أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

سوريا.. ترامب.. حرب رجال الأعمال «2»

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ترامب يعلن فى كل تصريحاته وتغريداته التى تلت قرار انسحاب قواته من سوريا، أنه يعمل على الوفاء بكل وعوده الانتخابية، ولكن هل مجرد الوفاء بوعوده الانتخابية، هذا المبدأ النبيل الذى غالبا ما يتغاضى عنه السياسيون الناجحون فى دخول البيت الأبيض، هو ما يلزم ترامب بإلقاء قنبلته السياسية الجديدة لتتجاوز شظاياها الداخل الأمريكى إلى أوساط حلف الناتو ومنطقة الشرق الأوسط بكاملها؟
 
ترامب يراجع حسابات تتجاوز الـ5 تريليونات دولار أنفقتها الإدارات الأمريكية المتتابعة فى منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان خلال السنوات العشر الماضية، ثم يتساءل بحرية تاجر العقارات الناجح: لماذا علىَّ أن أدفع كل هذا المبالغ المالية ثم لا أتكبد إلا مزيدا من ضجيج الساسة المحترفين وأساتذة الجامعات المتشنجين، بالإضافة إلى تكاليف علاج وتعويضات ومعاشات عشرات الآلاف من العسكريين الضحايا والمصابين؟ ولماذا لا يدفع الحلفاء الذين تشارك الولايات المتحدة حمايتهم بقوتها العسكرية المفرطة وتأثيرها السياسى الدولى تكاليف تلك الحروب الباهظة بما فيها مصاريف الوقود والإعاشة ورواتب الجنود المشاركين فى الأساطيل المنتشرة بين المحيط الهندى والخليج العربى إلى البحر المتوسط ومضيق جبل طارق؟
 
مبدأ ترامب الجديد الذى يسعى إلى فرضه على جميع دول العالم، هو «يجب أن تدفع»، الحلفاء يجب أن يدفعوا الكثير لقاء الحماية والاستقرار، والخصوم لابد أن يدفعوا مقابل السلام أو مقابل عدم التعرض للعدوان والعقوبات العسكرية والاقتصادية، من كان يدفع سرا سيدفع علنا أضعاف ما كان يدفع، ومن كان لا يدفع مكتفيا بشراء عقود التسليح الزائدة عن الحاجة، لن يعود ذلك كافيا سواء بالنسبة للشركاء فى حلف الناتو وأوربا أو فى منطقة الشرق الأوسط أو شرق آسيا.
 
ما يحدث الانقسام والجدل فى أوساط السياسيين والعسكريين المحترفين، تصوير البعض ترامب أنه لا يعى المكاسب الهائلة التى تجنيها الولايات المتحدة من جراء وضعها الدولى والعسكرى وانتشارها فى مختلف مناطق العالم، هذا الوضع الدولى الاستثنائى يوفر للولايات المتحدة فرصة السيطرة على جميع مناطق الثروات الطبيعية فى العالم وكذلك منافذ العالم ومناطقه الاستراتيجية من نيوزيلندا إلى آلاسكا، وأن هذه المكاسب لا تقدر بثمن، وأن الـ5 تريليونات دولار التى يضيق بها ترامب ربما لا تساوى مقدار النفوذ الهائل والتمكن من الثروات ومقادير السياسة فى قارات العالم الخمس.
 
هل ترامب فعلا لا يدرك المكاسب المهولة والسطوة الغالبة المتحققة للقوات الأمريكية فى الخارج؟ وهل فعلا قراراته بالانسحاب من مناطق النزاع الساخنة وصداماته مع الحلفاء ستجلب على واشنطن خسائر استراتيجية هائلة؟ ربما تكون الإجابة عن السؤالين السابقين بالإيجاب، لكن عقلية تاجر العقارات التى يحكم بها ترامب تريد الجمع بين حصد المكاسب الاستراتيجية والسطوة الغالبة فى جميع مناطق العالم دون دفع أى تكاليف مالية بما فى ذلك الوقود الذى تحرقه بوارج وسفن الأساطيل الأمريكية التى تجوب بحار العالم ولا الذخائر والصواريخ التى تطلقها الطائرات والمدافع.
 
نعود إلى سوريا والانسحاب التدريجى لمجموعة القوات الخاصة الأمريكية وعددهم لا يتجاوز الخمسة آلاف مقاتل، ترامب لا يهمه السلام فى سوريا ولا يهمه أن تحترق البلاد وأن يتشرد أهلها لاجئين فى جميع بلاد العالم، كل ما يهمه ألا يمتد خط الغاز الروسى إلى أوروبا وألا تزيد سطوة الثنائى الروسى والإيرانى فى البحر المتوسط، وسيعمل على ذلك بكل ما أوتى من قوة، ولكنه لا يريد أن يدفع سنتا واحدا مقابل تنفيذ المشروع الأمريكى الاستعارى الجديد.
 
سيكون هناك كلام كثير عن نهج ترامب فى السياسة الخارجية، وعن صراحته الوقحة فى التعبير عن القدرة العسكرية الأمريكية وسطوتها على العالم وعما يريده من إتاوات نظير حمايته أو صمته، وستظل سوريا تعانى من الأطماع والحروب والمآسى خلال سنوات مقبلة، بعد انسحاب الأمريكيين، لكن كيانات جديدة ستظهر لمواجهة الترامبوية، كما لن تغرق سوريا فى الحرب.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة