أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

ومات برنارد لويس.. لكن أفكاره مازالت تقتلنا

الأربعاء، 23 مايو 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مات الباحث والمؤرخ والسياسى البريطانى الصهيونى، برنارد لويس، بعد أن عاش أكثر من مائة عام، كانت كافية ليشهد مخططاته وأفكاره السامة تتحول إلى أطر فكرية مهيمنة على الإدارات المتتابعة فى الدول الغربية الكبرى، وبرامج تطبيقية يتم تنفيذها حرفيًا فى منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد من أفغانستان شرقًا وحافة المحيط الهندى حتى موريتانيا غربًا على المحيط الأطلسى.
 
الرجل منذ الستينيات من القرن الماضى وهو يعكف على وضع الأطر الفكرية والسياسية التى يجب أن يتعامل بها الغرب الاستعمارى، الغرب السيد، الغرب القوى المتحكم، فيما يعرف بمنطقة الشرق الأوسط وثرواتها وجغرافيتها وبشرها وموروثاتهم، ويمكننا بسهولة تتبع خمسة أطر فكرية وسياسية تعود إليه، تحولت إلى ثوابت راسخة لدى العقل السياسى الغربى، ومن ثم إلى برامج يتم تطبيقها بأموالنا رغمًا عنا.
 
أول هذه الأطر الحاكمة، النظر إلى بلدان الشرق الأوسط ليس باعتبارها مجتمعات متماسكة، وإنما باعتبارها خليطًا من الطوائف والأعراق، وأن المصلحة الغربية تتحقق من خلال دعم وتأييد الطوائف والطائفية وتأجيج الصراع بينها وكذا القضاء على أى عوامل يمكن من خلالها تحقق الوحدة العربية اقتصاديًا أو جغرافيًا أو سياسيًا.
 
الإطار الثانى الحاكم يتمثل فى شيطنة الإسلام واعتباره الخطر الأكبر على الحضارة والمدنية الغربية، وأن هذا الصراع لابد وأن ينتهى بالقضاء على أحد الطرفين أو المعسكرين، وكانت أطروحته الصغيرة المعنونة بـ«جذور الغضب الإسلامى» هى أساس كتاب صامويل هانتنجتون المعروف بـ«صراع الحضارات» والذى أصبح إنجيل الغرب الذى يوصى باستبدال الإسلام بالشيوعية أو الخطر الأخضر بالخطر الأحمر، وحتى تتحقق أفكار برنارد لويس وتلامذته، كان لابد من أن يغزو العالم تلك الكيانات الهلامية المتطرفة والتى تتميز بالوحشية وتنتسب زورًا إلى الإسلام مثل تنظيمات القاعدة وداعش وجبهة النصرة وفجر الإسلام والفصائل المسلحة للإخوان، وكلها تنظيمات تقدم الصورة الذهنية المراد رسمها وتنميطها فى العالم كله عن الإسلام، باعتباره الخطر الجديد الذى لابد من مواجهته.
 
الإطار الثالث هو تعزيز وضمان الولاء المطلق لإسرائيل وضمان تفوقها عسكريًا على كل جيرانها، وكذا ضمان حماية أمنها فى كل الظروف وتبرير ممارساتها التوسعية أو العدوانية بأنها دفاع اضطرارى عن الوجود والمصالح الحيوية.
 
الإطار الرابع هو ضرورة التعامل القاسى مع الدول العربية والإسلامية، ليس كافيًا أن تغزو القوات الأمريكية أفغانستان والعراق وسوريا أو أن تحذو حذوها إسرائيل فى لبنان والأراضى الفلسطينية، ولكن المهم أن تكون طلائع القوات المعبرة عن المدنية الغربية قاسية وصادمة ومفرطة فى استخدامها للقوة العسكرية بحيث تحقق سياسة الردع لأعدائها «نحن العرب» لسنوات طويلة لا يستخدمون فيها القوة.
 
والإطار الخامس لأفكار برنارد لويس تجاه الشرق الأوسط، أن المنطقة لم تستقر بعد وأن حدودها ومسمياتها ومجتمعاتها ودولها يمكن إعادة النظر بشأنها وإعادة رسم الخرائط الجغرافية والبشرية ومسميات الدول من جديد، ولعل هذا الإطار نفسه هو ما عانينا منه عندما اعتمدت إدارة أوباما تطبيق برنامج الفوضى الخلاقة لإعادة تفتيت دول الشرق الأوسط بالحروب الأهلية والثورات المصنوعة، والاضطرابات الإثنية والعرقية وصعود التنظيمات والجماعات الإرهابية.
 
مات برنارد لويس عن 101 عام فى الولايات المتحدة، لكن أفكاره العدوانية المدمرة تجاهنا فى الشرق الأوسط لن تموت قريبًا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة