تحقيقًا للعدالة الناجزة.. قانونيون: العقبات القانونية والإدارية تعيق تنفيذ الأحكام فى مصر.. ويؤكدون: لابد من إنشاء شرطة قضائية تختص بسرعة التنفيذ.. وضرورة إجراء مجلس النواب تعديلاً على قانون المرافعات

السبت، 06 فبراير 2016 05:54 م
تحقيقًا للعدالة الناجزة.. قانونيون: العقبات القانونية والإدارية تعيق تنفيذ الأحكام فى مصر.. ويؤكدون: لابد من إنشاء شرطة قضائية تختص بسرعة التنفيذ.. وضرورة إجراء مجلس النواب تعديلاً على قانون المرافعات هيئة قضايا الدولة - صورة أرشيفية
كتب محمد إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تنفيذ الأحكام حلم بين الواقع المأمول وسط المعوقات القانونية والواقعية يعيش صاحب الحق بين دهاليز المحاكم لسنوات عديدة حتى يحصل على حكم نهائى؛ فالقضايا يرفعها الأجداد ويحصد نتائجها الأحفاد، وبعدها تبدأ رحلة مطولة لتنفيذ الحكم مع الأخذ بالاعتبار وجود ملايين الأحكام التى تنتظر دورها فى التنفيذ، ما يمثل ضغطًا وعبئًا على رجال وحدات التنفيذ بوزارة الداخلية، وأيضًا صعوبات يواجهونها فى سبيل القيام بمهامهم من مقاومة للسلطات بالسلاح ومعارضات وعدم إبلاغ المواطنين عن تغيير محال الإقامة، وفى هذا الأمر طرح بعض القانونيين آراءهم.

المستشار الدكتور مظهر فرغلى على، عضو المكتب الفنى بهيئة قضايا الدولة، يقول إن مرحلة تنفيذ الحكم القضائى هى حصاد المتقاضى، فلا قيمة لحكم يعجز من صدر لصالحه عن تنفيذه واقتضاء حقه الذى قرره له القضاء؛ لذلك فإن أهم مقتضيات احترام الأحكام القضائية فى الدولة القانونية هو تنظيمها المنضبط لتنفيذ الأحكام وعملها الدءوب على سرعة تنفيذها.

ويمكن إيجاز خطوات تنفيذ الأحكام القضائية وفقاً لقانون المرافعات المدنية والتجارية فى استخراج الصيغة التنفيذية للحكم، وهى لا تصدر إلا إذا كان الحكم القضائى نهائياً واجب التنفيذ، وإعلان المحكوم عليه (المنفذ ضده) بالصيغة التنفيذية للحكم بالطرق المقررة قانوناً.

وأيضًا تقديم أصل الصيغة التنفيذية للحكم للتنفيذ، وحال امتناع المحكوم ضده عن التنفيذ تتخذ ضده إجراءات التنفيذ الجبرى، بالحصول على أمر بالحجز على أمواله من قاضى التنفيذ المختص ثم بيعها بالمزاد العلنى بالقدر اللازم لتنفيذ الحكم.

ويشير إلى أن الناظر إلى واقع الحال فى تنفيذ الأحكام القضائية فى مصر يرصد صعوبة تنفيذها، ووجود الكثير من العقبات القانونية والإدارية التى تحتاج إلى إعادة نظر، وهو ما يدعونا إلى لفت نظر مجلس النواب إلى هذه الإشكالية خاصة فيما يتعلق بإعلان المحكوم ضدهم والطرق البالية للإعلان، وما تواجهه تلك المرحلة من عوائق عديدة.

وفيما يتعلق بالأحكام الصادرة ضد الدولة أوضح المستشار فرغلى، إن هيئة قضايا الدولة، باعتبارها خصمًا شريفًا لا تتوانى عن اتخاذ اللازم نحو إخطار الجهات الإدارية المختصة بالصيغة التنفيذية للأحكام القضائية بمجرد إعلانها إلى الهيئة، وتأمر الهيئة هذه الجهات بتنفيذ تلك الأحكام على نحو صحيح ومتفق مع منطوقها حتى يشعر المتقاضى بالانتصاف القضائى، وتؤكد الكتب الدورية التى يصدرها المستشار رئيس هيئة قضايا الدولة إلى كافة مستشاريها على سرعة إخطار الجهات الإدارية بالصيغة التنفيذية للأحكام القضائية المعلنة للهيئة وإصدار خطابات الصرف لصالح المحكوم لهم بمبالغ مالية ضد الدولة، لذلك؛ يمكننا القول بحق أن أسهل حالات تنفيذ الأحكام القضائية هى تلك الصادرة ضد الدولة.

واستطرد، أما الأحكام الصادرة ضد الأفراد لصالح الدولة أو غيرها من الأفراد فتواجه بصعوبات عملية فى مرحلة الإعلان بالصيغة التنفيذية بسبب طريقة الإعلان التقليدى عبر قلم المحضرين وإشكاليات عدم تحديد محل إقامة المنفذ ضده فى أوراق الدعوى أو كتابة محل إقامة غير صحيح، ويترتب على ذلك صعوبة إتمام هذه المرحلة فى وقت مناسب، بل قد تستغرق هذه المرحلة وقتاً يفوق وقت نظر الدعوى ذاتها، ثم تبدأ رحلة الحجز التنفيذى على أموال المحكوم ضده ومواجهة وسائل التهرب من التنفيذ، وهو ما يعوق تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح الدولة أيضاً وليس لصالح الأفراد فقط.

واقترح عضو المكتب الفنى لهيئة قضايا الدولة على مجلس النواب تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية، بحيث يتم الإعلان عبر وسائل حديثة وتحت إشراف حقيقى من القضاء، وهو ما يستدعى زيادة عدد قضاة التنفيذ لمتابعة كل إجراءات تنفيذ الأحكام، ووجود شرطة قضائية متخصصة تتولى تنفيذ الأحكام الجنائية والتحرى وتنفيذ الأوامر القضائية اللازمة لتنفيذ الأحكام المدنية والتجارية والإدارية.

وفى السياق نفسه، أكد المستشار أحمد عاشور رمضان بقضايا الدولة والمنتدب بقطاع المطالبات القضائية بوزارة العدل، أن الإصلاح المؤسسى لقطاع التشريع والعدالة ركيزة أساسية وضمانة يمكن من خلالها حماية الحقوق والحريات داخل الدولة، وهو ما يتعين وضعه فى الاعتبار لكونه أهم الأولويات فى المرحلة الانتقالية التى تعيشها مصر.

وأضاف، أنه يأتى ذلك بالبحث عن استراتيجية محددة وبرامج واضحة الملامح للوصول إلى العدالة المنشودة فى مرحلة الاستقرار، وأنه منذ البداية يمكن القول بأن مرحلة تنفيذ الأحكام القضائية هى أسمى مرحلة فى سبيل إحقاق الحقوق، ومن ثمَّ يمكن اعتبارها بمثابة المعيار الأساسى لتمييز ما يسمى بدولة القانون عن الدولة البيروقراطية ودولة الاستبداد التى تسمو فيها هيمنة القوة على القانون، وتعد إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية التى اكتسبت قوة الشىء المقضى به، هى من الإشكاليات التى نصادفها باستمرار، سواء تعلق الأمر بالقضايا التى تهم العلاقات التى تحكمها قواعد القانون الخاص أو بالقضايا التى تهم العلاقات التى تنظمها قواعد القانون العام.

وتابع، "أنه أضحت إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية، معوقًا للعدالة فى النظام القضائى المصرى والعربى وغالبية الدول التى كانت تعانى من القهر والطغيان والاستبداد السياسى، والذى تتجلى صوره فى عدم احترام أحكام القانون

ويقترح المستشار عاشور إنشاء جهاز الشرطة القضائية وتبعيته إداريًا لوزير العدل ورؤساء المحاكم الابتدائية بالمحافظات، موضحا أنه لابد أن يعمل بالتوازى مع الشرطة العادية غير أنه متخصص فى آلية التعامل مع معوقات تنفيذ الأحكام القضائية وسرعة تنفيذها، كما أنه يتلقى أوامره مباشرة من الجهاز القضائى التابع له، ويتعامل مع منظومة متكاملة تحوى قاعدة بيانات كاملة ومتجددة باستمرار للأحكام النهائية واجبة النفاذ، كما يجب أن يقترن ذلك أيضًا بتغيير ثقافة أبناء الشعب من خلال وسائل الإعلام والتربية الثقافية على ضرورة احترام سيادة القانون وأن تنفيذ الأحكام يعد نبراسا ودليلاً على احترام الحقوق والحريات داخل المجتمع.

ويؤكد المستشار عاشور، على أن العدل لا يتحقق من خلال الأحكام القضائية التى ينطق بها القاضى سواء كانت جنائية أو مدنية بل يتحقق بتنفيذها، مشيرا إلى أن الأحكام التى تصدر من القضاء فى الدعاوى الجنائية يتم تنفيذها إذا كان المتهم حاضرًا جلسة المحاكمة فور صدور الحكم أو يتراخى تنفيذه إذا كان من الجائز الطعن عليه بالاستئناف مثل قضايا الجنح، ويؤدى المحكوم عليه كفالة مالية لإيقاف تنفيذ الحكم حتى يقضى فى استئنافه وإذا تخلف عن أى جلسة من جلسات الاستئناف بغير عذر مشروع فقد حقه فى استرداد الكفالة، أما فى الدعاوى المدنية فمتى صار الحكم نهائيا واجب التنفيذ وذيل بالصيغة التنفيذية تعين على أعوان القضاة المختصين بالتنفيذ المحضرون باتخاذ إجراءات التنفيذ على المحكوم عليهم الذى يمتنعون عن تنفيذ الأحكام طواعية وذلك بالحجز على ممتلكاتهم المنقولة أو الثابتة، وبيعها بالمزاد حتى يحصل كل ذى حق على حقه المحكوم به هذا ما تنص عليه القوانين، وهى بحسب صياغتها سليمة من الناحية الفنية.

ويقترح المستشار عاشور للقضاء على ظاهرة الأحكام الغيابية، والتى لا تنفذ أنه إذا تحققت المحكمة من أن المتهم تم إعلانه بالتهمة المنسوبة إليه وبالجلسة المحددة لنظرها، وامتنع عمدًا عن الحضور وإبداء دفاعه، فإن الحكم الغيابى الذى يصدر بحقه ينفذ عليه حتى ولو كان طريق الطعن عليه بالاستئناف مفتوحًا، وكذلك بالنسبة للجنايات فينفذ الحكم ولو كان الطعن عليه إمام محكمة النقض مفتوحًا، وتلغى مرحلة المعارضة للأحكام بالنسبة للجنح وإعادة الإجراءات بالنسبة للجنايات.

وأضاف، أنه بالنسبة لأحكام الدعاوى المدنية فإن العوائق التى تؤدى إلى بطء تنفيذها يكون مرجعها فى الأصل هو مراحل الطعن على الأحكام أمام المحاكم الأعلى وكذلك إشكالات التنفيذ التى يبتغى منها المحكوم عليه تعطيل تنفيذ الأحكام الصادرة فى حقه، فضلاً عن التلاعب الذى قد يصدر من القائمين على التنفيذ ويؤدى إلى تأخيره، وهناك حلول لهذه المسألة، منها مثلاً أنه فى حالة الطعن بالإشكال فى التنفيذ فإن على الطاعن أن يسدد كفالة مناسبة بالمبلغ الذى يجرى التنفيذ اقتضاء له يتناسب مع ما يجرى التنفيذ عليه حتى نحد من هذه الإشكالات التى تعوق وصول الحق إلى مستحقه، كما يتعين التوسع فى الحد الانتهائى لمحاكم أول درجة، وكذلك تحديد أسباب الطعن فى أسباب هذه الأحكام على ذات الأسباب التى يطعن عليها أمام محكمة النقض أى مخالفة القانون أو الفساد فى الاستدلال أو عدم الإحاطة بواقعات الدعوى عن بصر وبصيرة مع سداد كفالة أيضًا مناسبة لإرجاء التنفيذ عقب الحكم مباشر.

مسلسل من العقبات عند تنفيذ الحكم


ويضيف المستشار أحمد مسعود بقضايا الدولة والمنتدب بقطاع المطالبات القضائية بوزارة العدل، قائلاً إن الإشارة إلى أن المعاناة التى يتحملها المتقاضى لاستصدار حكم قضائى بحق له فى ظل بطء التقاضى وزحام القضايا فإن تنفيذ هذه الأحكام فى الواقع وعمليا يشكل معاناة من نوع آخر فى ظل الإجراءات والقوانين والحيل القانونية التى احترفها البعض وبالطبع فى ظل الانفلات الأمنى، ونفرق هنا بين تنفيذ الأحكام المدنية والمناط بتنفيذها إدارة التنفيذ بالمحاكم الابتدائية والتى يرأسها قاضى بمحكمة الاستئناف، ويتم التنفيذ بناء على طلب الصادر لصالحة الحكم وذلك طبقا للمادة 274 مرافعات وبين تنفيذ الأحكام الجنائية والمناط بتنفيذها إدارة تنفيذ الأحكام بأقسام الشرطة ومديريات الأمن، ويتم التنفيذ فور صدور الحكم الجنائى دون توقف التنفيذ على طلب صاحب الشأن أو المصلحة أو غيره، لافتًا لأنه فى ظل الانفلات الأمنى ومن قبل ذلك أيضًا كان هناك الكثير من الأحكام الجنائية التى لم تنفذ فتسقط بمضى المدة.

وهنا يثار التساؤل حول هل سقوط الحكم الجنائى بمضى المدة يسقط معه الحق المدنى الثابت ببعض تلك الأحكام؟ فإذا فرض وحكم فى قضية إصدار شيك بدون رصيد بحكم جنائى بالحبس وسقط هذا الحكم بمضى المدة فلا يسقط معه حق صاحب الشيك فى المطالبة بقيمته الثابتة فيه والتعويض أمام المحاكم المدنية المختصة، إما تنفيذ هذا الحكم والأحكام المدنية عموما فهذه إشكالية أخرى إذ يتطلب ذلك أن يكون هذا الحكم مزيلاً بالصيغة التنفيذية، ويتم بناءً على طلب الصادر لمصلحته الحكم ويقدم طلب التنفيذ هذا إلى إدارة التنفيذ بالمحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها التنفيذ.

وأوضح المستشار مسعود، أنه بالنسبة لإمكانية تنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة فى بلد أجنبى من تنفيذها داخل البلاد فأجاز قانون المرافعات بتنفيذها بذات الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام المصرية، وهو ما يعرف دبلوماسيا بمبدأ المعاملة بالمثل، وأجاز المشرع تنفيذ تلك الأحكام الأجنبية بشروط التحقق من أن المحاكم المصرية غير مختصة بهذا النزاع، وأن الخصوم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحًا وأن الحكم واجب النفاذ، وأن هذا الحكم لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من محاكم مصرية ولا يخالف النظام العام أو الآداب فى مصر، وأنه لتفادى الكثير من عقبات التنفيذ يلتزم تعديل قانون المرافعات لتبسيط إجراءات التنفيذ، فضلاً عن إنشاء مركز لتدريب معاونى التنفيذ وإعطائهم الدورات اللازمة لتكوين لديهم الخبرة والكفاءة اللازمة للتنفيذ.

ويرى المستشار مسعود، أنه إذا أردنا وضع آلية لتنفيذ الأحكام القضائية بصورة أكثر فاعلية مما هى عليه حاليًا، فسيلزم ذلك مراجعة منظومة القواعد القانونية التى قد تؤدى فى بعض الحالات لبطء إجراءات التقاضى، وعلى سبيل المثال لذلك فى الأحكام الجنائية بعد صدورها من المحكمة يطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض، وفى حالة إلغائها هذا الحكم تتم إحالة القضية إلى دائرة أخرى من دوائر محكمة الجنايات، مع أن هذا أمر يمكن تلافيه بتعديل تشريعى، بحيث إذا ألغت محكمة النقض الحكم، تقوم ذات المحكمة بالفصل فى موضوع القضية وعدم إحالتها لمحكمة أخرى، وهذا يجرى تطبيقه فى العديد من التشريعات العربية والأجنبية.

ينبه المستشار مسعود إلى التركيز على الأحكام الوشيكة السقوط "تقادم"؛ سواء كانت أحكاما حضورية، والتى تسقط بعد 5 سنوات أو غيابية وتسقط بعد ثلاث سنوات، وهذه الأحكام لها الأولوية فى التنفيذ حتى لا تضيع على صاحبها، وجانب آخر مهم فى تنفيذ الأحكام يتم وقت إجراء الانتخابات والعمل على تهيئة المجتمع والساحة وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم كمرشحين وناخبين فى جو ملائم وبدون بلطجة من المنافسين، بحيث نكثف الحملات فى تلك الأوقات لضبط البلطجية.

وعن الآليات التى تدعم وتيسر تنفيذ الأحكام وتذلل المعوقات، أردف مسعود قائلاً "إننا نأمل خلال الدورة التشريعية الجديدة أن يتم النظر فى تعديل تشريعى لفكرة المعارضات الكثيرة، بحيث تقتصر على طعن واحد، لكى تنجز فى عملية تنفيذ الحكم "كآلية من آليات العدالة الناجزة" بدلاً من المتبع فى الوقت الراهن، والذى يؤدى لتعطل وتأخر تنفيذ الأحكام، كما نحتاج أيضًا تغليظ العقوبة لتكون رادعة للمخالفين بعدم تنفيذ الأحكام التى تصدر عليهم، وتعمدهم التأخر عن التنفيذ".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة