المافيا فى زمن السوشيال ميديا.. ماذا تبقى من أسطورة العصابات المنظمة؟.. التكنولوجيا تحطم جدران السرية.. مافيا ليكس للإبلاغ عن جرائمهم.. حكاية ظهور واعتذار على فيس بوك.. والتعاون مع داعش أحدث صفقات الشيطانية

السبت، 03 فبراير 2018 04:25 م
المافيا فى زمن السوشيال ميديا.. ماذا تبقى من أسطورة العصابات المنظمة؟.. التكنولوجيا تحطم جدران السرية.. مافيا ليكس للإبلاغ عن جرائمهم.. حكاية ظهور واعتذار على فيس بوك.. والتعاون مع داعش أحدث صفقات الشيطانية عالم المافيا
كتب محمد سالمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رجال يرتدون بدل سوداء ونظارات شمسية تخفى أعينهم، يمشون بخطى ثابتة ولا يلبثوا سوى لحظات أو دقائق على حسب مهمتهم سواء كانت قتل أو سرقة أو دعارة أو ترويج للمخدرات والسلاح، ويؤدوها ثم يعودون أدراجهم تاركين خلفهم من سقط حتى لو كان ضمن صفوفهم، ففى عالمهم الرحمة رفاهية والشجاعة تعنى البقاء على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة قبل أن تصيبك رصاصة تعرف طريقها إليك، هذا باختصار يشرح أبعاد الصورة الذهنية المكونة لدى الكثيرين عن عالم عصابات المافيا الدولية.  

الآن فى عالمنا المعاصر ما شكل عصابات المافيا فى ظل التطور التكنولوجى الهائل والتقنيات المعقدة؟، ماذا تبقى من أسطورتهم؟، وكيف بات شكل عالمهم؟، وما أبرز جرائمهم مؤخراً؟، وهل يعملون فى إطار الإمبراطوريات المنظمة كما كان فى الماضى أم أن أوضاعهم طرأ عليها جديد؟، كل هذه التساؤلات تحتاج لإجابات من أجل توضيح الصورة الذهنية عن المافيا فى العصر الحديث لاسيما بعد توجيه ضربات أمنية متلاحقة لهم فى الدول المختلفة خلال العقود الأخيرة.  

رحلة البحث عن المتغيرات فى هذا العالم

طرف الخيط لتكوين حقائق عن عالم المافيا المعاصر ربما يتواجد فى التقارير الحديث لوكالات الأنباء العالمية عن تلك العصابات المنظمة، وآخرها ما نشرته وكالة رويترز حول قيام الشرطة بالعاصمة الإيطالية روما بالقبض على 31 شخصا للاشتباه فى تورطهم فى أنشطة المافيا فى ضاحية أوستيا الساحلية التى كانت أحد محاور تحقيق كبير فى أنشطة المافيا فى العاصمة.

وقال مسئول بالشرطة إنه تم إلقاء القبض على 31 عضوا ومتعاونا مع عصابة يعتقد أن أسرة سبادا تديرها فى مداهمات بدأت عند الفجر فى أوستيا، ولا يزال أحد المشتبه بهم هاربا.

وأضاف التقرير أن أوستيا المنطقة الوحيدة ضمن 15 منطقة فى روما تخضع لإدارة مباشرة من الحكومة المركزية بسبب الانتشار المزعوم للمافيا فى المنطقة بعد القيام تحقيق واسع يعرف باسم "عاصمة المافيا" إلى اعتقال العشرات عام 2014.

أصل الحكاية

وللعلم لقب عاصمة المافيا فى العالم يمكن إطلاقه على إيطاليا ككل وليس المنطقة المشار إليها فى السابق فقط، لاسيما أنها هى مهد تلك العصابات المنظمة، وبالتحديد الجنوب الإيطالى خاصة جزيرة صقلية ومدينة نابولى ومنها انتشرت الفكرة إلى باقى أنحاء العالم سواء إلى الولايات المتحدة عبر المهاجرين الإيطاليين، أو المكسيك ونشأت بها مجموعات "لا ايميه"، ولم تسلم قارة آسيا من الفكرة نفسها ونشأت بها مجموعات "الياكوزا"، وبالتأكيد وجدت المافيا موطنا خصبًا لها فى بلاد أمريكا الجنوبية.

وفى ظل السيطرة العائلية على عصابات المافيا والالتزام بقواعد الولاء والطاعة والخوف الشديد من العقاب للخائنين، كانت مهمة تعقب قوات الأمن بالبلاد المختلفة لعناصرها أمر بالغة الصعوبة، إلا أن مع تطور التكنولوجى بات الإرشاد على هذا العالم أمر أسهل بشكل نسبى، والدليل ما أشار له تقرير صحفى لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" نشر بتاريخ 2 نوفمبر 2013 حول إنشاء مجموعة من خبراء الكمبيوتر الإيطاليين موقعا على الإنترنت يستهدف المساعدة فى الحرب على المافيا وأطلقوا عليه اسم "مافيا ليكس" وكذلك تعهدوا بحماية هوية أى شخص يريد الإبلاغ عن الأنشطة الإجرامية.

وقال مؤسسو الموقع إن من بين الفئات التى يؤمل التواصل معها ضحايا المافيا ومجرميها السابقين الذين ربما يخشون الإدلاء بمعلومات مهمة للشرطة أو الصحفيين الذين يجرون تحقيقات صحفية فى أنشطة عصابات المافيا.

ويوضح تقرير "بى بى سى" حقيقة أن أى شخص يدلى للشرطة بمعلومات عن هذه النشاطات يمكن أن يتعرض للخطر، موضحًا إنه من المحتمل أن يكون هناك ضابط فاسد مطلع على هذه المعلومات وحول هوية الشخص الذى يقدمها ويسرب هذا الضابط اسم الشخص المبلغ إلى العصابات.

أسطورة المافيا تتهاوى تحت أقدام التكنولوجيا

فى الشأن ذاته، أوردت صحيفة "لا ريبليكا الإيطالية" تصريحات لأحد مؤسسى الموقع، يقول فيها : "إن مافيا ليكس يسمح للناس بأن يدينوا نشاطات المافيا دون ذكر أسمائهم مع حماية هؤلاء الذين يدلون بالمعلومات"، مضيفًا :"يمكن أن يكون الموقع وسيلة جيدة لنشر نوع معين من المعلومات وهدم حائط الصمت المحيط بالجريمة المنظمة".

ولم يقف إعلان راية التحدى أمام المافيا فى إيطاليا عند هذا التحدى فإن هناك لافتات أخرى تدل على ذلك سواء حملات لنجوم الكرة الإيطالية أو الفنانين لمناهضة أنشطتها الإجرامية، كما أنه نشر خبر فى 18 مارس الماضى لافت للنظر مفاده أن أسقف جزيرة صقلية الإيطالية منع مجرمى المافيا المعروفين من أن يصبحوا "عرابيين" للأطفال عند التعميد فى أبرشيته فى تحدى واضح لزعماء الجريمة المنظمة وحرمانهم من أن يصير لهم جانب أبوى.

وطبقًا لصحيفة الجارديان البريطانية فإن الأسقف بينسى قال :"المافيا استخدمت دائما لفظ "العراب" الذى يستخدم فى الكنسية، حتى تضفى على زعمائها نوعا من الاحترام الدينى، فى الوقت الذى لا يوجد أى تشابه بين العالمين، المختلفين كليا عن بعضهما".

ويشار إلى أن أبارشية "بينسى" تضم قرية كورليونى، وهى مسقط رأس الشخصية الخيالية دون كورليونى الشهيرة فى رواية "العراب" لماريو بوزو وفى أفلام فرانسيس كوبولا. 

Italian-Mafia

الظهور على فيس بوك !

انهيار جزء كبير من سطوة المافيا يدفع للتساؤل ماذا عن سلوك زعماء تلك العصابات الحاليين؟.. هل مازال يلتزمون بنفس قواعد وأسس الماضى من الحفاظ على أعلى درجات السرية والولاء أم أن الوضع اختلف فى عصر السوشيال ميديا؟، وفى أغسطس 2014 كشفت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية عن واقعة غريبة للغاية بطلها زعماء شباب بالمافيا أنشئوا حسابات بشخصياتهم الحقيقية على مواقع التواصل الاجتماعى، متخلين عن أدنى درجات الحذر والسرية المعروف عن عالمهم خاصة أنه يوجد مجرمين عدة يستخدمون هويات مزيفة فى إجراء عملياتهم.

وأضافت الصحيفة آنذاك أن دومينيكو بالازوتو "28 عامًا" كان هو زعيم تلك الثورة على تقاليد المافيا لدرجة أن أقاربه يقولون عليه ورفاقه الذين يفعلون مثله "أطفال انستجرام الأثرياء" نظرا لنشرهم صور حياتهم المترفة على موقع الصور مظهرين حياتهم على ظهر اليخوت وداخل سيارات الليموزين. الأكثر غرابة فى واقعة ظهور بالازوتو على موقع التواصل أن أحد متابعيهم سأله :"قائلاً: "هل يجب أن أرسل لكم سيرتى الشخصية؟"، ليرد عليه الشاب ساخرًا :"ارسل لى سجلك الإجرامى، نحن لا نقبل أعضاء لهم سمعة طيبة".

ويُعتبر ظهور زعماء المافيا الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى من أكثر الأمور غرابة فى التاريخ المعاصر لعصابات الجريمة المنظمة والسبب ببساطة أنه حطم جدران السرية التى أحاطت بتلك المجموعات منذ عقود، وعلى ذكر فيس بوك فإن هناك واقعة أخرى تعود إلى 23 نوفمبر الماضى بعدما اعتذرت إدارة الموقع  لأسرة "زعيم زعماء" المافيا في إيطاليا لإزالته رسائل تعازى تدفقت على الأسرة بعد وفاته الأسبوع الماضى، وقالت متحدثة باسم فيس بوك لأسوشيتد برس إن منشورات تدفقت على صفحة صهر سلفاتورى "توتو" رينا أزيلت عن طريق الخطأ، بعد شكاوى من مستخدمين بأنها تنتهك معايير فيس بوك، وبعد المراجعة، أعاد فيس بوك المنشورات وقدم اعتذارًا.

وتبقى الإشارة إلى أمر أخير أن المافيا الإيطالية على سبيل التحقيق مازالوا متمسكين بقاعدة أساسية وهى عدم الممانعة فى التحالف مع الشيطان لتحقيق مصالحهم!، ففى الماضى تقول تقارير إعلامية أنهم تعاونوا مع دول الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية من أجل القضاء على الزعيم الفاشى الإيطالى موسولينى الذى كان يشن حملات لتصفيتهم بالداخل، أمّا بالنسبة للحاضر فإنه ليس غريبًا أيضًا أن تستمتع للمدعى العام فى إيطاليا 20 أبريل 2016 وهو يكشف عن علاقة مصالح تربط الجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا ولاسيما داعش، مع عصابات المخدرات في بلاده ودول أخرى، فيما أفادت تقارير صحفية فى أغسطس الماضى أن الشرطة الإيطالية تحقق في معلومات تفيد بأن عصابات المافيا عقدت شراكة مع تنظيم داعش المتطرف لتزويدها بالنفط المهرب إلى أوروبا!.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة