"اليوم السابع" على الحدود ما بين الكوريتين.. منطقة منزوعة السلاح شاهدة على تمزق حلم التوحيد بعد 63 عاما على انتهاء الحرب.. بيونج يانج بنت 4 أنفاق سرية لشن هجمات ضد سيول.. ومحارب: الحرب لم تنتهِ بعد

التناقض الصارخ بين تقدم كوريا الجنوبية واستمرار استفزازات الشمالية يقتل آمال الوحدة رغم رغبة الجنوبيين فى الاتحاد

محارب فى الحرب ما بين الكوريتين لـ"اليوم السابع": الحرب فعليا لم تنته وربما تندلع حربا فى المستقبل.. كيم سيونج يول: يجب أن نتحد مع الاحتفاظ بيقظتنا

مدير مركز التوحيد الوطنى: الوحدة لن تكون سهلة وستستغرق على الأقل عقدين وشبابنا يخشاه

مع الاستفزازت المتكررة لكوريا الشمالية، بات حلم الوحدة بين الكوريتين أشبه بالمستحيل، فإن كان أغلب الكوريين خاصة هؤلاء من هم أكبر من 50 عاما، يؤيدون التوحيد لتكون دولة واحدة، كثيرون باتوا يروا أن الاستفزازت المستمرة تحول دون تحقيق ذلك، ففى شهر واحد استطاعت بيونجيانج، إثارة تنديد العالم أولا بإعلانها تفجير قنبلة هيدروجينية ثم إطلاقها الأحد الماضى، صاروخاً بعيد المدى، وضعت فيه قمراً اصطناعياً، فى خطوة اعتبرتها الولايات المتحدة وحلفاؤها اختباراً مموّهاً لصاروخ باليستى.

وهذا التوتر فى العلاقات يظهر جليا على الحدود بين الكوريتين، أو بالتحديد المنطقة منزوعة السلاح التى تفصل بينهما، فرغم توقيع هدنة منذ أكثر من نصف قرن، حالة الحرب لا تزال نظريا مستمرة، والخوف من اندلاعها فى أى وقت لا يزال يقلق قيادة سيول وحلفائها.




زارت "اليوم السابع" منطقة "DMZ" أو المنطقة منزوعة السلاح بدعوة من وزارة الثقافة والرياضة والسياحة الكورية، ورغم أنه كان من المقرر زيارة المنطقة الأمنية المشتركة JSA، وهى المنطقة التى يوجد بها غرفة تابعة للأمم المتحدة تقع حرفيا بين الدولتين تم انشاءها لإجراء المفاوضات بين الدولتين التى تحدث نادرا، إلا أنه تم إلغاءها قبل نصف ساعة من الموعد بسبب "أسباب أمنية طارئة" لم يتم الكشف عن تفاصيلها، ولكن عند وصولنا للبوابة، كان هناك تواجد أمنى مكثف وحركة غير اعتيادية لجنود من جنسيات مختلفة.







أما المنطقة المنزوعة السلاح، فلا تزال شاهدة على آمال التوحيد، على الأقل من الجانب الكورى الجنوبى، إذ تحتوى على خرائط وآثار تحمل كلها رغبة فى الاتحاد مرة أخرى، من بينها قطار قديم تعرض للتخريب إبان الحرب، وهو فى طريقه لكوريا الشمالية، كما يوجد كوبرى كان يربط البلاد، لكنه تم تدميره وقت العدوان الكورى الشمالى ليفصل بين الدولتين، ورغم أنه تم بناء كوبرى جديد فى هذه المنطقة الحدودية، تم الإبقاء.




ووضع الكوريون العديد من الشرائط الملونة على الأسلاك الشائكة التى وضعت أثناء الحرب لفصل الدولتين، وهى تعكس رغبتهم فى التوحيد مع ذويهم بعد أن فرقتهم الحرب.




كما انتشرت لافتات الوحدة فى هذه المنطقة – التى لا تزال بعض الأماكن فيها مليئة بالألغام من أيام الحرب- بشكل كبير حتى أن منطقة عسكرية يوجد بها مكتب للأمم المتحدة كتب عليه "نهاية الانفصال وبداية الاتحاد".





كما وضعت أعمال فنية تعكس نفس الرغبة فى الاتحاد، ومنها نصب تذكارى يظهر دائرة منقسمة بداخلها خريطة كل من كوريا الجنوبية والشمالية، ويقف على أطراف جزئيها أشخاص يدفعونها للاكتمال مرة أخرى.




وعلى الجانب الآخر من الحدود، يوجد أربعة أنفاق سرية حفرتها كوريا الشمالية لشن هجمات مفاجئة على العاصمة الجنوبية سيول، أطلقت عليها كوريا الجنوبية اسم "أنفاق العدوان" بعد أن اكتشفتها فى أعوام 1974 و1975 و1978 و1990، فى إطار الاستفزازات المستمرة من قيادة بيونجيانج.




واستغلت كوريا الجنوبية أحد هذه الأنفاق كمنطقة سياحية، إذ فتحت أحدها للسياح، ولكنها تمنع التصوير داخله، يبلغ قطره مترين تقريبا وتم حفره على عمق 73 مترًا تحت سطح الأرض، ويتجاوز عشرات الكيلومترات على طول الحدود.

وتشير الإرشادات الموجودة فى النفق إلى أنه من الممكن أن يعبر حوالى 30 ألف جندى يحملون أسلحة خفيفة النفق كل ساعة.

وتقع نهاية النفق على بعد 44 كيلومترًا من العاصمة الكورية الجنوبية سول.




وكدليل على رغبة سيول فى التوحيد، بنت على هذه المنطقة الحدودية محطة قطار شهيرة تسمى "دروسان" افتتحها جورج بوش عام 2002 كرمز للمصالحة، أملا فى أن تكون محطة الانطلاق إلى بيونج يانج، التى تبعد نحو 205 كيلومتر فقط من هذه المنطقة. ورغم أنه تم تسيير قطار شحن لكوريا الشمالية فى 11 ديسمبر عام 2007، من نفس المحطة، لكن فى 1 ديسمبر 2008، أغلقت حكومة كوريا الشمالية الحدود واتهمت كوريا الجنوبية بتبنى سياسة مواجهة. وظلت المحطة متواجدة دليلا على حسن نية كوريا الجنوبية تجاه الجارة الشمالية.




وعن ذكريات الحرب فى قلوب الكوريين، التقت اليوم السابع بمحارب شارك فى الحرب التى استمرت من 1950- 1953 وقال كيم سيونج يول أن "كوريا الشمالية بدأت هجومها فى 25 يونيو 1950 وكان عمرى 16 عاما وعندما ذهبت للمدرسة كانت مغلقة، وعندما ذهبت للمدينة كانت عبارة عن حطام والدمار كان فى كل مكان، وكشاب أردت أن أدافع عن دولتى وحماية الناس، وفى 15 أكتوبر أدرجت نفسى فى الجيش وتلقيت تدريبا أساسيا وتثقيفا طبيا، فى 1951، اشتركت فى الحرب وفى 1952، أرسلت إلى منطقة جبلية وكانت هناك معارك مستعرة فى هذا الوقت وخضت معارك كثيرة فى هذه المنطقة حتى تم التوصل إلى هدنة".




وسرد كيف رأى العديد من أصدقائه على حافة الموت عندما حاصرهم جيش كوريا الشمالية، وكيف رأى معجزات تحدث على الأرض متعلقة بنجاته وبنجاة أفراد وحدته فى المنطقة التى باتت الآن تعرف بالمنطقة منزوعة السلاح، مضيفا إلى أنه لم يقدر على زيارتها منذ العام 1953 وقت توقيع الهدنة.

وبسؤاله عن تأثير الحرب على الحياة فى كوريا الجنوبية، قال المحارب أن الحرب فعليا لم تنته، لان ما تم توقيعه هو هدنة، وربما يكون هناك حربا فى المستقبل، ويجب أن نكون دائما على استعداد للحرب، لأن كوريا الشمالية لم تتوقف عن محاولتها للدخول إلى كوريا الجنوبية وشن هجوم، فعلى سبيل المثال، وصل جواسيس من بيونج يانج إلى البيت الأزرق (الرئاسة) قبل عقود، وفى واقعة أخرى، دخل جنود من كوريا الشمالية يحملون فؤوس وكان يريدون ذبح بعد الجنود فى المنطقة منزوعة السلاح على الحدود، واستهدفوا وفود لكوريا الجنوبية فى القنابل فى واقعة أخرى، لذا يجب أن نظل حريصين وعلى استعداد للأسوأ.




وعن استمرار استفزازات كوريا الشمالية وما إذا كان يؤيد أو يعارض "الوحدة" وتوحيد صفوف الكوريتين، قال المحارب الكورى أن الوحدة بكل تأكيد يجب أن تتم فهذا كل ما يأمله، ولكن يجب أن نحتفظ بيقظتنا، فربما يكون هناك أشخاص من كوريا الشمالية لا يريدون التوحيد، ويقومون بأفعال سيئة، فالأمن حتمى. وليس مستبعدا أنه حتى بعد التوحيد، يكون فيه هجمات من البعض.

أما عن توقعه متى يحدث التوحيد، فأوضح أنه من الممكن أن يحدث خلال خمسة أعوام، والحكومة الكورية الجنوبية لطالما سعت للوحدة السلمية لذا دائما يعرضون التبادل المدنى بين الكوريتين ومن خلال الحوار يمكن أن نبنى الثقة مع بعضنا البعض، وهذا ما يجب فعله، ومنذ أن تولت الرئيسة بارك رئاسة البلاد، وهى تسعى لتحقيق هذا الهدف، والمادة 3 فى الدستور الكورى تقول أن كوريا تتكون من شبه الجزيرة والجزر الملحقة بها، وهذا معناه أننا يجب أن نتوحد، فضلا عن أن أجدادنا ينحدرون من نفس الأصل وعندما يتم ذلك، أثق أن كوريا ستكون دولة متقدمة تستطيع الالتحاق بالدول الأخرى. ولكن كوريا الشمالية تورطت فى هجمات مجنونة مثل قصف جزر والتهديد، ولكن حكومتنا تتمسك بالحوار.




ومن ناحية أخرى، اعتبر تشو هان بام، من المعهد الكورى للتوحيد الوطنى فى سيول، وهو المعنى بوضع استراتيجات الحكومة وسياستها المتعلقة بالسلام أن الوحدة بين الكوريتين لن تكون مثل توحيد ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، وذلك لاستمرار استفزازات كوريا الشمالية من ناحية، ولدعم الصين لبيونج يانج ودعم الولايات المتحدة لسيول، فهناك نوع من المواجهة بين الاثنين، مشيرا إلى أن الوضع فى الأولى غير مستقر بالمرة، ورغم سعى الحكومة برئاسة بارك لتبنى سياسة التوحيد، إلا أنه استبعد أن يتم تحقيق هذا فى ظل الأوضاع السياسية الحالية، قائلا "من الممكن أن يتم التوحيد بين الكوريتين، ولكن ليس فى المستقبل القريب". وتوقع أن يحدث هذا خلال عقد أو عقدين من الزمن.




وأضاف أن الكثير من أبناء كوريا الجنوبية باتوا لا يريدون الوحدة مع الجارة المشاغبة، لأن هذا سيمثل مخاطرة على حياتهم، كما أنهم لا يثقون فى الجانب الأخر.

وأشار إلى أن وحدة الكوريتين سيعود بالنفع على الكوريين، ولكن لتحقيق هذا سيكون علينا اتخاذ مسارات مؤلمة وسيكون علينا دفع الأموال وتقليل استهلاكنا. ويخشون من وجود فوضى.

وبسؤاله عن شعور الفئات العمرية الأكبر بالرغبة فى التوحيد لانهم يتشاركون فى نفس اللغة والطائفة والتاريخ، وشعور الأجيال الصغيرة بعدم الارتباط بنظرائهم الذين يعيشون على الجانب الآخر، وتأثير ذلك على عملية الوحدة، قال بام أن الشباب يشعر أن الوحدة ستعرضه للكثير من المخاطر ويقلق حيال مستقبله ومستقبل مستوى معيشته، أما الأجيال الأكبر غيرهم.

وبفرض أنه تم التوحيد، فماذا عن الاختلافات الثقافية بين البلدين، وكيف ستعوق العملية، قال بام أن هناك فجوة ثقافية بين البلدين، فخلال 70 عاما عاش الكوريون تحت ظروف وقيم مختلفة فضلا عن تعليم مختلف، ولا اعتقد أنه يمكن حل هذا الخلاف، ولكن يجب أن نعيش معا، وسيكون صعبا.

ويذكر أن الحرب الكورية بدأت حربا أهلية فى شبه الجزيرة الكورية بين عامى 1950-1953. وكانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزئين شمالى وجنوبى، الجزء الشمالى يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفيتى، والجزء الجنوبى خاضع لسيطرة الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة. وبدأت الحرب فى 25 يونيو 1950 عندما هاجمت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية وتوسع نطاق الحرب بعد ذلك عندما دخلت الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة، ثم الصين أطرافا فى الصراع. انتهى الصراع عندما تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى 27 يوليو 1953.

موضوعات متعلقة..

- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بإطلاق المزيد من الأقمار الصناعية فى الفضاء