تيسير جودة تكتب: المرحلة الملكية أم مفترق الطرق؟

الجمعة، 16 فبراير 2018 09:30 م
تيسير جودة تكتب: المرحلة الملكية أم مفترق الطرق؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تساءلت يوما، ماهي المرحلة الملكية ""Royal level؟ وهل وصلت إليها يوما؟ وهل أدركت أنك أوشكت على الوصول إليها، أو أنك بالفعل تعيشها، أو أنك في مفترق الطرق وما زلت تعيش ملكية مؤقتة؟! ومن ثم ماذا عن المرحلة السابقة، أو التالية لها؟ 
لقد حاولت القراءة عن المرحلة الملكية، ولكن في النهاية وجدت أن جميع التعريفات واحدة؛ بل وجدتها مكررة بنفس الكلمات والمصطلحات، ومن ثم فما يهم هنا هو كيف ندرك أننا نعيش المرحلة الملكية.
دون الخوض في غمار التفاصيل؛ في البداية سأخبركم بأنني أميل لأن أقسم حديثي عن المرحلة الملكية؛ بالحديث أولا عما أسميته مرحلة التمهيد؛ وهي المرحلة السابقة للمرحلة الملكية، ثم المرحلة الملكية، وتليها مرحلة مفترق الطرق.
وبناًء عليه؛ دعوني أتحدث بالمنطق؛ وهو أن لكل شيء أسباب وأحداث ونتائج؛ فكانت أسباب المرحلة الملكية – من وجهة نظري - هي مرحلة التمهيد أو المعاناة، أو يمكنك تسميتها مرحلة الابتلاء، وقد أسميتها كذلك؛ لأنه لن يستطيع أيًا منا أن يصل للملكية قبل المعاناة ، نعم لابد لك أن تُبتلى، أو تواجه نوعا من الصعوبات، التي يختلف استقبالها من شخصٍ لآخر، لكن الشاهد أنه لابد أن يمر الإنسان بمرحلة الابتلاء وليس الفرح؛ وذلك لأنّ الحزن هو من يُغير ملامحنا تماما، ويُغير من طريقة تفكيرنا، ونظرتنا لكل ما يَجري حولنا.  
وعلى هذا الأساس، يبدأ المرء في إعادة ترتيب أولوياته، ويتجه نحو تقدير ذاته، أي أنه يبدأ بالفعل في الدخول للمرحلة الملكية، فبعد أن يَمر بفترة اللاهدوء، سيجد المرء نفسه في حالة تَجرد تام من أي إحساس؛ سواء كان بالحزن أو السعادة، وسيسيطر عليه إحساس تام بالرضا، وذلك بعد أن يكون قد نَفض عن نفسه غُبار الماضي، الذي لطالما آذى مشاعره، سيفعل هذا دون مساعدة من أحدهم، فقط برعاية من العناية الإلهية، ويبدأ طريقا مُغايرا لما كان عليه في مرحلة التمهيد.
ومن ثَمّ؛ تبدأ ملامحه في التغير تماما، لا أعني ملامح الوجه بقدر ما أعني الملامح الجوهرية، والسمات الشخصية، أعني حينما يشعر المرء بعدم مبالاته لشيء بالقدر الذي كان عليه مُسبقا، خيرًا كان أم شرًا، سيُصبح أكثر إدراكًا بأن الفرح لن يستمر، وبأنه لم يَعدْ يشعر بالسعادة لتلك الأشياء التي لطالما طار بها فرحا، بل إنها لم تعد لها أهمية تُذكر في خاطره .
وسيدرك بأن كل مر سيَمر أيضًا ! ولن يشعر ثانية بأنين الحزن، الذي كاد يقصم ظهره من قبل، وسيدرك أن الخير كل الخير فيما قضاه الله وقدره، وما عليه سوى السعي والأخذ بالأسباب ليس إلا، أما النتائج؛ فلن يصبح لها ذاك الشغف السابق؛ ومن ثم سيعيش في حالة هدوء تام، هدوء لايضره فيه غياب أحدهم، ولا يغيره قدوم أو بقاء آخر، ولسان حاله يقول؛ من بقى فأنا معه، وأما من أستغنى فأنا عنه أغنى، ويستمر في هدوئه، هدوء لا يؤذيه فيه غباء أو ذكاء أحد مطلقا، ولا يجذبه فيه حديث، ولا يشغله تصحيح فكرة، فالعالم بما حوى، لم يعد يَخطر له ببال، ويعتنقه هدوء وردي، ومن هنا فقط يستطيع المرء أن يحكم على نفسه بأنه في المرحلة الملكية.
لكن هل ستستمر تلك المرحلة طويلا؟ وماذا عما بعدها؟
إن دوام الحال من المحال ، ولا أخفيكم سرًا ، فالملكية هذه لن تدوم بهذه السهولة؛ إنما المرء ذاته هو من يقرر ذلك؛ فإذا نظرنا لما تتصف به الحياة من تقلبات، وتعدد وجوهها، فقد يأتي ما يحول ملكية الإنسان الخاصة ، ويجعله خاويا ذاتيا، ومن ثم يجد نفسه وقد توجه لمرحلة أخرى ، وأسميها مرحلة مُفترق الطرق . 
وفيها تبدأ عزيمة المرء تقل شيئًا فشيئًا؛ ولاسيما حينما تبدأ ضغوطات الحياة تفعل فعلها، وهذه المرحلة تختلف من شخص لآخر؛ إذ على الرُغم من أنه لابد وأن يصل المرء للمرحلة الثالثة؛ إلا أنه بإمكانه أن يستمر في ملكيته، ويستطيع أن يتحدى كل شيء ليحافظ عليها، أو يتحول عندما تفترق عليه الطرق وتتعدد أمامه ؛ فيختار طريقا يجعله في مرحلة البداية، وهي مرحلة التمهيد للملكية مرة أخرى، ولا أدري كم ستستمر معه هذه المرة، ولا أعلم هل سيعيش المرء الذي نزح عن ملكيته المرحلة الملكية ثانية أم لا .
وعلى هذا الأساس ؛ فإن كنت في المرحلة التمهيدية؛ فلا تتعجل قضائها، ودعها تنتهي في وقت اكتمال ملكيتك، وكن مُتيقنًا بأن أي شيء سينتهي إن عاجلا أو آجلا، ولا تحاول أن تتعايش مع ملكية لم تعيشها ولم تصل إليها بعد؛ فطعم الثمار يفسد؛ إذا جنيناه قبل اكتمال نضجه، رغم سهولة قطفه، وإذا وصلت للمرحلة الملكية؛ فلا تقبل بأقل منها ثانية، وحاول أن تستمر فيها، بأن تجمع قواك، وتستلهم رُشدك، وتتحلى بالصبر؛ ولاسيما عندما تصل لمفترق الطرق ، وتذكر أن هناك دائما بعض العقبات ، لكن لا تجعلها تغير مَسارك مُطلقا، لأنك قوي بربك . 
واختتم حديثي بكلمات رائعة للدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله، عندما قال: "عِش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك، عش بحبك لله عز وجل، عش بالتطبع بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام عِش بالأمل، عِش بالكفاح ، عِش بالصبر ، عِش بالحب ، وقَدِّر قيمة الحياة" .
 
                                          
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة