أكرم القصاص

البريكست صراع سياسى واقتصادى فى أوروبا.. وحرب بالسلاح فى الشرق الأوسط

الخميس، 22 نوفمبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو العالم اليوم فى سياق صراع أقرب لما كانت عليه الحرب الباردة. فى أوروبا والعالم المتقدم يأخذ شكل الصراع السياسى والاقتصادى والتجارى، بينما يظل الحسم للحرب بالسلاح فى الشرق الأوسط والعالم العربى والإسلامى، فما زال تنظيم داعش يمثل تهديدا فى العراق وسوريا، وتتخذ الحرب فى اليمن أشكالا متعددة، بينما تبدو شروخ فى جدار العولمة حيث تنشغل أوروبا أكثر بالخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى، والمنافسة التجارية التى ترواح مكانها بين أمريكا والصين أو بين أوروبا وأمريكا، لكنها خلافات تنتهى بمفاوضات أو تنازلات متبادلة. 
 
فى بداية التسعينيات من القرن العشرين، كان الحديث عن العولمة شاعت مقولة إن العالم فى طريقه ليصبح قرية صغيرة، بما ترتبه ثورة التكنولوجيا والاتصالات، وفى ظل الإنتاج الواسع للسلع بدأت دعاوى لتسهيل انتقال السلع والخدمات، وإسقاط هذه الحدود وفتح مجالات التجارة الدولية وإنهاء الرسوم الجمركية، كانت الدول الصناعية هى التى تدفع فى هذا الاتجاه، حتى يمكن أن يتحول العالم كله على سوق يستوعب الإنتاج الكثيف للسلع والخدمات.
 
فى التسعينيات أيضا بدأت أوروبا تظيم صفوفها وتطور مؤسساتها المشتركة وتعلن قيام الاتحاد الأوروبى، وظل العالم الثالث ومنه الشرق الأوسط بعيدا عن هذه التحركات التى كانت تقودها الدول الكبرى بسرعة وخطوات متواصلة، فقد بدأت دول كثيرة توقع على اتفاقية التجارة العالمية وتتعهد بإسقاط حواجز الجمارك أمام السلع المقبلة من أوروبا وأمريكا والصين واليابان، وكانت اتفاقية التجارة العالمية تعنى تدفق السلع والخدمات الأجود والأرخص، وفى الواقع تعطى ميزات للدول الأكثر تقدما فى أن تفرض منتجاتها، وظهرت المنافسة الصينية فى أمريكا وأوربا، الأمر الذى دفع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإعلان حرب مضادة لما اعتبره حربا تجارية صينية، وفرض رسوما على واردات أمريكا من الصلب وغيره، وردت الصين وأوروبا بإجراءات مشابهة، وبدا أن الولايات المتحدة التى كانت أكبر الدافعين للعولمة واتفاقية التجارة تتخذ إجراءات حمائية. 
 
وعلى جانب آخر فقد كان الاتحاد الأوروبى الذى تم إعلانه عام 1992 هو أحد علامات عصر العولمة، لأنه جمع الدول الصناعية الكبرى، لكنه يواجه شرخا بعد موافقة البريطانيين فى 23 يونيو 2016 على الخروج من الاتحاد «بريكست» فى مارس المقبل، وكان الاستفتاء هو أول إجراء ديموقراطى يصيب المملكة المتحدة بارتباك سياسة واقتصادى، استقال على إثره رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون. وتولت رئاسة الوزراء تريزا ماى، التى حاولت طرح اتفاق آخر لخروج بأقل الخسائر، لم يلق موافقة من الاتحاد ولا داخل بريطانيا، حيث توالت استقالات الوزراء منهم 7 فى يوم واحد من بينهم وزير شؤون البريكست دومينيك راب، ووزيرة العمل.
 
وهناك سيناريوهات مختلفة تحمل قدرا من المخاطر والارتباك الاقتصادى وتنعكس سياسيا على بريطانيا وأوربا، لتضيف المزيد من الشروخ إلى عولمة تعيد تشكيل نفسها وتحدد مواطن القوة والضعف، لكن تظل الدول الديمقراطية قادرة على إدارة خلافاتها ومنافستها بالصراع السياسى، بينما تبقى الدول الأكثر تخلفا مجالا للتجارب والحروب العرقية التى تستهلك الموارد وتعطل التنمية، حيث يسقط 55 قتيلًا فى تفجير انتحارى لتجمع رجال دين فى العاصمة الأفغانية كابول، وتتواصل عمليات القتل التى تنفذها داعش، ويبقى العراق عاجزا عن استعادة الاستقرار بعد 15 عاما على الغزو الأمريكى وتظل سوريا داخل تهديد الإرهاب والصراع المسلح، وفى ليبيا تبقى الأوضاع رهنا لصراع ميليشيات تمثل أجهزة ودولا، وتنتقل عدوى الإرهاب والحروب الأهلية فى أفريقيا، وهى صراعات يعجز مواطنو هذه الدول وسياسيوها عن مواجهتها بالسياسة، لكونها تعكس صراعات مصالح وغياب لنظام دولى حقيقى، حيث تنشغل الدول الكبرى بتصفية صراعاتها سياسيا تاركة الحروب لعالم يغرق فى تخلفه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة