أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

ساطع النعمانى بيقول لنا: خلوا بالكم من مصر

السبت، 17 نوفمبر 2018 11:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العقيد ساطع النعمانى، نموذج مصرى مضىء فى زمن الظلام والتشويش، بطل يقتدى به، يعيدنا للأيام المجيدة، أيام التضحية بالنفس من أجل الوطن والناس والمستقبل الأفضل، أيام كانت كلمة الواجب لها معنى واضح مؤثر، وكلمة المسؤولية تساوى الشرف وتعطى وجود الإنسان معناه، ساطع النعمانى رجل مصرى ورب أسرة عادى، لكنه يعرف معنى المسؤولية والواجب والوطن والشرف، ويؤدى مهام عمله بضمير حى، وتصادف أن يكون عمله هذا فى وزارة الداخلية، نائب مأمور قسم شرطة بولاق الدكرور فى وقت الفتنة الكبرى، وقت ثورة الشعب على فساد وظلم العام الأسود الذى حكم فيه الإخوان والذى تزامن مع المؤامرة الخارجية لنشر الفوضى، وإدخال البلد فى حرب أهلية، تمهيدًا لتفتيتها واقتسامها بمعرفة تنظيم الإخوان الدولى.
 
«الحمد لله والشكر لله إنى شفت مصر تانى بعد غيبوبة استمرت 60 يومًا كنت فيها أقرب إلى الموت، والله سبحانه وتعالى قرر يرحعنى الحياة زى ما يكون باعت رسالة لكل المصريين، خلوا بالكم من مصر»، هذه كانت أول كلمات ينطق يها الشهيد الحى ساطع النعمانى فور وصوله أرض الوطن، بعد رحلته العلاجية الأولى، التى عانى فيها من غيبوبة طويلة ومضاعفات صحية بمختلف أجهزة الجسد، بعد تلقيه طلقة رصاص فى الوجه من مسلحى جماعة الإخوان الإرهابية، عندما كان مأمورًا لقسم بولاق الدكرور، وكان المعزول يخطب خطابه الأخير ويرسل رسائل لاتباع الجماعة لتكرار سيناريو 25 يناير. 
 
وبالفعل انطلقت عصابات الإخوان المسلحة تطلق النار عشوائيًا وتشتبك مع المواطنين لإرهابهم، فى محاولة لفرض القهر والقمع بالقوة واختطاف الدولة المصرية إما إلى حكم الحديد والنار والتخلف، أو إلى الفوضى والحرب الأهلية، وبالفعل كانت إحدى هذه العصابات الإجرامية فى منطقة بين السرايات تشتبك مع أصحاب المحال والمواطنين، ونزل العقيد ساطع النعمانى وأفراد القوة بقسم الشرطة لفض الاشتباك وضبط الجناة لكن عصابات الإخوان عاجلته بطلقة فى الوجه، بعد أن وفر الحماية للأهالى، لذا أنقذه الأهالى وحملوه إلى أقرب مستشفى لتبدأ رحلة آلامه الطويلة بين مستشفى الشرطة وأكثر من بلد أوروبى ليعود فى المرة الأولى بإصابات واضحة باقية وفقدانه إحدى عينيه. 
 
الجميل والملفت فى أيام الشهيد ساطع النعمانى وما يجعل منه نموذجا يشار إليه، أن الألم لم يفسد روحه، والمعاناة لم تزرع داخله الرغبة فى الانتقام والسلام، أو تحوله إلى تاجر يلف بمأساته لينال أكبر قدر من المكاسب، على العكس من ذلك، فوجئ بمحبة الناس، عند عودته بعد رحلته العلاجية الأولى، كما فوجئ بحفاوة الداخلية والحكومة بأعماله البطولية، ولم يكن له مطلب بعد عودته من العلاج سوى أن يقوم بأى عمل داخل الداخلية، «أنا كل خوفى إن الوزارة تحيلنى للمعاش ومستعد أشتغل أى حاجة حتى لو هفتح باب الوزارة وأقفله، وابنى ياسين إن شاء الله هيطلع ضابط وهيكمل رسالتى، وأهالى بولاق فوق راسى»، لكن الشهيد الحى سرعان ما داهمته المتاعب الصحية وسافر مرة أخرى للعلاج فى لندن، ولكن هذه المرة لبى نداء ربه وتحول من الشهيد الحى إلى قائد الشهداء الصابرين.
 
هذه روح ساطع النعمانى الذى حمى أهالى بولاق من القتل العشوائى، وقاد مساعديه للدفاع عن قسم الشرطة ضد الحرق والتدمير، واعتبر ذلك مجرد أداء للواجب وتحملا للمسؤولية لا أكثر ولا أقل، وعندما أصيب الإصابة الخطيرة، قبل ورضى وتحمل على أساس أن كل شىء بقدر، وأن المخاطر جزء من طبيعة عمله، وأنه أفضل حالًا من زملاء استشهدوا أو تعرضوا للقتل والسحل والتعذيب مع سبق الإصرار، لذلك لم يكن غريبًا أن يلتقيه الرئيس بعد عودته من رحلته العلاجية الأولى وأن يطلق اسمه على ميدان النهضة بعد أن لبى نداء ربه، وأظنه الآن سعيدًا وفى مكان أفضل مما نحن فيه.. يارب احفظ بلدنا واحفظ لها رجالها الأوفياء.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة