أكرم القصاص - علا الشافعي

عباس شومان

ميراث المسلمة من تركة زوجها غير المسلم

الأربعاء، 16 أغسطس 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سبق القول فى مقال سابق بأن المسلم له أن يتزوج من امرأة غير مسلمة، ولها أن تبقى على معتقدها شريطة أن تكون كتابية، وأنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير مسلم، وأبين أنه لا علاقة للمسألة بالتحيز للإسلام، بل للحفاظ على المودة المنشودة من الزواج، حيث إن المسلم يؤمن بعقيدة زوجته ومأمور باحترامها وتمكينها من أداء شعائرها فى كنيستها أو معبدها فتستقيم الحياة بينهما مع اختلاف الدين، بخلاف المسيحى أو اليهودى فهو لا يؤمن بالإسلام ورسوله، ودينه لا يأمره بتمكينها من أداء شعائر دينها فتبغضه لذلك.
 
ولهذا السبب منع زواج المسلم من غير الكتابية، لأنه لا يؤمن بمعتقدها كالهندوسية، ومن لا تؤمن بدين، ولا يأمره إسلامه بتمكينها من أداء طقوسها، بل يوجب عليه منعها من عبادة النار والكواكب ونحوهما فتبغضه وتفتقد المودة المنشودة فمنع من زواجها حفظا لكرامتها من الامتهان، وعيشها مع شخص لا تحبه ولو كان أفضل منها دينا.
 
ومع أن زواج المسلمة من غير المسلم لا يجوز فى شريعتنا إلا أن الواقع يوجد بعض صور هذا النوع من الزواج كزوجين تزوجا وهما على غير الإسلام فأسلمت الزوجة وبقى زوجها على غير الإسلام، وهذا الزواج بهذه الصورة أفتى بعض فقهاء العصر فيها ببقاء الزوجية بينهما، لاسيما إذا كان فى مفارقة المرأة ضرر ومخاطر، ومن ذلك ألا يكون لها مأوى يؤويها، أو أسرة تحتضنها، أو عمل تتعيش من دخله، وقد يترتب على ذلك ردتها عن إسلامها فى وقت لا يمثل إسلامها غضاضة عند زوجها الذى أحبها ولا زال على محبته لها، لأنهم لا ينظرون إلى الزواج كرباط شرعى، وإنما كعقد مدنى.
 
كما يتصور حصول هذه الحالة فى المسلمة التى فارقت زوجها لدخولها فى الإسلام وعدم خوفها الضياع أو الارتداد لاستقرار حياتها من دونه لكنها مازالت فى عدتها أثناء موت زوجها غير المسلم لما هو معلوم من أن العدة من توابع الزوجية وتبقى المرأة أثنائها على حكم الزوجية، ويتصور وجود هذه الحالة أيضا على رأى الحنفية، حيث لا يفرقون بين المسلمة وزوجها بمجرد إسلامها دونه أو ردته عن إسلامه إن كان مسلما وبقاء زوجته المسلمة على دينها، بل تبقى زوجة حتى صدور الحكم القضائى المفرق بينهما وقد يموت الزوج قبل صدور هذا الحكم.
ولما كان وجود الزوجية بين المسلمة وغير المسلم ولو مؤقتا متصورا كان من الضرورى بيان حكم ميراث هذه الزوجة المسلمة من تركة زوجها غير المسلم إن مات وهى زوجة كالمسلمة فى بلاد الغرب التى لم تستطع ترك زوجها بعد دخولها فى الإسلام خوفا من ضرر يلحقها، أو مؤقتا كهذه التى فارقت زوجها بعد إسلامها، وما زالت فى العدة أو التى ارتد زوجها ولم يصدر حكم التفريق بينهما.
 
والفقهاء قد اختلفوا فى هذه المسألة تبعا لاختلافهم فى مسألة ميراث المسلم من غير المسلم بصفة عامة، حيث يرى بعضهم عدم التوارث لأن اختلاف الدين مانع من الميراث مطلقا لقوله، صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم»، فكما لا يرث غير المسلم قريبه المسلم أو زوجته المسلمة فكذا لا يرث المسلم قريبه غير المسلم، ولا ترث المسلمة زوجها غير المسلم.
 
بينما يرى فريق آخر أن المسلم يرث قريبه غير المسلم، وأن هذا يعنى أن المسلمة ترث زوجها غير المسلم، وممن كان يقول بذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز، حيث كان يقول: «نرثهم ولا يرثوننا كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا».
 
والحقيقة أن ميراث المسلمة من زوجها أو قريبها غير المسلم لا ينبغى أن يكون محل خلاف فى زماننا، وأنه ينبغىالقول بميراثها، وذلك لما هو معلوم عند علماء الأصول من أن الأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما، ولما كانت صور حصول الزوجية بين المسلمة وغير المسلم حاصلة بالفعل فى زماننا، ولما كان اختلاف الدين لا يمثل مشكلة لدى البعض لاسيما فى بلاد الغرب، وأن قوانين هذه الدول وأنظمتها لا تمنع التوارث بسبب اختلاف الدين، فلا يعقل أن تكون مكافئة المسلمة التى تركت ما كانت عليه ودخلت فى الإسلام من قبل دينها الذى دخلت فيه حرمانها من ميراث يمكنها أخذه وإلا عد هذا عقابا على دخولها فى الإسلام، وهذا لا يقول به إلا من جمدت عقولهم على منقولات السابقين التى حذرونا هم بأنفسهم من الجمود عليها وعدوا ذلك من الضلال فى الدين والجهل بمراد علماء المسلمين.
 
ولذا علينا القول بأن الزوجة المسلمة ترث زوجها وقريبها غير المسلم فإن كان فى بلادنا أمكننا تطبيق ذلك، وإن كان فى بلاد لا سلطان لنا عليها كبلاد الغرب فإن قوانينهم إن كانت لا تمنعه فلا ينبغى أن تكون فتاوانا حجر عثرة لعقاب المسلمين والمسلمات هناك، وإن كانت قوانينهم تمنعه فلن يرضخوا لإفتائنا باستحقاقها الميراث ولكن على الأقل نكون قد ساندناها ولو معنويا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ميراث المسلمه

أعتقد هذه القضيه خاضعه لقانون كلا الطرفين

عدد الردود 0

بواسطة:

ismail

يُوصِيكُمُ اللَّهُ 1

دائمآ ما نسمع من رجال الدين أن كتاب الله صالح لكل زمان ومكان والي أن تقوم الساعة وأنا أؤمن بهذا 100% ولكن عندما نتفكر في فيما يقولون نكتشف أن كثير منهم فرمل عند الدولة العباسية كازمان وجزيرة العرب كامكان وهذا ما أوصلنا الي أن نكون من أكثر شعوب العالم جهل وتخلف وأكسبنا كثير من الاعداء. وهذا ما جعل مهندس مدني يخرج عن هذا النمط من التفكير ويتعامل مع كتاب الله بأسلوب علمي يتناسب مع التطور المعرفي لهذا العصرفتوصل من ضمن ما توصل أليه الي نظام كامل للوصية والارث معتمدآ فقط علي أيات كتاب الله المعجزة ليؤكد علي انه صالح لكل زمان ومكان ولكل أهل الارض (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ), وتوصل الي فهم مختلف للأية الكريمة (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ففرق بين معني الارث والوصية وكلاهما وسيلة لنقل الثروة من جيل الي أخر وبالادلة أثبت أن الوصية حق لصاحب الثروة يتصرف فيها كيفما يشئ في حياته أو يوصي بها لمن يشئ بعد موته اخذآ في الاعتبار بعض الواجبات الاجتماعية المحيطة به وأعتمد في ذالك علي الاية

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد المرسي

لا يجوز إقرار نكاح باطل بالنص والإجماع

مع كامل احترامي لرأي فضيلة الأستاذ الدكتور / عباس شومان وكيل الأزهر إلا نكاح المسلمة من غير المسلم لا يجوز مطلقا ولا تبيحه الضرورة فأمر الفروج مضيق ويحتاط فيه مالا يحتاط في غيرها وعلى هذا دلت النصوص وأجمع العلماء ، وهو نكاح باطل لا تقره الشريعة وحكمه حكم الزنا فهل يباح الزنا لأجل خوف الافتقار ؟؟؟! للأسف من يقول بحله لأجل ضرورة ورغم أن ذلك فرض نادر وسينقلب لقاعدة بهذه الفتوى كمن يبيح الزنا لأجل حاجة لم تبلغ حد الضرورة ، وقد قال تعالى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} وقال تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} . أما القول من خوف ردتها فإن فعلت فتلك امرأة ضعيفة قد باعت دينها بدنياها لا نغير قواعد الشرع الثابتة لأجلها وأيضا رغم أن الدوام أخف من الابتداء لكن القرآن الكريم لم يجز حتى حالة الدوام على ذلك النكاح بين المسلمة وغير المسلم ، فرغم أن الزواج في صدر الإسلام قد وقع بين الزوج والزوجة حالة كفرهما لم يقرهم الإسلام عليه واستوجب فسخه فقال تعالى : {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فلم يقروا على استمرار نكاح كان صحيحا وقت عقده إذا أسلمت الزوجة ، رغم أنه كان يقر الزوجين على نكاحهما الذى وقع منهما حال الجاهلية وكفرهما ، فدل على أنه نكاح غير المسلم للمسلمه لا يجوز ابتداء ولا دوامه لو وقع ويدل على تشديد شرع الله في ذلك الأمر وعدم جواز تخصيصه بحالة دون حالة .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة