أيام قلائل تفصلنا عن ماراثون العام الدراسى الجديد، تغمُر فيه الفرحة والمعاناة البيوت المصرية، فرحة الأطفال بالثياب والأدوات المدرسية الجديدة، والمعاناة من عبء الدروس الخصوصية وشراء الكتب الخارجية؛ وبعد رحلة عذاب فى سباق مُضنى نحو كليات القمة، يتخرج منها مئات الطلاب ليست لديهم فرصة بسوق العمل، فالقطاع الحكومى أغلق على ما فيه، والقطاع الخاص يبحث عن الكفاءات وإن أتى بها من الخارج؛ لماذا لا تهتم الدولة بالتعليم الفنى ويكون بمثابة كليات القمة؟، ويُصبح شهادة جامعية معتمدة حتى يقبل الطلاب عليه.
ألمانيا قامت نهضتها الصناعية على التعليم الفني، وفى مصر نعتبره وصمة عار لأنه دبلوم فنى ثانوى؛ التعليم فى مصر حاليًا لا يخرج منه إلا جاهل لغويا ومتعصب دينيا، أُلغيت حصة التربية الدينية وإضافتها إلى المجموع، فخرجت أجيالٌ ضالة تبحث عن المعلومة الدينية عبر الفضائيات، وتستقى منها سموم الفكر الضال، فكل فضائية لها توجه ما، والضحية فى النهاية المواطن والوطن معًا؛ أتمنى يأتى اليوم وتكون حصة التربية الدينية مشتركة بين الطلاب مسلمين ومسيحيين، خروج الطلاب المسيحيين من الحصة التربية الدينية، أو العكس أوسع الفجوة بين أبناء النسيج الواحد، فالفضائل مشتركة بين جميع الأديان؛ العلم والوعى والثقافة هم الحل الأوحد لخروج مصر من مشكلاتها، براثن الطائفية والتضخم السكانى والاستهلاك المفرط والأمراض المزمنة؛ إسرائيل دولة السبعين عاما فرضت وجودها بالعلم، تصرف ثلثى ميزانيتها على البحث العلمي، فلم تعد مستهلكه، بل منتجة ومصدرة؛ وزير التعليم الحالى طارق شوقى قضى على ما تبقى من التعليم المواكب للعصر، عندما قام بإلغاء إضافة مجموع الحاسب الآلى والتربية الفنية إلى المجموع، هذا القرار يقتلُ المهارات والمواهب فى التلميذ، حصة التربية الفنية قد يراها البعض مضيعة للوقت، لكنها فى الحقيقة تعمل على تنمية الخيال وإظهار الطاقات الكامنة فى التلاميذ، ومادة الحاسب الآلى بوابة التقدم التكنولوجي، ولن يجتهد الطالب المصرى بالمادة طالما لا تضاف إلى المجموع؛ مأساة التعليم فى مصر الاهتمام بالمادة يكون لأنها مرتبطة بالمجموع، لكن ما هو دون ذلك مهمل؛ لا أعرف لماذا أصدر الوزير هذا القرار غير الصائب، كما لو كان يريد إنهاء التعليم تماما فى المدارس المصرية، العالم اليوم يحارب أمية الكمبيوتر والتكنولوجيا، ونحن نعود للخلف.
