صابر حسين خليل يكتب: الصديق والطريق

السبت، 07 مايو 2016 08:16 م
صابر حسين خليل يكتب: الصديق والطريق صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هى أشياء متراكمة تحدد شخصيتك منذ الصغر، هى أحداث متلاحقة تبنى إنسانيتك منذ التشكيل الأول، وهم أشخاص يساعدوك على هذا البناء وعلى هذا التشكيل، هؤلاء هم أصحاب الفضل الأول عليك بقصد كان أم بدون قصد، هم من يجب أن يُقدم الشكر لهم.

وأصدقاء الطفولة والمرحلة الأولى من التعليم أصحاب بصمة رئيسية فى حياة الفرد.

لو تعمقنا فى الحياة ورجعنا للخلف خطوات كثيرة وتحديداً للمرحلة الابتدائية، ظهرت صورتك جلية للعين، فأنت الصديق الأول، اسمك أحفظه ثلاثياً كما لو التقينا بالأمس محمد عبده نصحى، التقينا فى الصف الثالث الابتدائى أحدنا قادم من مدرسة قريبة والآخر قادم من مدرسة تبعد آلاف الكيلومترات فى صعيد مصر، انتقلنا سوياً لهذه المدرسة الجديدة والتى كانت بدايتها بداية لصداقتنا.

ولعل أسباب صداقتنا ظلت مجهولة لى لسنوات طويلة، ما الجامع المشترك بيننا، أنت تلميذ متفوق دراسياً تعيش فى الحضر، وأنا تلميذ ضعيف مهمل دراسياً قادم من أقصى الصعيد بلكنة غريبة عن القاهرة، كيف اجتمعنا وما الرابط المشترك لهذه الصداقة. لم أعرف هذا الرابط إلا بعد أكثر من عشرين سنة. العامل المشترك بيننا كان الانطوائية، كلانا كان شخصية انطوائية تؤثر البعد عن الناس وكلانا هذه الشخصية التى تبتعد عن الناس لتعيش منزوية فى ركن واحد.

هذه الصفة هى ما جمعت كلانا أنا ومحمد عبده، لكن يبقى الخلاف بيننا هو التلميذ الذكى، وأنا التلميذ المهمل البليد، فكان علينا التوفيق بين هذين الاختلافين إما أن أصبح مثله، أو يصبح هو مثلى، ولما كان هو الجانب المشرق، تغيرت أنا.

بدأت أذاكر مثله وأحفظ دروسى مثله، أنتبه أثناء الشرح مثله، ذاكرنا سوياً، كان يحاول بفطرته الطفولية أن أصبح مثله، وأحاول أنا بمبدأ الغيرة الحميدة أن أقلده. مرت الأيام والشهور دون أن نفترق يقدم لى المعونة فى الدراسة، نجلس سوياً فى الفصل فى آخر مقعد فكلانا ليس له اختلاط بباقى زملاء الفصل، رويداً رويداً تحسن تحصيلى للدرس وصرت من حسن إلى أحسن، لمح مدرس الفصل تفوق زميلى ومحاولتى التفوق مثله، فجعلنا نجلس فى أول الصف.

وصرنا نقف ونتحاور مع المدرس فى مباراة واضحة بيننا.
الانطوائية بدأت تختفى تدريجياً، انتهى الصف الثالث الابتدائى، وهو فى المركز الأول وأنا ألهث خلفه فى المركز الثانى. وهكذا كان حالنا فى الصف الرابع.

كنا معاً فى الدراسة، وفى الإجازة كنا نقضيها فى حفظ القرآن واللعب.
حتى جاء الصف الخامس، فى بدايته أخبرنى صديقى بأنهم سيرحلوا عن المنطقة وبالتالى سوف ينقله والده لمدرسة أخرى قريبة من السكن الجديد.

حزنت على فراق صديقى حزناً شديداً وجاءت لحظة الوداع.
تمنى لى السلامة والنجاح وقال كلمة لازلت أذكرها حتى يومى هذا، قال لى: يا صديقى هذا هو طريقك نحو التفوق، لقد كنت أنت الثانى فى الترتيب، من الآن أنت الأول ولا تكن غير الأول. ورحل صديقى عن المنطقة وعن المدرسة ولم أره من حينها.
أتذكره كثيراً وأتذكر اسمه، حاولت البحث عنه لكننى لم أعثر عليه.
هل كان صديقى هذا حقيقة واقعة أم كان شخصاً من نسج خيالى الصغير، كيف يكون خيالاً ؟ ومقولته هى دستورى الأول لازلت أعمل بها حتى الآن.
صديقى الذى رحل بعيداً، أشكرك واعترف بفضلك فى حياتى، اعترف أنك من دلنى إلى الطرق. فهل أراك يوماً يا صديق ؟ هل تقرأ كلماتى أو يقرأها أحد يعرفك ؟
من يعرف صديقى محمد عبده نصحى يخبره أنى مازلت أحفظ له الجميل، فهو دليلى نحو خطوتى الأولى فى الطريق، شكراً أيها الصديق.













مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة