عصام شيحة

من وحى زيارة ماكرون!

السبت، 02 فبراير 2019 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن السياسة الخارجية المصرية تحظى بكثير من التقدير من جانب كل متابع مُنصف موضوعى، إذ تُدار علاقاتنا الخارجية وفق قيم ومبادئ وثوابت، بعضها قديم راسخ، وبعضها مُستحدث بفعل ما يملكه الرئيس السيسى من قناعات شخصية تميز خطواته على الطريق إلى الساحتين الإقليمية والدولية، لعل أهمها الجانب الإنسانى والأخلاقى.
 
وفى وقت تستعد فيه مصر لاستلام رئاسة الاتحاد الأفريقى، استقبلت الرئيس الفرنسى الشاب ماكرون فى زيارة هى الأولى له، فى عمره، وليس فقط فى رئاسته، وقد أثارت هذه الزيارة بعض الخواطر التى أحب أن أُشرك القارئ العزيز فيها، فأقول:
 
■ رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى من شأنها دعم وتعزيز التعاون المصرى الفرنسى، بحكم تميز العلاقات الفرنسية الأفريقية، وبالتالى فإن صعوداً لافتاً فى الملفات الاقتصادية المشتركة سيجد طريقه إلى أرض الواقع فى العام الجارى، وهو ما ظهر فى كثرة وضخامة الاتفاقات التى تم توقيعها مع الجانب الفرنسى أثناء زيارة ماكرون.
 
■ مبالغات لا قيمة لها أثارتها بعض وسائل الإعلام عن تصريحات لماكرون انتقد فيها ملف حقوق الإنسان فى مصر، إلى جانب ردوده فى المؤتمر الصحفى الرئاسى مع الرئيس السيسى، إذ يُعد التأكيد على أهمية احترام حقوق الإنسان ركيزة مبدئية فى العلاقات الدولية المعاصرة. وعلينا أن نلاحظ وجود علم الاتحاد الأوروبى خلف ماكرون فى المؤتمر الصحفى الرئاسى، ما يشير إلى حتمية تمسك الرجل بثوابت الاتحاد الأوربي، بل والغرب عامة دون أن يشير ذلك إلى خلافات ذات قيمة بين البلدين، بدليل ما صاحب الزيارة من استثمارات، فى وقت يعبر فيه مسار الاقتصاد عن اتجاه البُعد السياسى، من جانب آخر فإن ما تحققه مصر من إنجازات اقتصادية واجتماعية يتابعه ويقدره المجتمع الدولى، لاحظ إشارة وزير خارجية الولايات المتحدة بافتتاح كنيسة وجامع فى وقت واحد فى العاصمة الإدارية الجيدة، وهو الأمر الذى تكرر من الرئيس الفرنسى ماكرون، مثلما أشارت إليه تصريحات عديدة خرجت من عواصم لها شأن فى الساحة الدولية.
 
■ الثقل الفرنسى داخل الكيان الأوروبى بالغ الأهمية لمصر، وهو بالفعل من الأسس المتينة للسياسة الخارجية المصرية على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة مع الاهتمام المشترك بين مصر وفرنسا بملفات شديدة الحساسية، من بينها الملف السورى.
 
■ السياسة الشعبوية التى يتبعها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ستدفع الاتحاد الأوروبى إلى محاولة النهوض بدور مستقل عن الولايات المتحدة فى قضايا المنطقة، وتلعب باريس دوراً بارزاً فيه، وهو أمر شديد الوضوح فى السعى نحو تشكيل جيش أوروبى موحد كبديل عن الناتو الخاضع لواشنطن، بعد أن كان الاتحاد الأوروبى يأتمر بأوامر أمريكية على مدى عدة عقود، ربما تأثراً بالدور الأمريكى الهائل فى انتشال أوروبا من الهاوية التى أسقطتها فيها الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولا شك أن الاتحاد الأوروبى يُعد بديلاً مقبولاً لدى العرب فى كثير من القضايا المشتعلة فى المنطقة بعد الانحياز الأمريكى السافر لإسرائيل، أضف إلى ذلك ما تُبديه الولايات المتحدة من مساومات فجة مقابل تحجيم الطمع الإيرانى فى المنطقة، لاحظ أن الاتحاد الأوروبى لم ينقل سفارة تابعة له إلى القدس مثلما فعلت واشنطن وبعض الدول الجارية فى مجالها.
 
■ الروابط التاريخية التى تجمع المنطقة بأوروبا متعددة، فضلاً عن عمق وتشعب المصالح المشتركة، لاحظ أن الاتحاد الأوروبى هو الشريك الاقتصادى الأولى لكثير من دول المنطقة، ومن بينها مصر، ما يجعل من توافق دول المنطقة مع الاتحاد الأوروبى أيسر من التوافق مع واشنطن، سواء حكمها الحزب الجمهورى أو الحزب الديمقراطى، خاصة أن زعامة النظام العالمى تدفع الولايات المتحدة، كقطب أوحد، إلى التدخل فى كثير من شؤون المنطقة بما تراه يحقق مصالحها، دون مراعاة لحقوق ومصالح دول المنطقة.
وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة