أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

نحن لا نعبد السمكة

الإثنين، 02 مايو 2016 06:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما يمكن اختصار المعنى الكامن خلف عيد شم النسيم بالنسبة للمصريين فى جملة «القدرة على التحدى»، فالأمر يتجاوز فكرة الخروج والمتعة أو الأكل والشرب والانطلاق، لكنه فى معناه الحقيقى المقصود به هو القدرة على الاستمرار، كأنه رسالة موجهة للجميع للحكام وللظروف الاقتصادية والاجتماعية ولتجار الدين والسياسيين كأنما نقول لهم «افعلوا ما تشاءون لن تقضوا علينا فلدينا القدرة على الاستمرار فى حب هذه الحياة، رغم متاعبها وآلامها».

ومن ناحية أخرى فإن عيد شم النسيم دليل قوى على أن الثقافة المصرية قادرة على الثبات فى وجه المتغيرات، والاحتفاظ بما تريد هى الاحتفاظ به مهما كانت الرياح المقبلة، فالبعض يظن أن يوم شم النسيم مكمل للأعياد المسيحية، وذلك نظرا لمقدمة بعد عيد القيامة المجيد دون فاصل زمنى، والبعض يظنه عيدا وثنيا لأنه ممتد منذ قبل وجود الأديان، لكن الحقيقة أن «شم النسيم» عيد مصرى إنسانى ليس له علاقة بالأديان أصلا، وحتى لو حدث مرة وأصبح فيه نوع من الطقوس الدينية، لكنها ليست أصيلة فيه، فهو مرتبط بالأرض وبتغير الفصول وبحب المصريين للتعبير عن فرحتهم ببدء حصاد القمح.

كما يرجع جزء كبير للاحتفاظ بشم النسيم وتحديه للزمن لوجود الماء، وذلك لكون مصر دولة يمثل النيل شريانها الحقيقى الذى لا يمكن الاستغناء عنه، وهو ما يصبغ الحياة فى مصر بثقافة أهل الماء ويلقى عليها رونقه الاحتفالى، فأعياد الربيع لا قيمة لها بلا ماء وخضرة، فتدفق النيل يمنحهم القدرة الدائمة على غسل همومهم، ويوم شم النسيم هو بالنسبة لهم «نقطة ومن أول السطر».

وتكمن مشكلة المختلفين مع احتفالات شم النسيم فى أنهم لم يعطوا أنفسهم فرصة ليتأملوه ويتأملوا طقوسه ويلمسوا بهجته، ولم يروا فرحة ذلك اليوم فى عيون أطفالهم، وذلك لكونهم صنعوا أمامهم سدا من الخوف وعدم الاستمتاع بالحياة، والسؤال الذى يجب أن يجيبوا عنه ما الحرام فى أن يخرج الناس للطبيعة فيجلسون ويأكلون طعامهم، بينما أطفالهم يلعبون أمام ناظريهم فيشعرون بنعمة الله ويحمدونه ثم يعودون لعملهم أكثر نشاطا وأكثر رغبة ؟! ما الجرم الذى يرتكبه الناس عندما يضحكون من قلوبهم مرة فى السنة ويتناسون ما هم فيه من هم ووجع ؟ ما الذى يمنع الفلاحين أن يستعدوا للحصاد بيوم فرح يشكرون الله على ما آتاهم من فضله ونعمة؟!
أيها السادة المتشددون نحن لا نعبد السمكة فقط، نحن نحتفل بالحياة وبما يمنحه النيل وبما تمنحه الأرض، وبما تعطيه لنا طيور الله من رزق.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة