أكرم القصاص - علا الشافعي

دندراوى الهوارى

«كيماوى» فى الوطن.. ولا «برفان» فى الغربة!

الخميس، 20 أبريل 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألت نفسى سؤالا ماذا تفعل لو كنت مواطنا سوريا، تعيش تحت نيران قصف المدافع، وقنابل وصواريخ الطائرات، والذبح والحرق والخراب والتدمير، على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة، القادمة من كل حدب وصوب، تحت مسميات عديدة من داعش لجبهة النصرة لأحرار الشام، وجيش سوريا الحر، وغيرها من المسميات، من ناحية، وعلى يد النظام السورى بقيادة الرئيس بشار الأسد، وأتباعه الإيرانيين وحزب الله، ومن قبلهم روسيا، من ناحية ثانية؟ أو كنت هاربا تتجرع مرارة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء، وتشاهد عبر شاشات القنوات الفضائية الناطقة بكل اللغات مسلسل القتل والتدمير اليومى، وينزف قلبى دما من هول المشاهد؟
والإجابة، لن تكون حاسمة واضحة، ويكتنفها الارتباك، لأن العيش فى سوريا فى ظل المشهد الدموى من جميع الأطراف كارثة، والفرار والنجاة من الموت، واللجوء لوطن بديل، أمر كارثى أيضا، إذن الأمران أحلاهما مر وعلقم، لذلك وقفت كثيرا  بالتأمل والتدبر الشديد أمام مقولة الفنان السورى الشهير «أيمن زيدان» الذى سطرها على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مؤخرا، ونصها: «كيماوى فى الوطن ولا برفان فى الغربة».
 
المقولة هزتنى بعنف، وأثارت فى وجدانى حالة من الارتباك الشديد، وجمعت كل المتناقضات، الخير والشر، الحق والباطل، المساواة والظلم، الرحمة والعذاب، فالفنان السورى يقصد المحرقة الكيماوية لأطفال «خان شيخون» الذى وجهت المعارضة السورية أصابع الاتهام للنظام السورى، بارتكابها، وسار خلفها المجتمع الدولى، رغم أن روسيا قدمت أدلة وبراهين تؤكد تورط التنظيمات الإرهابية المسلحة فى المحرقة، بهدف توريط النظام السورى، وتأليب المجتمع الدولى ضده، وهو ما حدث، عندما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب توجيه ضربة عسكرية لسوريا استهدفت مطار الشعيرات العسكرى.
 
الفنان أيمن زيدان، كتب مقولته، وكانت بمثابة إلقاء حجر كبير فى المياه الراكدة تسببت فى حدوث أمواج عالية وعاتية، على مواقع التواصل الاجتماعى، ووسائل الإعلام المختلفة، وشن المعارضون حملة قاسية ضده، اتهمته بأنه يدافع عن نظام بشار الأسد، ويؤيد جرائمه، من وجهة نظرهم.
 
الفنان السورى، دعم مقولته بتوضيح مهم نصه: «هناك حقيقة يجب أن يفهمها الجميع، سوريا لن تهزم، وأن كيماوى بالوطن ولا بارفان بالغربة.. وأقسم بالله العظيم أن أظل وفيا لوطنى ومخلصا له».
 
هنا قد تتفق معه، أو تختلف، لكن يبقى طرح الفنان السورى الكبير، مثيرا للاهتمام، ويدعو للوقوف أمامه بالكثير من التدبر والتدقيق، والبحث عن توصيف حقيقى للأوضاع التى تمر بها سوريا، فى الداخل والخارج.
 
الحقيقة المؤكدة، أن الوضع السورى كارثى، وأصبح قرار الحل، وإعادة الأمن والاستقرار، أمرا مستحيلا، يضاف إلى المستحيلات الأربعة الشهيرة، فالوضع بالغ التعقيد، وأن ريف دمشق وحلب وحمص ودير الزُّور وتدمر وباقى المدن والقرى السورية، ملعبا ضخما يمارس عليها منتخب الإرهاب كل رياضته المفضلة من قتل وحرق وتدمير وتخريب، كما استغلتها القوى الكبرى، سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا لفرض العضلات، وإظهار حقيقة من الأقوى فى العالم.
 
كما تحولت أيضا إلى تصفية حسابات قوى إقليمية مثل إيران وحزب الله من ناحية، والسعودية وقطر وتركيا من ناحية ثانية، وإسرائيل من ناحية ثالثة،  كل طرف من هذه الأطراف، يحاول فرض سيطرته وهيمنته، وإظهار قدراته، وتصدير أنه الأقوى، ويملك سلاح الردع، والحسم، فقام كل طرف باستقدام مرتزقة للحرب والقتال وتنفيذ مخططاته بالإنابة، فأصبحت سوريا تضم كل مرتزقة الأرض من المتاجرين بالدِّين، وبالسياسة، والأعراض والشرف، وكل شىء. 
 
ووسط هذا الصراع، المرير والكارثى، تناسى الجميع الشعب السورى بكل مكوناته، وحقه فى الحياة على أرضه أمنا ومعززا مكرما، لا يهدده الموت بصاروخ قادم من الأرض أو قذيفة ساقطة من الجو، أو محترقا فى تفجير سيارة مفخخة، أو يقتل مذبوحا بسكينة داعش.
 
الجميع أعطوا أنفسهم الحق الكامل فى العبث بمقدرات وطن، وقتل وتشريد أهله، ثم يتحدثون باسمه، واعتبار كل طرف أنه المسخر من السماء للدفاع عن الشعب السورى، يتحدث باسمه، ويتصرف نيابة عنه.
 
من هنا جاء طرح الفنان السورى الشهير أيمن زيدان، «كيماوى  فى الوطن.. ولا برفان فى الغربة»، وهو ما يعتبره البعض، طرحا مجنونا، فلا يرضى كل ذى ضمير حى أن يتم حسم المعارك بقتل وحرق الأبرياء بالأسلحة الكيماوية المحرمة، ولا بتهجير النساء والأطفال والكبار ليتشردوا خارج ديارهم، ويلقون كل أنواع الذل وكسرة النفس خارج وطنهم.
 
لذلك ما يحدث فى سوريا، تحديدا ثم اليمن وليبيا والعراق والصومال، كنماذج، صرخة قوية، لكل شعوب الأرض، تستعطفهم، وتتوسل إليهم ضرورة الحفاظ على أوطانهم وأمن واستقرار شعوبهم، فلا حياة تحت القصف، ولا كرامة خارج الحدود، للدرجة التى تدفع فنانا كبيرا إلى تأييد الإبادة الجماعية بالأسلحة الكيماوية، للحفاظ على وطنه ووحدة أراضيه، حتى ولو رأها الغالبية أنه طرح فاسد ومتوحش.
ولا نملك فى النهاية سوى الدعاء لحفظ مصر، من مؤامرات ودسائس الخونة فى الداخل والخارج، والدعاء بتماسك وتلاحم كل الشرفاء خلف رايته، وجيشه خير أجناد الأرض.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الكيماوي والبرفان

ربما يقصد أن هلاك كل الأطراف يلزمه الكيماوي قبل التباهي بالبرفان في الغربه .. أي الإبادة أولا قبل التفاخر

عدد الردود 0

بواسطة:

مصر

اللهم

أحفظ مصر / وأعد الأمن والأمان لسوريا الجميلة وليبيا الحبيبة والعراق الغالي واليمن السعيد والصومال الشقيق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة