آية و5 تفسيرات.. وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه

الخميس، 31 مايو 2018 01:03 م
آية و5 تفسيرات.. وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه قرآن كريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل اليوم الخميس، نشر "آية و5 تفسيرات، ونتوقف عند الآية رقم 13 من صورة الإسراء، فى الجزء الخامس عشر والتى يقول فيها فيها تعالى "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا".
 

تفسير الطبرى 

وكلّ إنسان ألزمناه ما قضى له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله فى عنقه لا يفارقه، وإنما قوله (ألْزَمْناهُ طائِرَهُ) مثل لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جلّ ثناؤه أن كلّ إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره فى عنقه نحسا كان ذلك الذى ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيرا، أو كان سعدا يورده جنات عدن.

وبنحو الذى قلنا فى ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنى محمد بن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنى أبي، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا عَدْوَى وَلا طِيَرةَ وكُلَّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَه فِى عُنُقِهِ".

تفسير ابن كثير

يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من أعمال بنى آدم: ( وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ) وطائره: هو ما طار عنه من عمله، كما قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: من خير وشر، يلزم به ويجازى عليه (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [ الزلزلة: 5، 6 ]، وقال تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ ق: 17، 18 ]، وقال تعالى: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم) [ الانفطار: 10 - 14 ]، قال: ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور: 16 ] وقال: ( من يعمل سوءا يجز به ) [ النساء: 123] .
والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه، قليله وكثيره، ويكتب عليه ليلا ونهارا، صباحا ومساء .
وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى الزبير، عن جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لطائر كل إنسان فى عنقه ". قال ابن لهيعة: يعنى الطيرة .
وهذا القول من ابن لهيعة فى تفسير هذا الحديث، غريب جدا، والله أعلم .
وقوله [ تعالى ] ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) أى: نجمع له عمله كله فى كتاب يعطاه يوم القيامة، إما بيمينه إن كان سعيدا، أو بشماله إن كان شقيا ) منشورا ) أى: مفتوحا يقرؤه هو وغيره، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) [ القيامة: 13 – 15).
 

تفسير البغوى

قوله عز وجل ( وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ) قال ابن عباس: عمله وما قدر عليه فهو ملازمه أينما كان .

وقال الكلبى ومقاتل: خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسبه به.
وقال الحسن: يمنه وشؤمه .
وعن مجاهد: ما من مولود إلا فى عنقه ورقة مكتوب فيها شقى أو سعيد .
وقال أهل المعانى: أراد بالطائر ما قضى الله عليه أنه عامله وما هو صائر إليه من سعادة أو شقاوة سمى " طائرا " على عادة العرب فيما كانت تتفاءل وتتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها. وقال أبو عبيدة والقتيبى: أراد بالطائر حظه من الخير والشر من قولهم: طار سهم فلان بكذا وخص العنق من بين سائر الأعضاء لأنه موضع القلائد والأطواق وغيرهما مما يزين أو يشين فجرى كلام العرب بتشبيه الأشياء اللازمة إلى الأعناق .
( ونخرج له ( يقول الله تعالى: ونحن نخرج ( يوم القيامة كتابا ( وقرأ الحسن ومجاهد ويعقوب: " ويخرج له " بفتح الياء وضم الراء معناه: ويخرج له الطائر يوم القيامة كتابا. وقرأ أبو جعفر " يخرج " بالياء وضمها وفتح الراء .
( يلقاه ( قرأ ابن عامر وأبو جعفر " يلقاه " بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف يعنى: يلقى الإنسان ذلك الكتاب أى: يؤتاه وقرأ الباقون بفتح الياء خفيفة أى يراه ( منشورا ( وفى الآثار: إن الله تعالى يأمر الملك بطى الصحيفة إذا تم عمر العبد فلا تنشر إلى يوم القيامة .
 

تفسير القرطبى 

قوله تعالى: وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه، قال الزجاج: ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة للعنق، وقال ابن عباس: طائره عمله وما قدر عليه من خير وشر، وهو ملازمه أينما كان. وقال مقاتل والكلبى: خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسب به. وقال مجاهد: عمله ورزقه، وعنه: ما من مولود يولد إلا وفى عنقه ورقة فيها مكتوب شقى أو سعيد. وقال الحسن: ألزمناه طائره أى شقاوته وسعادته وما كتب له من خير وشر وما طار له من التقدير، أى صار له عند القسمة فى الأزل. وقيل: أراد به التكليف، أى قدرناه إلزام الشرع، وهو بحيث لو أراد أن يفعل ما أمر به وينزجر عما زجر به أمكنه ذلك. ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا يعنى كتاب طائره الذى فى عنقه. وقرأ الحسن وأبو رجاء ومجاهد: " طيره " بغير ألف ; ومنه ما روى فى الخبر اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا رب غيرك. وقرأ ابن عباس والحسن ومجاهد وابن محيصن وأبو جعفر ويعقوب " ويخرج " بفتح الياء وضم الراء، على معنى ويخرج له الطائر كتابا ; ف كتابا منصوب على الحال. ويحتمل أن يكون المعنى: ويخرج الطائر فيصير كتابا. وقرأ يحيى بن وثاب " ويخرج " بضم الياء وكسر الراء ; وروى عن مجاهد ; أى يخرج الله. وقرأ شيبة ومحمد بن السميقع، وروى أيضا عن أبى جعفر: " ويخرج " بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول، ومعناه: ويخرج له الطائر كتابا. الباقون ونخرج بنون مضمومة وكسر الراء، أى ونحن نخرج. احتج أبو عمرو فى هذه القراءة بقوله ألزمناه. وقرأ أبو جعفر والحسن وابن عامر "يلقاه" بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف، بمعنى يؤتاه. الباقون بفتح الياء خفيفة، أى يراه منشورا. وقال منشورا تعجيلا للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة .

وقال أبو السوار العدوى وقرأ هذه الآية وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه قال: هما نشرتان وطية ; أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت ; فإذا مت طويت حتى إذا بعثت نشرت .

تفسير الوسيط لـ طنطاوى 

ثم ساق- سبحانه- صورة من صور هذا التفصيل المحكم فى كل شيء فقال- تعالى-: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِى عُنُقِهِ.

والمراد بطائره: عمله الصادر عنه باختياره وكسبه، حسبما قدره الله- تعالى- عليه من خير وشر.
أى: وألزمنا كل إنسان مكلف عمله الناتج عنه، إلزاما لا فكاك له منه، ولا قدرة له على مفارقته.
وعبر- سبحانه- عن عمل الإنسان بطائره، لأن العرب كانوا- كما يقول الآلوسى- يتفاءلون بالطير، فإذا سافروا ومر بهم الطير زجروه، فإن مر بهم سانحا- أى من جهة الشمال إلى اليمين- تيمنوا وتفاءلوا، وإن مر بارحا، أى: من جهة اليمين الى الشمال تشاءموا، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير استعارة تصريحية، لما يشبههما من قدر الله- تعالى- وعمل العبد، لأنه سبب للخير والشر .
وقوله- سبحانه-: فِى عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط بين الإنسان وعمله.
وخص- سبحانه- العنق بالذكر من بين سائر الأعضاء، لأن اللزوم فيه أشد، ولأنه العضو الذى تارة يكون عليه ما يزينه كالقلادة وما يشبهها، وتارة يكون فيه ما يشينه كالغل والقيد وما يشبههما.
قال الامام ابن كثير: وطائره: هو ما طار عنه من عمله كما قال ابن عباس ومجاهد، وغير واحد- من خير أو شر، يلزم به ويجازى عليه: كما قال- تعالى-: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وكما قال- تعالى-: إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه، قليله وكثيره: ويكتب عليه ليلا ونهارا، صباحا ومساء .
وقوله- سبحانه-: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً بيان لحاله فى الآخرة بعد بيان حاله فى الدنيا.
والمراد بالكتاب هنا صحائف أعماله التى سجلت عليه فى الدنيا.
أى: ألزمنا كل إنسان مكلف عمله الصادر عنه فى الدنيا، وجعلناه مسئولا عنه دون غيره. أما فى الآخرة فسنخرج له ما عمله من خير أو شر «فى كتاب يلقاه منشورا» أى:
مفتوحا بحيث يستطيع قراءته، ومكشوفا بحيث لا يملك إخفاء شيء منه، أو تجاهله، أو المغالطة فيه.
كتاب ظهرت فيه الخبايا والأسرار ظهورا يغنى عن الشهود والجدال.
كتاب مشتمل على كل صغيرة وكبيرة من أعمال الإنسان، كما قال- تعالى-: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ .









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة