سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 فبراير 1971..محمود درويش فى القاهرة قادما من موسكو سرا بعد موعد تأخر بسبب وفاة جمال عبدالناصر

السبت، 09 فبراير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 فبراير 1971..محمود درويش فى القاهرة قادما من موسكو سرا بعد موعد تأخر بسبب وفاة جمال عبدالناصر محمود درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل انتهاء منحة الشاعر محمود درويش الدراسية بمعهد العلوم الاجتماعية بموسكو «معهد آسيا»، زار الكاتب أحمد بهاء الدين موسكو، وفقا للكاتب الصحفى سيد محمود فى ملفه الخاص «أيام محمود درويش فى القاهرة- الأهرام العربى- 8 أغسطس 2018».
 
اجتمع «بهاء» مع أسرة تدريس قسم الشؤون العربية والشرقية بالمعهد، والتقى بعدها بدرويش. 
 
وكتب بهاء قصة اللقاء فى «المصور 5 فبراير 1971»: «كنت سعيدا بأن أراه وألمسه وأسمعه يتحدث، ويضحك ويبكى بشبابه وحيويته وجاذبيته الشخصية الشديدة.. إننى أب لطفلين، ولكننى لم أشعر شعورا حقيقيا بمعنى «فلذة الكبد» إلا عندما رأيته، هذا قطعة منى، فلذة من كبدى حقا.. وأنا أكتب هذه السطور يكون محمود درويش على الأغلب عاد إلى إسرائيل، إلى حيفا حيث محرم عليه مغادرة المدينة، ومحرم عليه أن يخرج من بيته بعد الثامنة مساء».. يعلق «محمود»: «المدهش أن درويش لم يعد إلى حيفا، واختار أن يأتى لمصر فى مشهد مهيب» ويتساءل: «هل لعب الأستاذ بهاء دورا فى إقناعه بالمجىء لمصر؟ وهل كان طرفا فى الخطة التى أعدها بعض رجال الدولة؟».
 
يبحث السؤالين فى سر وهدف إحضار الشاعر الفذ للقاهرة، والشائع أنه حضر يوم 9 فبراير- مثل هذا اليوم- 1971، ونشرت «الأهرام» يوم 10 فبراير خبر الوصول، لكن الإذاعى والشاعر «عبدالوهاب قتاية» يذكر فى مقال بصحيفة العربى الناصرية، ضمن ملف خاص بمناسبة رحيل درويش، أن درويش وصل قبل ذلك.. يؤكد: «فى ضحى الخامس أوالرابع من فبراير 1971، استدعيت إلى مكتب مدير إذاعة صوت العرب محمد عروق، ولاحظت وجود ضيف لا أعرفه»، سأله عروق عن مدى متابعته لشعراء المقاومة فى الأراضى المحتلة؟ ولما أفاض فى الإجابة، سأله عن الأسماء التى يتابعها، فذكر قتاية اسم محمود درويش، فأشار عروق للجالس أمامه: «إذن سلم عليه»، يتذكر قتاية: «تعانقنا بحرارة كان نحيلا جدا رقيقا كالطيف، حتى إننى أشفقت عليه وأنا أعانقه أن تتكسر عظامه بين ذراعى».
 
قال عروق لقتاية: «الأستاذ درويش وصل أمس وسيبقى معنا، لكننا لم ولن نعلن وصوله إلا بعد فترة راحة يستجمع فيها قواه وأعصابه ونفسه المرهقة، لذلك رتبنا له رحلة استجمام فى الأقصر وأسوان، وستكون مرافقه، ومعك الزميل فؤاد فهمى من صوت العرب، وعبدالملك خليل مراسل الأهرام فى موسكو، الذى رافقه فى رحلته إلى القاهرة».. يتذكر قتاية: «دعينا إلى حفل غذاء، فلما دخلنا القاعة فوجئنا بشعراوى جمعة وزير الداخلية، وكان فى زيارة إلى أسوان، يقوم من مقعده حول المائدة ليرحب بشاعر المقاومة ترحيبا حانيا».
 
تذكر الكاتبة صافيناز كاظم لمحمود: «ترتيبات الزيارة كانت معدة سلفا، وكان من المفترض أن تنجز خلال حياة الرئيس جمال عبدالناصر الذى توفى يوم 28 سبتمبر 1970»، وتكشف الكاتبة منى أنيس المقربة من درويش: «ترتيبات حضوره استغرقت نحو عام ونصف العام، قبل موت ناصر، الذى أفسد غيابه كل شىء جرى التخطيط له».
 
ظهر محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، وزير الإعلام وقتئذ، بجوار درويش فى المؤتمر الصحفى، ويذكر لمحمود: «كان وجود درويش معنا حدثا له دلالته الرمزية، لأنه عزز الأمل لدى الرأى العام فى احتضان المقاومة الفلسطينية والتأكيد أن النصر قادم لا محالة».. يذكر محمد حسنين هيكل لمحمد الشافعى «الهلال- أول ديسمبر 2012»: «كنت أحد أطراف عملية الترتيب لعدم عودته إلى فلسطين مرة أخرى ليصبح أكثر حرية بعيدا عن الاحتلال، وحدث ذلك عندما كان ضمن وفد فلسطينى يزور موسكو، وكنت ضمن وفد مصرى فى موسكو، وأخذنا درويش للسفارة المصرية، وعاد الوفد الفلسطينى إلى الأرض المحتلة، ومن موسكو جاء إلى القاهرة لينطلق بعدها يغرد بأشعاره فى كل العالم، وأذكر أن الدور الأكبر لعملية «تهريبه» كان لسفيرنا فى موسكو مراد غالب». 
 
يؤكد «درويش للكاتب اللبنانى» عبده وازن فى كتاب «الغريب يقع على نفسه»: «الدخول إلى القاهرة كان من أهم الأحداث فى حياتى الشخصية.فى القاهرة ترسخ قرار خروجى من فلسطين وعدم عودتى إليها، لم يكن القرار سهلاً، كنت أصحو من النوم وكأننى غير متأكد من مكان وجودى.أفتح الشباك وعندما أرى النيل أتأكد من أننى فى القاهرة. خامرتنى هواجس ووساوس كثيرة، لكننى فتنت بكونى فى مدينة عربية، أسماء شوارعها عربية والناس فيها يتكلمون بالعربية. وأكثر من ذلك، وجدت نفسى أسكن النصوص الأدبية التى كنت أقرأها وأعجب بها، فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريباً والأدب المصرى، التقيت بهؤلاء الكتّاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدّهم من آبائى الروحيين».
 
يتذكر: «من سوء حظى أننى لم ألتقِ طه حسين، كان فى وسعى أن ألتقى به، ولم يحصل، وكذلك أم كلثوم لم ألتقِ بها، وحسرتى الكبرى أننى لم ألتقِ هذه المطربة الكبيرة، كنت أقول إننى ما دمت فى القاهرة فلدىّ متسع من الوقت لألتقى مثل هذه الشخصيات، التقيت محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ وسواهما، وكبار الكتاب مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة