د. إبراهيم نجم

مفتى الجمهورية فى البرلمان الأوروبى

الجمعة، 25 مارس 2016 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقعت هجمات بروكسل الإرهابية تزامنًا مع زيارة مفتى الجمهورية إلى بلجيكا لإلقاء محاضرة أمام البرلمان الأوروبى، فى زيارة يفصلها يومٌ واحدُ عن أخرى إلى الهند للمشاركة فى مؤتمر عن التطرف والإرهاب، وجاءت إدانة فضيلة المفتى للتفجيرات الإرهابية كأول إدانة رسمية من داخل البرلمان الأوروبى وسط إشادة كبيرة بموقف مصر فى محاربة الإرهاب؛ لتحمل دلالة وإشارة من أن مصر بكافة مؤسساتها معنية بمحاربة الإرهاب ليس فى بلدها فحسب بل فى العالم أجمع، انطلاقًا من أن الإرهاب ظاهرة عالمية تهدد العالم كله.

فقد ذهب مفتى الجمهورية إلى البرلمان الأوروبى لمهمة بدأها منذ توليه منصب مفتى الديار المصرية وهى كشف زيف الفكر المتطرف والإرهابى وخطورته على العالم أجمع، وإثبات أنه لا صلة تربطه بالإسلام والمسلمين، وأن مرتكبيه قلَّة ضلوا الطريق، وفهموا الشرع على نحو يخدم أهواءهم المريضة، ويبرر إجرامهم الأسود، وهى مهمة اضطلعت بها دار الإفتاء المصرية ووضعت لها استراتيجية علاجية للقضاء عليها منذ عامين، مسجلةً السبق والريادة فى هذا المضمار والطريق الوعرة؛ لأن تلك الظاهرة قبل أن تكون أفعالاً تهدد العالم فهى بالأساس أفكار تبناها مجموعة قليلة ونقلوها من دائرة الأفكار إلى واقع الأفعال التى تهدد الأوطان.

ومهمة محاربة الأفكار المتطرفة أولتها دار الإفتاء أهمية كبيرة؛ نظرًا لضررها الكبير على المجتمعات، فالمجتمعات لا تستطيع النهوض فى ظل إرهاب يأكل أى إنجاز يتحقق على أرض الواقع، فهو عدو للتنمية والاستقرار؛ لذا أنشأت لأجل محاربته مرصدًا لمتابعة الفتاوى التكفيرية والمتشددة، والرد عليها وتفنيدها من خلال منهج علمى رصين، وإقامة مركز تدريبى متخصص حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة بالدار.

كما أطلقت صفحاتها عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعى باللغات المختلفة لمحاصرة الظاهرة، وأصدرت الفتاوى والتقارير والدراسات التى تبين عوار فكر منتسبى هذه التنظيمات وتفضح أفعالهم الإجرامية كرد فعل عملى لعلاج التطرف، وشاركت الدار كذلك فى العديد من الفعاليات الدولية لتصحيح صورة الإسلام، وبيان أن منهج الجماعات المتطرفة بعيد عن منهج الإسلام السمح، وجهود دار الإفتاء تلك جعلتها محل ثقة فى المجتمع الدولي، وقد أهلتها لأن يعتمدها البرلمان الأوروبى كمرجعية إفتائية له نظرًا لما لمسه من جهد كبير منها فى معالجة الفكر المتطرف.
وليس أدل على ذلك من الاحتفاء الذى قُوبلت به تصريحات مفتى الجمهورية من قِبل البرلمان الأوروبى إبان الهجوم الغاشم فى بروكسل، وهذا يعكس التقدير الغربي- حاليًا- لدور المؤسسة الدينية المصرية بصفة عامة ولدار الإفتاء على وجه الخصوص، واستشعارهم للخطر المحدق بهم، وضرورة الاستعانة بهذه المؤسسات للقضاء على الظاهرة، وذلك بعد رصد جهود دار الإفتاء فى محاربة الفكر المتطرف وتصديها له من خلال كافة الوسائل.

ولقد كانت كلمات فضيلة المفتى أمام البرلمان الأوروبى قوية ولا تقبل تفسيرين ولم تلعب على المنطقة الرمادية؛ بل كانت واضحة ومباشرة، وتحمل دلالة قوية، ورسالة أشد قوة من أنه ما من شك فى أن الإسلام ضد التطرف، ومحاولة إلصاق التطرف به والإصرار على ذلك يعوق من إتمام القضاء على الإرهاب، بل ويعطى لمرتكبيه فرصة لأن يهددوا العالم أجمع.

كما أشار إلى نقطة غاية فى الخطورة لم يمنعه كونه فى دارهم من أن يصرح بها، انطلاقًا من أن الطبيب الماهر يعلم أن فى الألم يكمن الشفاء، وأن التعامل الجراحى ربما يكون هو العلاج الناجع لأمراض استعصى على العلاج التقليدى حلها، فأكد أن الازدواجية الغربية فى التعامل مع القضايا الإقليمية والصراعات الدولية بجانب غياب العدالة قد ساهمتا فى تأجيج التطرف والإرهاب؛ إذ إن الأحداث والوقائع أكدت أن الأطراف الإرهابية قد خرجت من بيئات الصراع الملتهب لنشر الفوضى فى العالم.
فالإرهاب أصبح بمثابة المرض السرطانى الذى انتشر فى العالم كانتشاره فى الجسد الواحد، ولم يعد بالإمكان السكوت عليه، فكما أن ضرر السرطان لا يستثنى عضوًا فى الجسد الواحد، فهو أيضًا لن يستثنى دولة أو دولاً كانت تظن أنها بمنأى عنه، وشعرت بعد الأحداث الإرهابية أنها فى قلب الحدث، بل واكتوت هى الأخرى بنار الإرهاب.

كل هذا يؤكد أن تلك الدول أصبحت تتعامل مع الظاهرة بأهمية لا تخفى على أحد، وعلمت أن علاجها فكريًّا هو الأهم، وأن العلاج يكمن فى المؤسسات الدينية التى تتفهم سبل العلاج، ودار الإفتاء المصرية من خلال تجربتها فى التصدى لتلك الظاهرة وأسبقيتها فى التعامل معها أحق باللجوء إليها، فتم اعتمادها كمرجعية دينية لجهات دولية كبرى فى مجال الإفتاء ومحاربة الظاهرة الإرهابية، وهذا يؤكد بالأساس حاجة المجتمع الدولى والغربى على وجه الخصوص لجهود المؤسسات الدينية المصرية مثل الأزهر والإفتاء لبيان صحيح الدين لهم، وتقديم العلاج الناجع، وحتى لا ينحصر دور تلك الدول على تلقى ضربات الإرهاب فحسب، بل تصبح هى الأخرى بين عشية وضحها إحدى مصدرى الإرهابيين للتنظيم الإرهابى، وإن كانت بالفعل أصبحت الآن تصدر إرهابيين لتلك التنظيمات من شبابها كضريبة لتعاملها مع تلك التنظيمات فى السابق والسماح لهم بالتوغل داخل حدودها.

إن فكرة التحديات المشتركة وفتح قنوات الاتصال لمواجهة تلك التحديات باتت ملحة للغاية فى ظل تنامى ظاهرة الإرهاب، وأن من يرون أن العمليات العسكرية قادرة على دحض الإرهاب بالكلية لا يرون الصورة من كافة زواياها، فعلاج الظاهرة لا بد أن يكون فكريًّا وهذا ما تقوم به دار الإفتاء على مدار عامين أو أكثر من خلال علاج الظاهرة فكريا.

• مستشار مفتى الجمهورية.












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد عبد الباري

القوة الناعمة

عدد الردود 0

بواسطة:

مريم

الحمد لله على رجوع فضيلة المفتي بسلامة الله

عدد الردود 0

بواسطة:

يوسف

ارهاب اعمى

الارهاب بعيد عن تعاليم الاسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

رغد

أول إدانة رسمية من داخل البرلمان الأوروبى

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف

مصر قاطرة العرب

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد

استعداد دار الإفتاء للتعاون في توضيح صورة الإسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد احمد

دور كبير تقوم به دار الإفتاء المصرية

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل

جزاك الله خيرا يا فضيلة المفتي

جزاك الله خيرا يا فضيلة المفتي

عدد الردود 0

بواسطة:

أشرف السيد

التطرف والارهاب

لادين له ولا وطن

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

صحيح الدين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة