راندا جاد تكتب: جمعة حزينة

السبت، 25 نوفمبر 2017 04:07 م
راندا جاد تكتب: جمعة حزينة قوات امن - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع أذان الفجر، تصحو الأم من النوم لتصلى وتدعى ربها بأن يحفظ لها زوجها وأولادها، بعد انتهاء الصلاة تستعد الأم لأعمالها اليومية التى لا تكل منها ولا تتعب. يحين موعد الإفطار، توقظ الأم اولادها بكل حب وحنان

 

الأم: يلا يا ولاد علشان نفطر ونستعد لصلاة الجمعة.

 

الأولاد: انهاردة اجازة يا ماما، سببينا نقوم براحتنا.

 

الأم: لا يا حبايبي، يوم الجمعة هو اليوم الوحيد إللى بنفطر فيه مع بعض، يا دوب تفطروا وتستحموا قبل الصلاة زى ما أبوكم علمكم من سنة النبى.

 

وعلى مائدة الإفطار، اجتمعت الأسرة يتحادثون ويضحكون وتذكرت الأم حلمها وأخذت تسرد وتحكى..

 

الأم: حلمت يا حاج حلم جميل.. خير اللهم اجعله خير، قال إنت والأولاد لابسين بدل بيضاء شيك جدا وماشيين فى طريق كله ورد وياسمين بس أنت كنت فى المقدمة والأولاد وراك.

 

الحاج: ابشرى يا حاجة حنشوف فرح أولادنا بإذن الله.

 

الأم : بس مش عارفة ليه يا حاج أنا كنت متضايقة فى الحلم وصحيت مضايقة.

 

الحاج مازحا: ماهى واضحة يا حاجة؛ أنا فرحى قبل فرحهم.ههههههه.

 

ضحكت الأم معاتبة للحاج وضحك الأولاد، وانتهى وقت الإفطار واستعد الجميع للصلاة.

 

فتحت الأم إذاعة القرآن الكريم لسماع خطبة الجمعة وانتشرت رائحة البخور وارتدى الحاج والأولاد الجلاليب البيضاء النظيفة ومشطوا شعورهم وتطيبوا بأحسن الطيب وعند إلقاء السلام على الأم أوقفتهم لتذكرهم بالأدعية الواجب ذكرها وهم فى الطريق.

 

الأم: ما تنسوش تدعولى معاكم، وتدعوا ربنا أن كل خطوة تخطوها المسجد تقربكم من الجنة.

 

الابن: حاضر يا أمى بس أنت ما تنسيش يا أمى تحمرى الفراخ كويس.

 

تضحك الأم :من عنية يا حبيبى، ياريت يا حاج وأنت نازل تعدى على سعد أخويا تاخده معاك أصله كان تعبان إمبارح شوية.

 

 الحاج: حاضر يا حاجة لو إنه مش بيبطل كلام مع حسين جارنا وقت الخطبة، يلا سلام عليكم.

 

تغلق الأم الباب وهى تستودع الله زوجها وأولادها وتدعى لهم بالهداية والغفران.

 

بعد الصلاة، كعادة الأم تنظر من الشرفة وتنتظر خروج أولادها من مسجد المنطقة الذى يصلى فيه معظم الجيران، تلاحظ الأم اقتراب ثلاث سيارات من المسجد أثناء خروج المصلين ويخرج من السيارات ملثمون حاملين أسلحة وفجأة يدوى فى المكان أصوات انفجارات وضرب نار وصراخ ويحدث هرج ومرج بين المصلين الخارجين من المسجد ويتساقط العشرات بل المئات من القتلى والمصابين. وينتهى المشهد الدموى فى دقائق بانسحاب الملثمين بسياراتهم تاركين وراءهم مئات القتلى.

 

دقائق مرت على الأم وهى لا تستوعب ما رأته عيناها. شردت الأم وتذكرت حلمها ورأت زوجها وأولادها فى البدل البيضاء الأنيقة وأفاقت الأم على صراخ السيدات والبنات ونزولهن الشارع. هرولت الأم إلى المسجد لتجد الأرض مغطاة بالدماء والجثث تجثوا فوق بعضها البعض، والنساء ترفع الجثث وتبحث فى الوجوه عن أحبائهن. كم من النساء اللاتى فقدن أزواجهن وأولادهن. كم من الفتيات اللاتى فقدن آبائهن وإخوانهن، كم مسن فقد ولده،  كم أسرة فقدت عائلها الوحيد.

 

بحثت الأم عن أولادها وزوجها لتجد جثة زوجها بالجلباب الأبيض المغطى بالدماء الحمراء وفوق جثته جثتى أولادهما وبجانبهم جثة أخيها وجارهم.

 

صدقت يا حاج، لقد صدقت تفسير رؤياى، إنك الآن تزف إلى الجنة وتتقدم ولداك، إن الله اصطفاك مع الأخيار فلتنعم بنا ولتنتظرنى؛ إنى قادمة.

 

سلام على مصلين نحسبهم شهداء فى الجنة. سلام لكل أم شهيد علمت أبنها الصلاة والذهاب إلى المسجد وهى لا تعلم أنها ستودعة الوداع الأخير فى المسجد. سلام لكل أب اصطحب ابنه إلى المسجد غيرعابئ بغدر الإرهاب، سلام لكل من اتقى الله وخرج من الدنيا آمنا سالما من فتن الدنيا.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة