محمود عبد الله يكتب: حتى لا تندم

ركب رجل فى يوم من الأيام مترو الأنفاق، وفى المحطة التالية ركب أب ومعه ابنه الذى كان يبكى.

جلس الأب بجوار هذا الرجل لكن الابن لم يتوقف عن البكاء بل بدأ يبكى بحرقة ويضايق الركاب بأخذ متعلقاتهم وأدواتهم ورميها، والأب بالرغم من كل ذلك لا يتحرك وكأنه فى عالم آخر.

تضايق جميع الركاب من هذا الطفل، لكن لم يبادر أحد بالحديث مع الأب ليقم بتهدئة ابنه.

هنا قرر هذا الرجل الذى بجواره أن يقوم بهذا الدور، نظر هذا الرجل إلى الأب بغضب، وقال له ابنك يؤذى جميع الركاب ولم يتوقف عن البكاء هل يمكن أن تقوم بتهدئته؟ هنا انتبه الأب وكأنه لا يعرف شيئًا وقال له أنا متاسف، لكنى أنا وابنى كنا فى المستشفى نزور أمه التى ماتت بعد وصولنا ولا أدرى ماذا أفعل؟

هنا تحولت مشاعر الغضب والكراهية تجاه هذا الأب إلى مشاعر شفقة وحزن. فبعد أن كان يُنظر إليه على أنه أب مستهتر وغير مسئول، أصبح ينظر إليه على أنه يعيش فى كارثة وأزمة ويحتاج من يقف بجواره. لم يعد بكاء الطفل ولا إزعاجه مشكلة؛ لأن السبب قد عُرف.

وهنا تأتى الثمرة قد تتخذ قرارات وأحكاما خاطئة؛ لأنك قد نظرت وحكمت على الناس من وجهة نظرك أنت، ومما هو ظاهر أمامك دون أن تعطى فرصة للطرف الآخر أن يشرح لك موقفه ولماذا قام بذلك. قد يكون عنده سبب وعذر يجعلك تغير قرارك ووجهة نظرك، فعليك أن تعطى للطرف الآخر فرصة واستمع إليه قبل أن تتخذ قرارك النهائى الذى قد تندم عليه.