أكرم القصاص - علا الشافعي

بعد مرور 800 عام على أول حوار إسلامى مسيحى بين القديس فرنسيس الأسيزى والملك الكامل.. كيف جددت الكنيسة الكاثوليكية علاقتها بالإسلام؟.. وقعت وثيقة الإخوة الإنسانية وواصل رهبانها دراسة الحضارة الإسلامية الأبرز

الخميس، 03 أكتوبر 2019 04:00 ص
بعد مرور 800 عام على أول حوار إسلامى مسيحى بين القديس فرنسيس الأسيزى والملك الكامل.. كيف جددت الكنيسة الكاثوليكية علاقتها بالإسلام؟.. وقعت وثيقة الإخوة الإنسانية وواصل رهبانها دراسة الحضارة الإسلامية الأبرز الكنيسة الكاثوليكية
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الرابع من أكتوبر من كل عام، تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بذكرى القديس فرنسيس الأسيزى صاحب أول مبادرة للحوار الإسلامى المسيحى ربما فى التاريخ.

ويتزامن مع الاحتفال به مرور 800 عام على هذا الحوار الذى أجراه القديس فى رحلته للأراضى المقدسة عام 1219، حين التقى فى طريقه  بمدينة دمياط فى مصر مع السلطان الأيوبى"الكامل الأيوبى" - الذى كان يحكم الأرض المقدّسة، إلا أن الكنيسة ورغم مرور كل تلك السنوات مازالت حريصة على تجديد علاقتها بالإسلام حتى أن بابا الفاتيكان وقع وثيقة الإخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر فى الإمارات منذ شهور وتم بموجب التوقيع تدريس تلك الوثيقة فى المعاهد الكاثوليكية الدينية وغير الدينية منها.

ومازال رهبان الدومينيكان الكاثوليك يواصلون دراسة العلوم الإسلامية، لتظل علاقة الكاثوليك بالإسلام نابضة متجددة عبر عدة محطات كانت وثائق المجمع الفاتيكانى الثانى فى الستينات ووثيقة الإخوة الإسلامية أبرزها.

800 عام على أول حوار إسلامى مسيحى فى التاريخ

كان لقاء القدّيس فرنسيس مع السلطان الملك الكامل، الأخ الأكبر لصلاح الدين الأيوبي، لقاءً سلميّاً ورمزاً للحوار الأول من نوعه فى التاريخ بين الأديان، وقد منحه السلطان تصريحاً كتابياً يخوّل له زيارة البلاد المقدّسة والوعظ فى مصر، إذ كان قدوم القدّيس فرنسيس إلى القدس بداية وجود الفرنسيسكان فى الأراضى المقدسة، ومع مرور الزمن، انتشر الرهبان الفرنسيسكان وأسّسوا أديرة فى معظم مدن بلاد الشام، أى فى القدس ويافا وعكا وبيروت وانطاكيا وصيدا وصور وطرابلس وطرطوس، ويسهر الفرنسيسكان على الأماكن المقدّسة وقد أُعطوا لقب "حرّاس الأراضى المقدّسة"

فى عام 1214م كتبَ فرنسيس "نشيد الخلائق" إحدى الوثائق الأكثر أهمية فى تاريخ الأدب الإيطالي، حيث يُرجِع المؤرخون إليه بوادر نشوء هذا الأدب. والكتاب عبارة عن نشيد نثرى يدعو فيه القديس كلّ الخلائق لتسبيح باريها.

 

أمّا صلاة القدّيس فرنسيس الأسيزى فهى تُلخّص دعوته للسلام والمحبّة: "يا ربّ! اجعلنى أداة لنشر سلامك، فأضع الحبّ حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والاتّحاد حيث الخلاف، والحقيقة حيث الضلال، والإيمان حيث الشكّ، والرّجاء حيث اليأس، والنّور حيث الظلمة، والفرح حيث الحزن".

وثائق المجمع الفاتيكانى الثاني.. محطة فى تاريخ الحوار مع الإسلام

المجمع الفاتيكانى الثانى الذى قاده البابا يوحنا الثالث والعشرون فى الفترة من 1962 وحتى 1965 وهو المجمع الذى شهدت الكنيسة طفرة كبيرة على يديه فى علاقتها بالأديان والعقائد الأخرى

جاء الإعلان عن هذا المجمع لسان البابا يوحنا الثالث والعشرين خلال خطبة ألقاها بتاريخ 25 يناير 1959 بعد تسعين يوماً من انتخابه للسدة البابوية حيث أعرب عن نيته دعوة أساقفة الكاثوليك فى العالم أجمع للحضور إلى الفاتيكان لعقد مجمع مسكونى جديد.

وبعكس المجامع السابقة لم تكن غاية المجمع الفاتيكانى الثانى تفنيد بدعة ما أو البت فى مسألة تأديبية معينة ولكن بحسب كلمة البابا الافتتاحية فقد كان الهدف من هذا المجمع "إزالة تجاعيد الهَرَم و الشيخوخة من وجه الكنيسة، وإعادة بهائها وشبابها إليها"، فكانت أهدافه المعلنة تجديد الكنيسة الكاثوليكية روحياً وتحديد موقفها من قضايا العالم المعاصر المختلفة بشكل عام يمكن تلخيص أهداف المجمع فى خمس نقاط وهى تطوير علاقات إيجابية للكنيسة الكاثوليكية مع العالم الحديث، والتخلى عن نظام الحروم القاسى أناثيما المستعمل فى المجامع السابقة، والتأكيد على حقوق الإنسان الأساسية بما يتعلق بالحرية الدينية، والتأكيد على أن الحقائق الأساسية تُعلم أيضاً فى ديانات ومذاهب غير الكاثوليكية، وإصلاح الروحانية الكاثوليكية والسلطة الكنسية.

ويوضح الأنبا كيرلس وليم مطران الكاثوليك بأسيوط، أن المجمع الفاتيكانى الثانى حقق ثورة فى تجديد الخطاب الدينى دفعت الكنائس الكاثوليكية إلى التخلى عن بعض الأفكار والتعاليم الخاطئة، مثل ما كان قبلها من معتقدات، كأن يرى الكاثوليك أنهم فقط من سيتمتعون بملكوت السماء ويدخلون الجنة بينما يذهب الباقون إلى الجحيم.

المحطة الثالثة: وثيقة الأزهر والفاتيكان

فى فبراير الماضى وقع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان  فى فبراير الماضى بدولة الإمارات وثيقة "الأخوة الإنسانية"، التى تشكل الوثيقة الأهم فى تاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، كما تعد من أهم الوثائق فى تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية

والوثيقة هى نتاج عمل مشترك وحوار متواصل استمر لأكثر من عام ونصف بين الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان، وتحمل رؤيتهما لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين اتباع الأديان، وللمكانة والدور الذى ينبغى للأديان أن تقوم به عالمنا المعاص.

الأب رفيق جريش كاهن كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك قال أن وثيقة الإخوة الإنسانية التى وقعها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فى أبو ظبى منذ شهور س تدرس فى مدارس الأحد بالكنائس التابعة للطائفة فى مصر وذلك بعد قرار سنودس الأساقفة الروم الكاثوليك بتدريسها فى كافة المعاهد والجامعات الكنسية مشيرًا إلى إنها ستدرس أيضًا فى الكلية الإكليريكية للروم بلبنان وهى الكلية المختصة بتخريج الآباء الكهنة.

جريش قال لليوم السابع، أن شيخ الأزهر قدم خطابًا فى هذا المؤتمر يمثل وثيقة موازية لوثيقة الإخوة الإنسانية تحدث فيه عن وضع المرأة ومنحها حقوقًا كثيرة وساواها بالرجل وكذلك تناول قضية العلاقة مع غير المسلمين فى الشرق وشدد على المواطنة الكاملة فى مقابل خطابات أهل الذمة التى يروجها المتطرفون بالإضافة للتنديد بالعنصرية ضد الأخر مهما اختلف دينه أو جنسه أو لونه

الأب جريش الذى يشغل منصب مقرر لجنة الإعلام ببيت العائلة المصرية قال أن بيت العائلة اتفق مع عدد من الجامعات على عقد مؤتمرات تعريفية للطلاب لشرح مفاهيم وثيقة الإخوة الإنسانية فى جامعات عين شمس والأزهر والقاهرة ثم الجامعات الإقليمية وذلك من خلال دعاة أزهريين وقساوسة من الطوائف المختلفة

الرهبان الدومنيكان.. رحلة دراسة العلوم الإسلامية

شهد القرن الثالث عشر الميلادى مولد الرهبنة الدومنيكيّة فى الجنوب الفرنسى إلا أن الرهبنة ما لبثتْ أن وضعتْ لنفسها أقدامًا فى بلاد الشرق هناك فى اسطنبول وتونس وبغداد ولاحقًا فى الموصل. ويُرجع أساتذة اللاهوت الدومنيكان فضل معرفتهم بأرسطو إلى الفلاسفة العرب. وقد كتب كلا من القدّيسين ألبير العظيم وتوماس الأكوينى تعليقات على أعمال ابن رشد وابن سينا.

الراهب جون الدومنيكاني، يوضح أن الحروب فى المنطقة العربية قد وقفت عائقا فى وجه المشروع حتى إذا جاء العام 1937 اصطحب جوسان ثلاثة من الرهبان الدومنيكان الذين قرروا تكريس حياتهم لبناء جسر مع الإسلام ودراسة علومه المختلفة وقد وقع اختيارهم على القاهرة التى كانت تضم الأزهر الشريف وتتمتع بمكانة متميزة فى المحيط العربي

فى تلك الفترة يشير الراهب جون، إلى أن الفاتيكان قد طالب اتباعه بدراسة الإسلام على محمل الجد دراسة واعية تهدف لفهم الدين بشكل عميق لا التبشير ضده أو اقتصار فهمه على وجهة النظر المسيحية ومن ثم بدأ الرهبان الثلاثة چورچ قنواتى وچاك چومييه وسرچ دى بوركى العمل على تلبية الدعوة تلك فى القرن العشرين وفى يوم ٧ مارس ١٩٥٣ تمّ تأسيس معهد الآباء الدومنيكان للدراسات الشرقيّة الذى يقع بقلب القاهرة ومازال رهبانه يدرسون العلوم الإسلامية حتى اليوم بينما تقدم مكتبته خدمة لكل الدارسين والباحثين فى هذا المجال إذ تضم أكبر مكتبة للكتب والمخطوطات الإسلامية

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة