أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

مستهلكو الصور المزيفة.. ونظرية كلاب الصيد فى الإعلام والسوشيال ميديا

السبت، 25 مايو 2019 07:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن ما جرى فى امتحانات أولى ثانوى مفاجئا، فقد سبقته تجارب للتابلت والشبكات، وظهرت عيوب فى بعض المدارس، فضلا عن عدم الاستعداد، وهى عناصر يمكن تفهمها ومناقشتها، وعندما بدأت امتحانات أولى ثانوى بدأت تظهر مشكلات فى الشبكات أو التابلت، وكانت التصريحات كلها بأن الامتحانات ليست تقليدية وتختبر الفهم، وأن مشكلات التجارب يمكن تجاوزها. 
 
لكن بدا الأمر غريبا عند تظاهر بعض تلاميذ ثانوى اعتراضا على نظام الامتحانات، وحدوث احتكاكات يمكن استيعابها، ودعاوى لمحاسبة أى مسؤول تسبب فى صدام أو أذى للتلاميذ.  
 
بدأت حالات تعبير التلاميذ عن الغضب وانتهت، وكانت بالفعل محدودة، لكنها تحولت على صفحات التواصل الاجتماعى إلى صور وبوستات تصور الموضوع على أنه حرب وصدام بين كل التلاميذ والدولة.
 
بدت المبالغة واضحة، ووقع فيها زملاء وأصدقاء ومعارف لم يفكر أى منهم فى مراجعة الصور التى يقوم بإعادة نشرها، وأن بعضها يرجع إلى عشرة أعوام وأكثر، هذه الصورة ملأت الأجواء والصفحات، بالرغم من انتهاء الأحداث خلال ساعات محددة، والإفراج عن التلاميذ. 
 
بعض من شيروا الصور لم يعرضوا فيديوهات لتظاهرات محدودة يردد فيها الطلاب شتائم وألفاظ خارجة ضد وزير التعليم والمدارس. 
 
وفى المساء تحولت الصور إلى وجبات فى حفلات قنوات الإخوان التركية، بعض من قاموا بإعادة نشر الصور التى اتضح أنها مفبركة، لم يعتذروا، ودافعوا طبعا عما نشروه، حيث لا يمكنهم الاعتراف بأنهم ينشرون بلا عقل ويتحولون إلى أدوات وببغاوات تعيد نشر ما يمليه عليها سادة اللجان الإلكترونية.  
 
وحتى الصورة التى قالوا إنها صحيحة لم يكن لأى منهم مصدر يوثق به مكان الصورة أو تاريخها، يكتفون بالرد أن الواقعة صحيحة، حتى لو كان عاجزا عن تحديد مكان وزمان وتفاصيل الواقعة، ودائما ما يدور الجدل حول: إن وجود صورة واحدة مزيفة ينسف باقى الصور المستعملة فى مثل هذه الحالات، بينما أصحاب الصور المزيفة يردون بأن الصور الكاذبة لا تنفى وقوع الصدام ووجود معاملة سيئة من الشرطة للتلاميذ وأن الخطأ هو لوزارة التعليم.
 
والأمر لا يتعلق فقط بمناقشة وجدل حول التعليم تأييدا أو معارضة، لكنه يرتبط بأهمية التفرقة بين التعامل من زاوية النقد والتصحيح أو من زاوية العداء التام، ثم إن استعمال الصور المزيفة بكثرة يؤكد أن كثيرين يعلقوا على صور لا يعرفون عنها شيئا، ولم يكلف أى منهم نفسه جهد الفحص والتوثيق، يضاف إلى ذلك أن هناك هجمات وحروبا على مشروع تطوير التعليم منذ اللحظة الأولى وقبل أن يعرف الرافضون أى شىء عنه، وطبعا هذا مشروع يضرب مصالح الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والسناتر، وهو أمر يفترض للعاقل أن يأخذه فى الاعتبار هو يستعرض نظرياته حول أنواع التعليم وتطويره.
 
الواقع أن هناك نظرية فى الصحافة الأمريكية فى بعض الأحيان تنشر إحدى المنصات الكبرى أو الصحف موضوعا وتصنع له ضجة، ولا يكون الموضوع صحيحا تماما، مثل أكاذيب الصحافة الأمريكية عن أسلحة الدمار العراقية وحوادث أدين فيها أبرياء واتضحت براءتهم بعد سنوات، ويقول جون ماكسويل هاملتون - جورج أ. كريمسكى فى كتاب صناعة الخبر فى الصحافة الأمريكية: إنها تقوم على نظرية «كلاب الصيد» حيث تنشر صحيفة أو قناة موضوعا وتمشى باقى المنصات خلفها، مثلما يفعل كلاب الصيد، حيث «يهوهو» كلب على فريسة وباقى الكلاب تهوهو على صوت الكلب الأول، وهى فعليا لا تعرف على ماذا يهوهو، وهو ما يجرى بشكل يومى فى مواقع التواصل، حيث يعيد البعض تشيير صور  لمجرد أن هناك آخرين يشيروها، وهو لا يعرف عنها أكثر من أنه رآها عند غيره ولا أحد يتوقف ليسأل عن مصدرها، والنتيجة هيصة وضجة  يصنعها اللجان ويشربها العقلاء بحسن نية أو بغير ذلك.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة