال السحر الأسود والشعوذة السفلية . وعموما فكرة الرَصَد الحارس للكنوز والمقابر هى موروث معرفى إنسانى عام ظَهَرَ فى كل الحضارات . ونتيجة إشتباك النص مع هذا العالم ظهر هذا البعد أو السياق الدرامى الطقسى الميتافيزيقى . وحَوَى هذا السياق تحديدا مضمون الفكرة الفلسفية للعرض ، فموضوعيا يعتبر هذا السياق هو المحور الفكرى الأهم للعرض المسرحى .

عرض-مسرحية-الخان-(3)

حيث تبدأ رحلة ابن غانم من مادية الجسد الشهوانى المنغمس فى ملذات الحواس والمدفوعة بشهوة الطمع والإكتناز والتى تبدأ من نقطة الإنحطاط الأخلاقى والروحانى والتى مارست كل انواع الرذائل فى إعتقاد منه أنه سيشبع هذه الحواس بمنتهى اللذات عند حصوله على الكنز وبكل الطرق السفلية والسافلة لافرق ، معتقدا أنه يتجه نزولا ساقطا إلى سابع أرض ، لكن الرَصَد الحارس للكنز – مواز أسطورى للضمير الحارس للنفس والروح فى الإنسان - يبدأ فى إفقاده حواسه الإدراكية المادية الجسدية ، أى فناؤها الجسدى المادى بالتدريج وإبدالها بحواس روحانية تتجاوز مادية العالم الدنيوى فيتبدل البصر بالبصيرة ويتبدل السمع بالتخاطر ويتبدل اللمس بالمس الروحانى والفهم بالتبصر ويأخذ الزمن فى التباطؤ حتى يثبت تماما بإكتمال الفناء الجسدى وهى نفس لحظة التجلّى الروحانى – الخلود فى الزمن ، فيتبدل إتجاه رحلته من السقوط فى الشهوات إلى سابع أرض للجسد الفانى إلى الصعود والإرتقاء والتسامى إلى سابع سماء للروح الخالدة فى الزمن ، هى رحلة أشبه بمراحل الإرتقاء الروحانى الصوفية إلى السموات السبع وصولا إلى الإتصال والتوحد التام مع الذات الإلهية الخالدة ، فحين تدور التنورة الصوفية وتتسارع فى دورانها لاترى العين الحدود بين الألوان وإنما ترى أطياف النور تتلألأ حولها كأنها فعل بصيرة الروح لا رؤية البصر الجسدى ! ، رحلة أشبه برحلة تسارع الكتلة فى نظرية النسبية لآينشتين حيث إن تسارعت الكتلة ووصلت سرعة الضوء – النور - تلاشت وتحولت الى محض طاقة بلاجسد وانفتحت على كافة الأزمان فأصبحت خالدة فى الماضى والحاضر والمستقبل ، هى رحلة تشبه إتصال الأرقام الطبيعية بالـ " مالانهاية – المطلق – الإلهى " فتتلاشى أمامها وتتحول الى أرقام تخيلية – روحانية - نورانية ، هو ناموس كونى واحد يحكم مدارات المعرفة الإنسانية من محدودية الجسد المادى بالزمن الى لامحدودية الروح الخالدة المتجاوزة للزمن . هى رحلة التسامى المعرفى للذات الإنسانية بين قُطبى المادية والروحانية .

عرض-مسرحية-الخان-(4)

وهذا مالم يعطه مُخرِج العرض حقه من التركيز فى الطرح الفنى للعرض حيث إنجرف العرض إخراجيا نحو مضامين السياق الآخر "الحدثى – صراع الأحفاد الحياتى على الكنز" وإنجرافه نحو النقد الإجتماعى لسلوك أنماط إجتماعية مختلفة ومتباينة – الأحفاد – التى تمثل تناقضات وصراعات القيم الإجتماعية فيما بينها فإنجرف نحو القضايا القيمية الإجتماعية تجاه قيم مثل العلم فى مقابل الجهل والمال ، سلطة النظام والقانون فى مقابل سلطة الفوضى ، الفضيلة فى مقابل العهر والدعارة بل وتعريف العهر هل هو عهر الجسد ام عهر العقل والروح ؟ ، تلك الصراعات الإجتماعية القيمية رغم أهميتها إلا أنها من وجهة نظرى ماهى إلا قواعد إرتكاز فقط لإنطلاق الفكرة الفلسفية الأهم فى النص وهى مفهوم الخلود والفناء الإنسانى وتأثير هذان القطبان على البناء المعرفى والحضارى الإنسانى عموما – والمصرى تحديدا نموذجا للموضوع – وهل الخط الواصل بينهما خط مستقيم وهما على أقصى طَرَفَيه ؟ أم أن الخط بينهما خط دائرى فما أن تصل إلى أحدهما حتى تتجه تلقائيا نحو الآخر ؟ فهل الخلود خلود الروح أم خلود الجسد أم خلود الإسم فى الزمن- التاريخ ؟ وهل الفناء فناء الجسد أم فناء الروح بإنغماسها فى شهواتها وأطماعها الدنيوية المادية ؟ والموضوع الثانى لنفس السياق الفكرى هو موضوع الإرتقاء والتسامى الإنسانى ، هل هو إرتقاء روحانى على درجات الإيمان الغيبيى ام إرتقاء معرفى على درجات العلم المادى ؟

ذلك هو السياق الأهم والأقوى لمضمون العرض .الضمير الرَصَد الحارس لرحلة الإنسان بين شهوات الجسد وتسامى الروح , قانون رحلة المعرفة الإنسانية كلها

وفى محاولة العرض المسرحى لفك شفرات النص نجد توازيا بين السياقين الواردين فى النص سياق حكاية الأحفاد وصراعاتهم كما سبق وأشرنا ، وسياق رحلة ابن غانم المتسمة بالطابع الطقسى الغَيبي ، فجاء المنهج الواقعى فى الديكور والملابس والحركة للسياق الاول – الأحفاد – وتم إضافة بعض من التعبيرية على إستحياء فى مشاهد السياق الثانى - إبن غانم - ، ومنهج التعبير الحركى وأحيانا الإستعراضى لمجموعة الجن الرصد المصاحبة له كنوع من التمييز الفنى بين طبيعة الجن وطبيعة الواقع البشرى فقط ولم تكن لها علاقة موضوعية بالمضمون والطرح الفكرى كل مشهد . فكان المنهج الغالب كسياق عام للعرض هو المنهج الواقعى وهو ما أشرنا إليه سابقا ان سياق الحدث الواقعى للأحفاد قد طغى فنيا – فقط لإغراءات جماهيرية الطابع الكوميدى به - على طبيعة سياق رحلة ابن غانم الغيبية الميتافيزيقية والتى كانت تستوجب الخروج المنهجى إخراجيا عن طبيعة المنهج الواقعى المادية إلى منهج قد يكون سيرياليا او تعبيريا صرفاً او تكعيبيا نظرا لتعدد مستويات الطرح الفكرى والفلسفى بهذا السياق . وهنا كان أحد الحلول الإخراجية المقترحة من وجهة نظرى للخروج من المنهج الواقعى هو إستخدام عنصر السينمائية التعبيرية للمشهد المسرحى مما كان سيفتح مستويات لامحدودة من الخيال الميتافيزيقى الضوئى – النورانى – متجاوزا محدودية مادية البنية المسرحية وهو ماسيتطابق موضوعيا مع طبيعة هذا السياق تحديدا ، ومن الغريب ان المخرج بالفعل أدخل الجنس السينمائى للعرض المسرحى فى منطقة أخرى كمقدمة للإعلان عن موعد تجمع الأحفاد ولتصوير مشقة وصولهم الى مكان الخان !! وهى منطقة ضمن السياق الواقعى وتم تصويرها بمنهج واقعى- لايت كوميدى -  أيضا فهو من ناحية يعتبر إهدار لإمتيازات طبيعة الجنس السينمائى فى غير محله وبدون أية إضافة فنية منهجيا بل وبدون أى مبرر او تبرير فنى اللهم إلا للإبهار الشكلى ، فضيّع على نفسه فرصة إستخدامها فى سياق رحلة ابن غانم المتطابق معها شكلا وموضوعا !

جاءت مشاهد الجد ابن غانم كفواصل منفصلة تماما عن سياق حكاية أحفاده – ماعدا مشهد أنهم رأوه جميعهم فى حلم مشترك فى بداية العرض وكان هذا هو التقاطع الدرامى الوحيد بين السياقين ثم انفصل الخط الدرامى لإبن غانم نصاً وعرضاً وظَلّ يتتابع ظهوره خلال المشاهد كأنه فاصل متكرر بين المشاهد مما أصاب هذه المشاهد بنوع من الرتابة وهبوط إيقاعها الدرامى لولا قوة أداء الممثل "ياسر أبو العينين" الذى حاول التنويع فى أدائه الحركى وفى إيقاعه الإنفعالى لكسر حدة هذا التكرار خصوصا أن ظهور إبن غانم كان غالبا ما يظهر من نفس المنطقة من عمق المسرح وصولا إلى منتصف مقدمة المسرح أو رجوعا إلى منتصف عمق المسرح . ولم يتطور الطرح الفنى لهذا السياق تطورا فنيا موازيا لتطوره الموضوعى فظل على نفس الوتيرة ونفس الادوات الفنية فى كل ظهور له . فكان الخط البيانى لإيقاع العرض أشبه برسم القلب الذى بدأ بنبضات ضعيفة يتخللها نبضة قوية ثم تكررت هذه النبضة بقوة ثم ضعفت ثم ضعفت حتى اصبحت على نفس مستوى النبضات الضعيفة وكنا على وشك ان نسمع صافرة موت نبض العرض فى النهاية لولا مشهد موت سجايا الذى أعاد النبضة إلى قوتها الأولى بالأداء التمثيلى لـ (مها محمد) والموسيقى )شادى الشيمى – خالد الشريف) . فجاء العرض متحركا فى سياقين متوازيين متصلين موضوعيا لكنهما منفصلين فنيا فظهر كأننا نشاهد عرضين مختلفين . كان من الأجدى أن يتقاطعا أثناء توازيهما مما كان سيثرى الرؤية الإخراجية للعرض ويشد من ايقاعه . خصوصا أن النص يعتبر نصا ضَفِيرياً بين مشاهِدِه المتتابعة فى قالب المونتاج السينمائى ودائريا فى بنيته الموضوعية حيث ينتهى بوصول سجايا الحفيدة إلى نفس النقطة التى بدأ منها جدها إبن غانم وستبدأ رحلتها وتدور فى نفس الدائرة .

عرض-مسرحية-الخان-(5)

جاء أداء الممثلين "ياسر ابو العنين - هالة محمد - محمود تيكر - محمد صلاح - محمد كمال - علي الصباحي - هالة كوكا - حازم الزغبي "عموما موفقا لدرجة كبيرة متناسبا وفق الرؤية الإخراجية وفى حدودها الواقعية ملتزما بمحددات الأدوار المرسومة لهم .

عرض-مسرحية-الخان-(6)

ـ رغم المبالغة الكوميدية التى أضافها الممثل محمد كمال على شخصية "الحفيد المتسول" كان مبالغاً فيها نسبياً وتشابه أداؤه بدرجة ما مع أداء الممثل الكوميدى علاء مرسى وأعتقد أنه لابد أن يجد مدخلا آخرا للشخصية رغم إجادته لها .

ـ وأيضا دور العاهرة كان مرتبكا نسبيا نظرا لأن الممثلة التى قامت به "هالة لوكا" قد أُسند إليها الدور قبل العرض تقريبا بثلاثة أيام فقط ، لكنها ممثلة جيدة رغم صغر سنها وننتظر منها عروضا أقوى فى ليال العرض الأخرى .

ـ هالة محمد قد أدت شخصية سجايا حفيدة إبن غانم والمحركة الرئيسية للأحداث بشكل سلس ومُقنِع وملتزم وراعت تدرج تطور الشخصية وتحولاتها من التآمر المستتر حتى القتل المباشر فكشفت كل جوانب الشخصية المركبة بإقتدار وأدت مشهد النهاية بشكل أدائى قوى يتناسب تعبيريا مع صدمتها فى معرفة ان تركة جدها ما كانت سوى كتاب به يلخص رحلته فى عالم الروح وتحولها الى حالة الروح الرَصَد .

ـ حازم الزغبى فقد ادى دور الباشا التاجر بنعومة وخِفّة وسلاسة كوميدية دون زيادة او نقصان فهو ممثل ملتزم بحدود وملامح الشخصية

ـ محمد صلاح الذى أدى شخصية " الحفيد العالم والمُعَلِم " فجاء أداؤه ملتزما صادقا لولا أن المخرج قد تركه على المسرح مقتولا لمدة طويلة أمام الجمهور الذى لاحظ تنفسه خلال المشهد مما قلل من حالة المصداقية الواقعية له .

وفى مجمل الأداء التمثيلى قد أجادوا جميعا فى أدائهم وهو انعكاس طبيعى لشوقهم للتمثيل على مدار العشرين عام التى غابوا فيها عن خشبة المسرح فعادوا عودا جميلا مبدعا ممتعا .

عرض-مسرحية-الخان-(7)

** أما أداء الممثل المبدع ياسر أبو العينين فشهادتى فيه ليست مجروحة إنما مقتولة ، فأنا من عشاق رؤيته على خشبة المسرح ، فقد أدى دور الجد إبن غانم بإجادة ممتعة وفق المنهج الواقعى أيضا لكنه أضاف لمحات تعبيرية غاية فى الإبداع وخلق علاقات جسدية وحركية مع العصى المتكىء عليها ومع لحيته الفضية الطويلة وملابسه ومكياجه القوى فى منتهى الحرفية والحساسية الفنية ، فتقمص روح الشخصية بإقتدار سابحا بملامحه وحركة جسده فى أفكارها الفلسفية مجسدا لتلك الأفكار والحالات النفسية الإنفعالية كأنها كيانات منحوتة أمامه فشاهدناها متجسدة ماديا أمامنا كما أوهمنا انه يشاهدها بعينه وخياله من قوة تقمصه للشخصية والحالة ، بالإضافة إلى روعة نطقه للغة العربية الفصحى وينطقها بطريقة أقرب للشعر فيُشْبِع الألفاظ معانيها التعبيرية ، فلايسعنا إلا أن نعطى هذا النجم الحقيقى حقه من التقدير الذى ضن عليه الوسط الفنى به رغم إعتراف كل من شاهده على خشبات المسارح بأنه فنان من العيار الثقيل جدا .

*وجاءت الإضاءة موفقة الى حد كبير مجسدة واقعية المشهد المسرحى وبؤرية متلونة تعبيريا فى بعض مناطق ابن غانم والجن لإضفاء طابعا غرائبيا للحالة المسرحية و فى مجملها أضفت الواقعية والجمالية للمشهد المسرحى

عرض-مسرحية-الخان-(9)

*اما الموسيقى والألحان (شادى الشيى – خالد الشريف) فكان إختيار موسيقى "الميتال" متماسّة تماما مع الحالة الطقوسية للطلاسم التى يلقيها ابن غانم على الجن لفك الرصد على الكنز ومعبرة ومتصاعدة تدريجيا خلال رحلة بحثه وفى مشهد بداية إبن غانم ومشهد النهاية كانت الموسيقى الدافع الأهم  للدراما المسرحية .

* وجاءت السينوغرافيا (تصميم ديكور : رومانى جرجس - تصميم إضاءة : د باسل ممدوح – ملابس : دينا مصطفى – ماكياج : مايكل مكرم ، متياس القس بسادة – إستعراضات : احمد مانو , احمد جوليو) شديدة الجمالية بواقعية شديدة خصوصا الديكور والملابس والماكياج والتعبيرية أحيانا (الإضاءة) وموفقة بدرجة كبيرة فى تناغمها مع سياقات المشاهد المسرحية .

عرض-مسرحية-الخان-(11)

يكتسب العرض أهميته من ناحية موضوعية نظرا لجدية وعمق الطرح الفكرى والفلسفى للنص وقد تعمد المخرج تخفيف القالب الفنى لهذا الطرح فإكتسب بعدا جماهيريا أفاد العرض رغم إعتراضى شخصيا على هذا التخفيف لكنه حق المخرج الأصيل فى إختيار رؤيته ، وإحتكاكه بالموروث المعرفى الطقسى والدينى والمصرى خلق حالة من الحميمية والغرائبية الجاذبة مع وجدان المتلقى وقوة الأداء التمثيلى والسينوغرافيا مما يجعله عرضاً متماسكاً فنيا ومهما موضوعيا وجدير بالمشاهدة لليال عرض أخرى بعد أن قُدِم على مسرح ساقية الصاوى ومسرح الهناجر ، ومن الغريب أنه تم إستبعاده من المهرجان القومى للمسرح المصرى عام 2019 فى حين عرضت عروض أقل منه فنيا وموضوعيا وهو مايثير علامات إستفهام حول لجان إختيار عروض المهرجان !

عرض-مسرحية-الخان-(10)

فتحية تقدير لهؤلاء الفنانين عشاق المسرح الذين تحملوا على عاتقهم مجهود وعبئات إنتاج مثل هذا العرض ذاتيا رغم إنشغالهم فى دوامات الحياة فقط لعشقهم للمسرح بعد طول سنين ومازال البعض يُغلِق الأبواب أمامهم . وهم لايبغون مالا ولا مجدا ولا شهرة ، فقط يستمتعون بعشقهم للمسرح ويمتعوننا بإبداعهم.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة