عفاف عبد المعطى تكتب: الحق فى الحياة

السبت، 30 نوفمبر 2019 06:21 م
عفاف عبد المعطى تكتب: الحق فى الحياة عفاف عبد المعطى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ظلت المجتمعات العربية لأزمان متعددة تتغاضى على فكرة أن يكون ذوو الاحتياجات (القدرات) الخاصة فردا فى المجتمع له حقوق كثيرة على الجماعة الاجتماعية التى ينتمى إليها، ولعل من أكثر الأفعال الإيجابية المصرية –وهى كثيرة- فكرة دمج ذوى القدرات الخاصة ودمجهم داخل السياق الاجتماعى سواء فى التعليم أو الصحة أو أى من السياقات الاجتماعية التى يمارسها المواطن العادى داخل الدولة، لذلك عندما يظهر كتاب يساعد على إنجاح هذه المبادرة الكريمة لجعل الفرد من ذوى الاحتياجات الخاصة متوائما مع مجتمعه ومجتمعه متقبلا له ينبغى أن يكون من المراجع الأساسية الإرشادية لعلاج هؤلاء، وقد أحسن عملا وكتابة الدكتور هشام عبد الحميد العالم الجليل فى مجال علم النفس النظرى والتطبيقى فى إصداره لكتابه المهم "الحق فى الحياة.. ذوو الاحتياجات الخاصة واستراتيجيات دمجهم فى المجتمع /الإعاقة الذهنية نموذجا".

 

بين دفتى هذا الكتاب الثرى فى علمه جزء تنظيرى عن مفهوم الإعاقة الذهنية أو الاضطراب الارتقائى الذهنى، فضلا عن الجزء العملى الذى يكشف الخبرة الطويلة التى عاشها الدكتور هشام عبد الحميد وعايشها مع هؤلاء الأشخاص حسب مراحلهم العمرية المختلفة ولقد أخذ الكاتب قارئه الهوينا منذ المفهوم المعرفى الأول لمصطلح الإعاقة الذهنية حتى التطبيق العملى العلمى الدقيق المفصّل للكثير من الحالات التى تعامل معها علميا وإنسانيا برحابة صدر حتى يخرج بأفضل النتائج التى تحقق لأعضاء المجتمع كله حياة سوية سليمة.

 

ولأن الإعاقة الذهنية هى الحالة المنوط بالكتاب تعريفها فإن مسمى ذوى الاحتياجات الخاصة يطلق على من يحتاج إلى نوع من التربية الخاصة، ويضم فئات متعددة منهم ذوى الإعاقات الجسيمة وذوى إعاقات النمو المختلفة او صعوبات التعلم إلا أن كتاب "الحق فى الحياة" يُعنى بالإعاقة الذهنية مع التعرض لإحدى فئات الأفراد ذوى الاحتياجات الخاصة التى قد يصاحبها إعاقة ذهنية وهى "زملة داون" بداية يعرف الشخص المعاق ذهنيا بأنه غير القادر على الاستقلالية فى تدبير شئونه بسبب حالة الإعاقة الدائمة أو توقف النمو العقلى فى سن مبكرة، وتعرف الإعاقة الذهنية اجتماعيا بأنها حالة عدم اكتمال النمو العقلى بدرجة تجعل الفرد عازفاً عن التكيف مع الآخرين، مما يجعله دائما بحاجة الى رعاية وإشراف ودعم من الآخرين.

 

كما أن التطبيق المنهجى لمبدأ دمج الطفل المعاق يتطلب تهيئة مسبقة لكل من النظام التربوى والطفل والأسرة والمدرسة والإدارة المدرسية والبيئة المحلية والمجتمع ككل، لذا ينبغى تعليم الأطفال المعاقين مع العاديين جنبا الى جنب وهو أيسر سبل الدمج والصحة النفسية الاجتماعية السوية، وذلك بعد وضع الخطط والاستراتيجيات المنظمة التى تؤدى الى إحراز النجاح المطلوب والتخلص من نظام عزل الشخص المعاق واعتباره منبوذا اجتماعيا، فتشمل الشروط العامة للدمج كل من تهيئة وحث الأطفال العاديين على كيفية التعامل مع الطفل المعاق وقبوله وتوفير المنهج للطفل المعاق وتبسيطه، ثم اشراك الأسرة فى التخطيط للدمج بالمراحل المختلفة وفى تنفيذ وتطبيق البرنامج، بالإضافة إلى عمل دورات تدريبية وتربوية للمعلمين على كيفية التعامل مع الطفل المعاق وإعداد ما يمكن تسميته بالمعلم الشامل للتدريس لكل فئات الأطفال (معاقون وغير معاقين) المعلم الذى يعد الركن الأساسى لإنجاز العمل وإنجاحه، ثم إن للتدريبات العلاجية أهدافا واستراتيجيات تدريس ووسائل تعليمية، وتقويم، وفى النهاية تظهر ملامح الخطة العلاجية بشكل عام وينبغى الإشارة الى أنه توجد خطط علاجية متعددة تصلح للتطبيق على جميع الحالات، و يمكن القول إن هذه المخطط يمكن الاستضاءة بها عند ترسيم العلاج لصعوبات التعلم، وهو ما يتحقق من خلال أقسام متخصصة لتدريب المعلمين والمتعاملين مع ذوى القدرات الخاصة، حيث يتوقف نجاح أى برنامج تعليمى على المعلم فهو أكثر الفئات قدرة على تقويم مدى فعالية المنهج وأنشطته والممارسات التربوية والتغير أو التقدم الذى يمكن إحرازه من خلال المنهج، كما أنه أكثر الأفراد وعيا بالمظاهر أو الخصائص السلوكية المرتبطة بذوى صعوبات التعلم، فدور المعلم رئيسى فى الكشف عن هذه الصعوبات، كما يسهم بفاعلية فى إعداد البرامج العلاجية المناسبة، فضلا عن الاختيار السليم والوقت المناسب لمجموعة الأفراد المراد دمجهم للتأكد من حُسن استفادتهم من برامج الدمج. ثم توفير معلم مساعد فى الصفوف التى يلتحق بها الطفل المدمج وتوفير معلم استشارى متخصص فى مجال التربية الخاصة بالمدارس إن أهداف التدريبات العلاجية لذوى صعوبات التعلم تشتق من نتائج الاختبارات التشخيصية، والملاحظة، كما إنه من المفيد أن يشارك التلاميذ فى تحديد هذه الأهداف، فبعد التعرف على الصعوبات وأنواعها ومظاهرها تشتق الأهداف، كما يجب مراعاة البناء التراكمى لمهارات القراءة والكتابة لدى ذوى القدرات، والعلاقات المتبادلة بين القراءة والكتابة التى يمارسونها.

 

إن كتاب "الحق فى الحياة.. ذوو الاحتياجات الخاصة واستراتيجيات دمجهم فى المجتمع / الإعاقة الذهنية نموذجا" للدكتور هشام عبد الحميد يعد التطبيق العملى والمنهجى الأمثل لدمج الأفراد ذوى الاحتياجات الخاصة فى المدارس والفصول العادية بنظامه العلمى المتطور وسهولة تلقى القارئ العادى والدارس المتخصص والمعلم العادى والمتخصص، وذلك جزء من حركة عالمية واسعة النطاق نحو حقوق الإنسان تسلم بحق الافراد ذوى الاحتياجات الخاصة فى الدمج الكامل فى كل مظاهر الحياة.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة