أكرم القصاص - علا الشافعي

دينا شرف الدين

مكارم الأخلاق (٦) " التسامح "

السبت، 15 سبتمبر 2018 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
        " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
 
و بكلمات النبى الكريم صلى الله عليه و سلم أستهل مقال اليوم عن فضيلة جديدة من مكارم الأخلاق والتى تعد من أهم القيم الأخلاقية وهى "التسامح". 
 
وما أحوجنا ومجتمعنا إليها فى ظل هذا المناخ المشحون بالصراعات بين الناس وبعضها على كافة المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلم يترك الخلاف والشقاق. مجالاً من المجالات إلا وطرق أبوابه بعنف يتردد صدى صوته مرات ومرات ليقضّ مضاجعنا جميعاً حتى وإن كنا مستغرقين فى الأحلام الوردية!
 
فلم نعهد أنفسنا كمصريين من قبل بهذا القدر من التحفز والتربص ببعضنا البعض، إذ كان التسامح من أبرز وأهم شيمنا النبيلة التى يتحاكى بها الآخرون ويحسدوننا عليها!
 
فقد كانت هذه القيمة الأخلاقية بحق هى جوهر السلام والأمان الذى أحاط بنا منذ قديم الأزل، فالتسامح إن ساد بقومٍ تصالحوا مع أنفسهم و مع بعضهم البعض واختفت إلى حدٍ كبير الأحقاد من الصدور و تلاشت مكائد الإنتقام و جرائم الثأر و كثُرت  المحبة و ازداد الوئام بين أفراد المجتمع
 
أى بين الجار و جاره و العامل و صاحب العمل و الصديق و صديقه و أصحاب الديانات المخالفة و الآراء و التوجهات السياسية المختلفة و الأذواق المتنوعة و غيرها من أشكال التسامح و التصالح التى تُعد مفتاح الأمن و الأمان و السلم و السلام .
 
 
 
و لكننا و بين طرفة عينٍ و انتباهتها تحولنا إلى أعداء لبعضنا البعض ، تحديداً بعد اندلاع الثورة على القهر و الفساد فى يناير ٢٠١١ ، و التى كانت بمثابة الضربة القاضية لأخلاقيات و قيم و أعراف المصريين إذ أطاحت بها إلى مكانٍ بعيد لا نعلم متى نصل إليه لاستعادتها واسترجاعها من جديد !
 
 
 
فقد تحول كلٍ منا إلى عدو شرس لكل من يخالفه الرأى و إن كان أقرب الأقربين إليه ، كالأخ و أخيه و الإبن و أبيه ، فما بالكم بمن لا تربطهم تلك الصلات الأسرية القوية ؟
 
حيث أطاح المختلف مع الآخر بكل ما تربى عليه من قيم مجتمعية و تعاليم دينية معتقداً أنها الحرية التى قد حُرم منها سنوات طويلة و التى جاءت الثورة لتمنحه إياها فيفعل بها آنذاك ما يحلو له !
 
 
 
فتجد مثلاً اثنين من المختلفين فى أى شىء يكيلون الإتهامات و يتطاولون على بعضمها البعض بشكلٍ لا يليق و يتم تتويج المعركة التى تخلو تماماً من التفاهم و التسامح بقول أحدهما للآخر أن
 
 (الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية)!!
 
عن أى وُد تتحدثون وعن أى قضية ؟
 
 
 
فقد حث المولى عز و جل على التسامح بين البشر، فقال سبحانه و تعالى فى كتابه الكريم:
 
              بسم الله الرحمن الرحيم 
 
- "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" سورة يونس ٩٩
 
 
 
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" سورة الممتحنة ٨
 
 
 
"وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" سورة العنكبوت ٤٦
 
 
 {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران
 
 
كما كان التسامح من أهم القيم الأخلاقية التى تحلى بها المصريون منذ قديم الأزل 
 
 فقد أوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار أن الفراعنة وحكامهم عرفوا احترام الآخر، وحرصوا على الحفاظ على وحدة وطنهم وانسجام أفراده فى نسيج واحد ، وأن مصر ظلت وطن التسامح و الوحدة عبر تاريخها الطويل ، حيث كان قدماء المصريين يعتقدون أن المجتمع المثالى على الأرض صورة مطابقة للنظام السماوى الأعلى .
       
 
و كذلك جاءت الأديان السماوية لتؤكد و تبلور فضيلة التسامح 
 
فعندما جاء النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وجد بها يهودًا ومشركين مستقرين، فلم يتجه فكره إلى رسم سياسة للإبعاد أو المصادرة والخصام، بل قَبِل وجود اليهودية والوثنية، وعرض على الفريقين أن يعاهدهم معاهدة الند للند، على أن لهم دينهم وله دينه.
 
 
كما أن الكتب السماوية جميعاً تدعوا للتسامح والإخاء بين البشر ، 
 
-فنجد فى العهد القديم (التوراة ) ...
 
( لا تنتقم مما فعله الآخرين بك، ولا تذكِّر ابن شعبك بذلك، وأحب لغيرك كما تحب لنفسك ) ، 
 
 
-وفى العهد الجديد (الإنجيل ) ...
 
 ( لا تدينوا لكى لا تُدانوا ، لأنكم بالدينونة التى بها تدينون تُدانون وبالكيل الذى به تكيلون يُكال لكم ).
 
 
"طوبى للرّحماء لأنّهم يرحمون. – متى 5: 7
 
 
"لأنّى أكون صفوحا عن آثامهم، ولا أذكر خطاياهم وتعدّياتهم فى ما بعد». – العبرانيين 8: 12،
 
 
 
نهاية : فالتسامح هو السلاح الأقوى للقضاء على الإرهاب الذى اجتاح منطقتنا و دولنا الإسلامية حيث استنزفها و دمرها و دفع بها إلى قاع الهاوية ، فالفتن الطائفية و معاداة الآخرين من أصحاب الديانات الأخرى و تكفير الجميع على حدٍ سواء هو حجة الإرهاب و اختفاء التسامح والتصالح مع الجميع الذى أمرنا به ديننا و أكد عليه هو السيف القاتل الذى يتسلح به هؤلاء القتلة المخربين .
 
 
و مسك الختام لمقال اليوم عن فضيلة التسامح كلمات النبى صلوات الله و سلامه عليه التى وردت فى هذا الشأن
 
 
- عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: 
 
كأنى انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى نبياً من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون) متفق عليه.
 
 
- وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه
 
 
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما زاد الله عبد بعفو إلا عزاً             .
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة