حـســــن زايــــــد يكتب: ثورة يوليو صفحة مجيدة فى التاريخ المصرى

الإثنين، 25 يوليو 2016 12:00 م
حـســــن زايــــــد يكتب: ثورة يوليو صفحة مجيدة فى التاريخ المصرى الراحل جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يتعين على الأجيال الحاضرة أن تغفل، وهى تنظر إلى ثورة يوليو 1952 م، أن هذه الثورة حين اندلعت فى مصر، لم تندلع فى الفراغ. وإنما اندلعت فى مجتمع. هذا المجتمع لم يكن تلك الجنة الغناء، التى دخلها شياطين الثوار، فأفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة. ومن ثم فإنه يحق لكل من هب ودب أن يصب عليهم اللعنات، وأن تنتهب أجسادهم نصال السهام المطلقة عليهم من كل حدب وصوب. وإنما اندلعت الثورة فى مواجهة نظام سياسى اقتصادى اجتماعى فاسد. فالنظام الملكى ـ الذى يتذكره البعض بخيراته على سبيل الكيد والنكاية ـ كان نظاماً فاسداً بكل المقاييس.

ويكفى أن تقرأ المذكرات الشخصية لبعض أعضاء الأسرة المالكة أو العاملين فى البلاط الملكى أو وزراء هذا العصر حتى يُزكم أنفك رائحة الفساد الطافح. ومن الطبيعى فى ظل الاحتلال أن يكون النظام السياسى تابعاً، وقد كانت مصر محتلة من المملكة المتحدة، والسياسة المصرية تابعة لسياسة التاج البريطانى. أما الفساد فى الجانب الاقتصادى فتمثل فى النظام الإقطاعى الذى كان يقوم على الإقطاعيات الزراعية الكبيرة، التى اعتمدت على استعباد الفلاح المصرى. ولم تكن هناك صناعة، ولا سياحة، ولا خلافه. وكانت محصلة الاقتصاد المصرى هى أن تصب خيراته فى جيوب مجتمع النصف فى المائة. وقد كان من نتاج فساد النظام السياسى، وفساد النظام الاقتصادى، بؤس وتخلف النظام الاجتماعى الذى كان سائداً. ويكفى أن المشروع القومى فى مصر فيما قبل الثورة كان هو مشروع مقاومة الحفاء.

بخلاف الأمية الأبجدية التى كان غارقاً فيها المجتمع من أخمص قدميه حتى منبت الشعر من رأسه. ولا نقول أن ثورة يوليو كانت ثورة بالمعنى السياسى المصطلحى، وإنما بدأت بحركة الضباط ـ يمكنك أن تقول بأنها حركة انقلابية ضد نظام الحكم القائم ـ إلا أنها لم تكن منفصلة ـ لا عضوياً ولا معنوياً ـ عن تطلعات المجتمع المصرى.

وتاريخياً لا توجد ثورة ـ ومن بينها ثورة يوليو ـ قامت لتحافظ على الأوضاع القائمة، أو تبقى عليها. وإنما الثورة تجيء لتغيير الأوضاع القائمة لما يمكن تصور أنه الأفضل وفقاً للثوابت والمتغيرات المحلية والدولية القائمة. ولا يختلف أحد على أن يوليو قد أحدثت تغييرات جذرية هائلة فى المجتمع المصرى. وكل ثورة بما تحدثه ـ كحتمية تاريخية ـ من تغييرات، لابد وأنها تتصادم وتتناقض، مع أصحاب الأهداف والغايات المغايرة، الذين يضارون حتماً من التغيير الثورى. سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو الجماعات، أو على مستوى المجتمعات أو الدول، أو على مستوى التكتلات الدولية. فقد كانت ثورة يوليو ثورة عالمية، كان لها امتداداتها الإقليمية، والدولية. ومن هنا فإن حديثى إلى الأجيال الحاضرة ممن لم يعش هذه الفترة، وتقتصر معرفته على ما يعرفه من خلال القراءات فى كتابات من عَنَّ له أن يكتب عن هذه الثورة، يقتصر على تنبيهه إلى أن بعض هذه الكتابات محكوم بالظروف التى عايشها الكاتب، وموقعه من هذه الأحداث، وهل هو منتفع أم مضار، أم محايد؟. وأنه من الصعب الآن الحكم على ثورة يوليو بمعايير اليوم، بمنأى عن الظروف الموضوعية التى قامت فيها الثورة. وأن هذا ليس معناه حبس ثورة يوليو فى وعاء الزمان والمكان دون أن تتخطاهما باعتبارها حدثا منفردا، أو ظرفاً استثنائيا، عن مجرى التاريخ المصرى الممتد، فهى فى النهاية ثمرة لما قبلها، أفضت إلى ما بعدها. فهى الابنة الشرعية لثورتى عرابى وزغلول، والأم الشرعية لثورتى يناير ويونيه من صفحات التاريخ المصرى المديد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة