أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

حالة ترامب.. «لو عزلتمونى هتغرقوا»

السبت، 25 أغسطس 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا حديث فى العالم الآن إلا عن ترامب، الرئيس الأمريكى الأكثر إثارة للجدل، وما إذا كان سيواجه إجراءات من الكونجرس بعزله من منصبه أم لا
ترامب تلقى خلال الأيام القليلة الماضية ضربتين قانونيتين موجعتين للغاية، من شأنهما أن تجعل خصومه السياسيين وهم كثيرون وليسوا فقط فى صفوف الديمقراطيين، أن يعيدوا إلى اللحظة الراهنة مشهد حصار نيكسون ودفعه خطوة خطوة إلى الاستقالة بعد إحكام طوق إجراءات العزل حول رقبته.
 
الضربة الأولى التى تلقاها ترامب، جاءته من رئيس حملته الانتخابية السابق بول مانافورت الذى أدين من قبل هيئة محلفين فى ولاية فرجينيا فى ثمانية تهم دفعة واحدة تتعلق بالتهرب الضريبى والاحتيال المصرفى وإخفاء معلومات عن مؤسسات مالية وهى التهم التى وجهها له روبرت مولر، المحقق الخاص الذى يتولى التحقيق فى التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية 2016، لكن سرعان ما توسع التحقيق ليتضمن الاحتيال المصرفى والتهرب الضريبى وتقديم بيانات كاذبة لمؤسسات مالية وخرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية، وهى اتهامات تتراوح عقوبتها بين السجن 5 سنوات إلى ثلاثين عاما.
 
الضربة الثانية كانت أقسى، وتلقاها ترامب من محاميه السابق مايكل كوهين والذى كان معروفا بأنه التابع الأمين والظل وخزانة الأسرار ومنفذ المهام الخطرة للرئيس الأمريكى قبل توليه منصبه، فقد اعترف كوهين بموجب صفقة قانونية مع الادعاء توفر له الحماية، بأنه مذنب  أمام محكمة فى مانهاتن نيويورك، فى 8 تهم تتضمن الاحتيال الضريبى والاحتيال المصرفى وخرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية، كما أقر  بأنه سدد بطلب من ترامب مبلغى 130 و150 ألف دولار لامرأتين ادعتا إقامة علاقات جنسية  مع موكله، لشراء صمتهن بهدف التأثير على الانتخابات.
 
أدرك ترامب أن المحقق روبرت مولر ليس سهلا، وأن شبكة الاتهامات التى يبنيها ليصطاد كبار مساعديه ورجال حملته الانتخابية بمجموعة من التهم الجنائية من شأنها فى النهاية أن تكون مثل قطع البازل، شبكة كبرى تلتف حوله شخصيا بحيث يصبح من الصعب تفادى إجراءات العزل فى الكونجرس، خاصة بعد أن اتجه المحقق مولر إلى التوسع فى التحقيق وتوجيه الاتهامات، وبدلا من الاكتفاء ببحث وجود تواطؤ بين حملة ترامب والروس للتأثير فى الانتخابات الرئاسية 2018، أضاف سبعة اتهامات جنائية أخرى إلى سياق التحقيقات، ويعمل حاليا بجدية إلى إثباتها تدريجيا بإدانة رجال الرئيس فى محاكمات جزئية أو تسجيل إقرارهم بأنهم مذنبون أمام المحكمة وفق صفقات قانونية لتوفير الحماية أو لتخفيف العقوبة.
 
وهنا خرج ترامب ليصرخ محذرا الجميع من إحكام الطوق حول رقبته، وأطلق تصريحه الشهير، إذا عزلتمونى  ستنهار البورصات وستغرق اقتصادات العالم وستصبحون فقراء جدا، إياكم أن تعزلونى  إياكم، كيف تعزلون رئيسا قام بعمل رائع فى الاقتصاد ومواجهة البطالة ومنح الأمريكيين فرص عمل ومواجهة الدول المنافسة بشجاعة!
 
لم يكن ترامب ليصرخ محذرا خصومه من الديمقراطيين والجمهوريين معا، إلا إذا كان يدرك أن خطته لكسب الوقت يمكن أن تنهار بقوة الدفع التى يمارسها المحقق مولر فى إسقاط رجاله واحدا بعد الآخر وتسليط الإعلام الضوء على تفاصيل الإيقاع برجال ترامب واعترافاتهم التفصيلية بأنه كان على علم بكل شىء حول الاحتيال المصرفى والتهرب الضريبى وتقديم الأموال إلى السيدات بهدف إسكاتهن وكذا التواصل مع الروس، وأنه من وجه وقسم الأدوار وأعطى التكليفات. 
 
لم يكن ترامب ليصرخ محذرا، لو كان يضمن أن الديمقراطيين سينتظرون حتى نوفمبر وانتخابات الكونجرس، وساعتها يمكن المراهنة على فوز الجمهوريين بالأغلبية ليتراجع ولو رمزيا وعمليا شبح العزل، فهو يعلم أن اعترافات مايكل كوهين وبول مانافورت يمكن أن تعطى حافزا للديمقراطيين ليبدؤوا حملة منظمة تدريجية لعزله عبر التقدم بطلبات متتابعة لتشكيل لجان للاستماع وتقييم الاتهامات الموجهة ثم الانتهاء إلى توجيه الاتهامات والمطالبة بعزل الرئيس. 
 
نعم ستكون هناك خسائر على الاقتصاد الأمريكى وعلى اقتصادات العالم، لكن من يستطيع الجزم بأنها لن تكون مؤقتة وسيتعافى بعدها الاقتصاد العالمى سريعا.
 
نعم سيكون هناك حالة من الشك وانعدام الثقة والارتباك فى المؤسسات الأمريكية، ولكن من يستطيع الجزم بأن مايك بنيس نائب الرئيس العقلانى الهادئ الذى يمثل نقيض ترامب، والمبشر بالرئاسة واستكمال مدة ترامب حال عزله، لن يستطيع احتواء الآثار السلبية بخطاب عاطفى يطمئن جميع الأطراف داخليا وخارجيا حول توجهات الولايات المتحدة وسياساتها؟
 
ترامب فى مأزق كبير وشخصيته تدل على أنه سيتجه إلى خيار شمشون بعزل المحقق مولر، لكنه سيكون ساعتها سائرا على درب سلفه ريتشارد  نيكسون وسيخسر من يدعمون خيار توجيه اللوم له بدلا من عزله ولن يكون أمامه إلا ورقة واحدة، هى ورقة الاستقالة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة