سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 ديسمبر 1937.. داود حسنى يتذكر علاقاته مع الإمام محمد عبده وسيد درويش ومحمد عبدالوهاب وأحمد شوقى وسعد زغلول

الأربعاء، 11 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 ديسمبر 1937.. داود حسنى يتذكر علاقاته مع الإمام محمد عبده وسيد درويش ومحمد عبدالوهاب وأحمد شوقى وسعد زغلول داود حسنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عمت الأحزان بين أهل الفن لوفاة الموسيقار داود حسنى يوم 10 ديسمبر 1937.. توافدوا إلى منزله فى اليوم التالى لوفاته «11 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1937» للتعزية.. كانت الأحزان لفقد أحد رواد بعث الموسيقى المصرية الذى بدأ مع عبده الحامولى.. لم يذكره أحد بوصفه يهوديا اسمه فى شهادة ميلاده «دافيد حاييم ليفى»، وإنما مبدع مصرى أولا وأخيرا، ممن وضعوا أسس نهضة مصر الحديثة.. تؤكد مذكراته التى كتبها ابنه «إبراهيم» على هذا المعنى، وهى مذكرات مجهولة عثر عليها الكاتب الفنان الراحل محمد حسان التيجانى، وقدم مقتطفات موسعة منها، وتعليقه عليها فى صفحته «أنا المصرى».. «راجع: ذات يوم، 10 ديسمبر 2019».
يعود «داود» فى مذكراته إلى طفولته «مواليد 1870»: «كم كانت تحركه دقات نواقيس الكنائس التى تتجاوب مع أصوات المؤذنين من أعلى المآذن المتاخمة للحى، وكم كان يترك الحى ويجنح إلى النيل الذى أحبه وفى الخلاء».. يكشف دور الإمام الشيخ محمد عبده فى حياته.. يذكر أنه التحق بمكتبة الشيخ «على سكر» ليحترف تجليد الكتب، كان الشيخ سكر من أبرز واضعى الأذكار النبوية والقصائد الدينية، فترك له حرية الغناء أثناء عمله.. نهل من كتب المكتبة الكثير من الشعر والفقه والأدب مما عوضه عن تركه للتعليم، وفى المكتبة التقى  بالإمام محمد عبده الذى عهد إليه بتجليد كتبه.. استمع إليه الإمام، فقال لمن حوله: «سيكون لهذا الفتى الذكى الفؤاد شأن فى عالم الفن إذا ما احترف الغناء».
قلبت هذه اللفتة شعور ووجدان «حسنى»، فهرب من أبيه الذى كان يعارضه فى أن يحترف الفن.. ذهب إلى المنصورة، والتقى فيها بالشيخ محمد شعبان أستاذ عبده الحامولى، ومنه تعلم الموشحات والضروب والأوزان، وبعد ثلاثة أعوام عاد إلى أهله حاملا شهادة «شعبان»: «اذهب ياولدى على بركة الله.. أرى من أستار الغيب أنك ستحدث شيئا هاما فى عالم الفن».
فى العشرين من عمره تفتحت موهبته فى التلحين.. استطاع أن يقف على قدم وساق أمام ألحان عبد الحامولى ومحمد عثمان. .يذكر «قسطندى رزق» فى كتابه «الموسيقى الشرقية والغناء العربى»: «له عدة تلاحين خالدة بادر المطربون إلى غنائها، منها «حبك ياسلام»، «ياطالع السعد»، «الصباح لاح ونور»، «الحق عندى لك» وهو أول دور لحنه و«أسير العشق» الذى لحنه من نغمة ابتكرها وأسماها «الزنجران»، كما لحن عدة أدوار أخرى من نغمات خاصة به تسمى «الحجاز كاركرد»، وكان له تخت خاص غنى عليه مدة طويلة، وترك الغناء وعكف على التلحين وتخرج عليه كل من الأستاذين زكى مراد «والد ليلى مراد» وصالح عبد الحى، والآنسات ليلى مراد، ونجاة على، وسهام، وأسمهان، ونادرة، كما لحن للآنسة أم كلثوم المطربة المشهورة عدة أدوار منها «روحى وروحك فى امتزاج» و«يوم الهنا».
يؤكد «رزق»: «مما يجمل فى التاريخ ذكره أن داود لم يجد بابا فى الموسيقى إلا طرقه، ولم يصادف نغمة عربية أو وزنا مبتكرا إلا لحن منهما لحنا أو أكثر، ولم يقتصر مجهوده على التلحين الغنائى فحسب، بل شق له طريقا فى الموسيقى المسرحية، ولحن أولا «صباح» التى كانت فاتحة الألطاف، وأخرج الأوبرا «شمشون ودليلة» و«ليلة كليوباترا»، وأكمل أوبرا «هدى» للمرحوم سيد درويش، والأوبريت كوميدى «الليالى الملاح» و«الشاطر حسن» و«أيام العز» و«الغندورة»، و«ناهد شاه»ورواية «معروف الإسكافي».. يذكر «رزق»: «سريع الحفظ لجميع الأدوار والمقطوعات قديما وحديثا، ويرجع إليه الفضل فى تدوين نحو مائة دور دونها بالنوتة الأفرنجية للمعهد الملكى للموسيقى العربية، فضلا عن أنه لحن ما يقرب من خمسمائة دور ومقطوعة ونحو ثلاثين رواية غنائية».. ينقل رزق عن أحمد شوقى أمير الشعراء قوله عنه: «كنز فنى عظيم لا يفنى، ودرة ثمينة لا تقدر بثمن».
فى مذكراته حوارات بينه وبين نجوم عصره، كأمير الشعراء أحمد شوقى، والعظيمان سيد درويش، ومحمد عبدالوهاب.. قال «عبد الوهاب» له: «إنك ياسى داود مثل يقتدى به فى صياغة الألحان.. ويتمنى كل فنان أن يبلغ علمك ويرقى إلى فنك ويصل مجدك.. لكنى أعتب عليك فى أنك رجل سبهللى.. تخالط هذا وتكلم ذاك.. الفنان فى هذا البلد يجب أن يكون على شىء من الكبر».. رد داود: ربما.. استطرد عبدالوهاب: خذ مثلا يوسف وهبى ومظهره فى المونوكل على عينه.. هذه مظاهر تبرز الفنان وتجعله حديث الناس.. رد داود: أنا رجل ديمقراطى شعبى النزعة من الطبقة المتوسطة البرجوازية.. جبلت على الديمقراطية ولا شأن لى بأرستقراطية بغيضة، فأنا من الشعب والشعب منى، وأدين بنجاحى إلى الأنغام التى أستقيها من صميم الشعب».
تكشف المذكرات انحيازاته الوطنية منذ ثورة عرابى عام 1882 «بعد مولده بـ12 عاما».. يؤكد هو: «عرابى بطل سيمجده التاريخ».. يكشف عن اتصاله الوثيق بالشيخ محمد عبده، كان يلقاه دائما فى صالون البرنسيسة نازلى فاضل، وفيه عرف سعد زغلول وقاسم أمين وغيرهما..كان سعد يحب الاستماع إليه وتدمع عيناه حينما يغنى دور «دع العزول ده من فكرك»، يذكر أنه لحن لأحمد شوقى «بنى مصر مكانكمو تهيأ، فهيا مهدوا للملك هيا»، كنشيد وطنى مصرى، لكن الضجة حول لحنه منعت دخوله مسابقة اختياره نشيدا قوميا، وأنشد نفس النشيد وهو فى عربة حنطور استقلها وبعض المنشدين  لاستقبال سعد زغلول فى عودته  من منفاه. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة