"الذئاب لا تنسى" رواية سورية تقدم واقع البادية فى ظل الحرب

السبت، 16 يوليو 2016 07:00 ص
"الذئاب لا تنسى" رواية سورية تقدم واقع البادية فى ظل الحرب غلاف الرواية
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد لا تتسع مخيلة الأدباء والكتاب لسرد أحداث أكثر من خمس سنوات من الحرب فى سوريا والمثقلة بحكايا حبرها دم وتختلف عن غيرها من الروايات بأن لا نهاية واحدة لها إنما نهايات متعددة لشكل الموت.

والمأساة المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات والتى أدت إلى مقتل أكثر من 250 ألف شخص تنتج يوميا عشرات أو ربما مئات المشاهد والصور والأحداث التى لا يستنبطها كاتب بل تولد جاهزة وحاضرة من وحى الألم اليومى.

ومن بين الحكايا تخرج رواية الكاتبة السورية لينا هويان الحسن التى تحمل عنوان "الذئاب لا تنسى" التى تستحضر فيها أرواحا كثيرة جرفها المد الحزين على الأرض السورية.

وفى الرواية الصادرة حديثا عن دار الآداب فى بيروت تقدم المؤلفة واقع البدو والبادية السورية فى ظل سيطرة الجماعات المسلحة مستندة إلى روح الذئاب الحرة كرمز لأسى أصاب الأمهات من جراء الفقد اليومى للأبناء.

كانت لينا هويان الحسن التى تنتمى إلى قبيلة الجميلة القيسية التغلبية قد ولدت عام 1977 فى بادية حماة فى غرب سوريا ونشأت وتعلمت هناك ولذلك فهى كتبت أول النصوص الروائية عن البادية السورية وكرست لها عدة أعمال مثل "معشوقة الشمس" و"مرآة الصحراء" و"بنات نعش" و"سلطانات الرمل" و"رجال وقبائل".

ولم تكتف الكاتبة بتسليط الضوء على عوالم البادية السورية إنما على عموم صحارى الشرق الأوسط حيث امتدت الرقعة الجغرافية التى تناولتها أعمالها إلى بوادى وصحارى الأردن والعراق ونجد.

وهى تشير إلى أنها تكتب عن المشروع الصحراوى دونما تقديس أو تدنيس وكما يفعل الأدب دائما: إزاحة الستار عن المخبوء والمخفى وفى نفس الوقت ضرورة التدوين لمجتمع يزول ويتلاشى أمام طور عالمى جديد يفرض قيما جديدة وأنماط عيش مختلفة.

واستنادا إلى الذاكرة الصحراوية تورد المؤلفة فى كتابها أن الذئب يعوى حزنا على فقد أنثاه بينما الذئبة تطلق عواء الحزن عندما تفقد وليدها.

وتربط الكاتبة التى أجبرتها الحرب على النزوح مع عائلتها إلى لبنان عواء الذئبة ببكاء أمها على شقيقها ياسر الذى اختطف وقتل ظلما خلال الحرب الدامية الدائرة فى سوريا والتى طالت عمق البادية السورية.

ويشكل مقتل ياسر بداية لسرد عن تقاليد وعادات متناقضة مع أبسط حقوق الإنسان تجاه النساء حيث تسلط الكاتبة الضوء على عادة قتل الإناث باسم الشرف لمجرد أن الفتاة فكرت فى اختيار شريكها.

ومن هنا اشتهرت بادية الشام بالآبار والمغارات التى حُفرت فى عهد الرومان ومع الوقت حولها البدو إلى مدافن لفتيات يُقتلن باسم الشرف وصارت جثثهن فى آبار حملت أسماء القتيلات.

وسيكتشف القارئ أن النظرة الشرقية للشرف لا تزال تحت رحمة مجتمع ذكورى يأبى تغييرها. كما أنها تقع تحت سلطة الاستبداد السياسى الذى أبرم اتفاقيات مستترة مع العنف الدينى المتطرف.

يتنوع السرد فى هذا الرواية بين حاضر وماض كلاهما مر وحزين حيث تستعيد الكاتبة قصة الشابة الأيزيدية التى هربت من جبل سنجار بدافع الحب قبل ثلاثين عاما فلاقت حتفها على أيدى أهلها إضافة إلى شخصية "ونسة" الأيزيدية التى تواجه المصير نفسه.

كما تعرض الكاتبة قصة "خاتون عمشة" وهى ابنة شيخ عشيرة كبيرة وقعت فى غرام قائد فرنسى وقتلت قبل زمن طويل. وحاولت الكاتبة رسم ملامحها المحتملة وقد تحولت "خاتون" لاحقا إلى مسلسل تلفزيونى عرض فى شهر رمضان الماضي.

تسعى الكاتبة لينا هويان الحسن من خلال روايتها إلى مناهضة العنف والتطرف الدينى والدكتاتورية السياسية من خلال سرد قصصى يتجه إلى تحديد المسؤولية لجميع الأطراف المتقاتلة فى سوريا فهى تلامس نقد "الثورات" ولا تتوانى عن مهاجمة من أسمتهم "سارقى الثورات" وتعرج على الطريقة المستفزة التى تعامل بها الضباط المنشقون مع الضباط القدامى فى سوريا ما أدى إلى اشتباك سياسى وأمني.

وتقول الكاتبة فى روايتها إنها تكتب "من بين أسنان الماضى لتستدعى حكايات كثيرة. إنها وحوش التذكر دفعتنى لأقتلها على أرض الكلمات عل الورق يشفى قليلا من الحزن".



موضوعات الثقافة


"البحث عن الصقر غنّام" رواية جديدة عن دار الآداب








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة