فتنة التبرع بالأعضاء تشتعل بين الأطباء والأزهر.. عضو مجلس النقابة يهاجم أحمد كريمة.. وأستاذ الأزهر يرد: أنتم تتاجرون بأعضاء البشر.. وداعية أزهرى: المسألة محل جدل كبير.. وسلفى: التبرع يجوز بشروط

الجمعة، 09 ديسمبر 2016 08:04 م
فتنة التبرع بالأعضاء تشتعل بين الأطباء والأزهر.. عضو مجلس النقابة يهاجم أحمد كريمة.. وأستاذ الأزهر يرد: أنتم تتاجرون بأعضاء البشر.. وداعية أزهرى: المسألة محل جدل كبير.. وسلفى: التبرع يجوز بشروط نقابه الأطباء و الدكتور أحمد كريمة و الدكتور خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء
كتب لؤى على - آية دعبس - أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شهدت قضية التبرع بالأعضاء البشرية للمتوفين معركة بين نقابة الأطباء وبعض الشيوخ الأزهريين، بعدما أكد عضو بمجلس نقابة الأطباء أن الآراء المتطرفة سبب انتشار تجارة الأعضاء البشرية، فى الوقت الذى أكد فيه أحمد كريمة تحريمه للتبرع بالأعضاء البشرية، حفاظ على كرامة أجساد الميت، فيما قال دعاة أزهريون وسلفيون إن المسألة بها خلاف فقهى.

 

البداية عندما أكد الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن أسباب رواج تجارة الأعضاء فى مصر هى بعض آراء المتطرفين فى مصر، دونًا عن علماء الإسلام فى العالم كله وفى مصر، واصفا تلك الآراء بالعائق أمام الطريق الصحيح للحصول على الأعضاء البشرية.

 

وأضاف "سمير"، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن أحد تلك الآراء كانت للدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، والذى أكد أن رأى الإسلام هو تحريم التبرع بأى عضو أو جزء من جسم الإنسان سواء من الأحياء أو الأموات، مضيفا: "حقيقة أننى أعتقد أنه لا يعرف أن برأيه هذا يقتل الجرحى والمرضى، ويسوق لدين قاس، ولا يمكن أن يكون هو نفسه الدين الذى خاطب الله رسوله بقوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

 

وتابع "سمير": "ما أستغربه فى مصر أن بعض الشيوخ لا يقولون أنا رأيى كذا فى هذا الموضوع، وإنما يدعون أن هذا رأى الإسلام، وأعلم تماما أن الإسلام دين يسر وصالح لكل زمان ومكان، وأن فهم وتفسير آيات الله، وما ورد فى الحديث الصحيح يبنى على مقدار علم البشر والذى قد يتغير بتغير مدى هذا العلم".

 

وأضاف عضو مجلس نقابة الأطباء: "أعلم جيدا أن فقهاء الإسلام الكبار كانوا يخشون الفتوى إما خشية، أو أنهم كانوا حريصين على إظهار أن تلك الآراء مبنية على فهمهم الشخصى، وأن كلام كل إنسان يحتمل الصواب والخطأ، ولا يلزم إلا صاحبه، وربما جمع قول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "كل كلام يؤخذ منه ويترك إلا كلام صاحب هذا المقام (وهو يشير إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم)، موضحاً أن الوضع الآن غير ذلك، مضيفًا: "الحقيقة أن رأى الدكتور كريمة لم يراع مريضًا عاجزًا وقد دنا الموت منه إلا من أمل خافت باستبدال أعضائه الحيوية التى توقفت عن العمل بأخرى".

 

وتابع سمير: "قال كريمة إن الفقهاء عرفوا الموت بأنه مفارقة الروح للجسد، لكن بالنسبة له أن موت المخ ليس موتا، وكأنه يعرف ما هى الروح؟ وكيف ومتى تفارق الجسم عند الموت؟ وعلل رأيه بتبرير غريب لا علاقة له بالموضوع، قائلا: إنه إذا قتل شخص مريض مات مخه، فإنه يوقع عليه القصاص لأنه قتل حيا وليس ميتا، أى أنه فسر رأيه فى إنكار موت من مات مخه بما يفتى به نتيجة هذا الإنكار، وليس بتوضيح أسباب هذا الإنكار".

 

واستطرد "سمير": "الحقيقة أن علماء الطب فى كل العالم، وعلماء الفقه والشريعة فى كل العالم، عدا بعض العلماء أصحاب الآراء المتشددة فى مصر، قد فهموا أن الروح سر من أسرار الله، لا نعرف كيف أو أين هى ومتى وكيف تغادر الجسد، وربما لن نعرف أبدا، فكان تركيزهم على فهم نتائج مفارقتها للجسد وعرفوه بأنه استحالة عودة الوعى والإدراك للإنسان وهو ما لا يحدث إلا عند الموت التام لجميع خلايا المخ، أما خلايا الجسم الأخرى فموتها أو حياتها لا يؤثر على حياة الإنسان فقد تموت، ويظل واعيا مدركا عاقلا، وقد يموت الإنسان وتظل خلاياه حية وإلى الأبد، حيث يمكن حفظ الخلايا مجمدة إلى الأبد وتعود لنشاطها بمجرد تدفئتها، وهذه ليست حياة لإنسان وإلا كان البشر جميعا مخلدون".

 

واستنكر الدكتور خالد سمير، تحريم "كريمة" التبرع بأعضاء المتوفى مبررًا كلامه بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كسر عظم الميت ككسره حيا"، قائلا: "هو فهم غريب لقول الرسول الكريم، الذى يقصد به تجنب الإهمال فى معاملة الميت، والتعامل مع الجسد بعناية ورفق حتى بعد الموت لأن فى النهاية الجسد يأكله الدود، فهل يمكن أن نفهم أن أكل الدود لجسد الميت كأكله لجسد الشخص حيا".

 

ووصف د. سمير توضيح الدكتور أحمد كريمة، بأن موت المخ ليس موتا، بأنه يفتى بما ليس له به علم وهو الطب، موضحا أن الموت ليس شأنا شرعيا، وإنما هو شأن طبى بحت والمنوط بالمحافظة على حياة الإنسان وتقرير حدوث الموت هو الطبيب وليس رجل الدين.

 

وتعليقاً على استناد "كريمة" لمدرسة الشيخ محمد متولى الشعراوى، والإمام الأكبر السابق الشيخ جاد الحق على جاد الحق، التى تحرم نقل الأعضاء، قال عضو مجلس نقابة الأطباء: "أؤكد أننى أعلم من شهود ثقة أن الشيخ الشعراوى قد غير رأيه قبل وفاته، وأحل نقل الأعضاء للضرورة، ودفع الضرر الأكبر وهو الموت، وأما الشيخ جاد الحق فعالم كبير اجتهد وأخطأ وكل ابن آدم خطاء".

 

وأشار سمير إلى أن المرضى فى مصر يموتون، والأحياء يخطفون ويقتلون، ويغرر بهم ليقطع من أجسادهم، دونا عن باقى دول العالم لعدم وجود أعضاء بشرية من متوفين، فى الوقت الذى يتوفى فيه عشرات الآلاف من المرضى سنويا، كان يمكن إنقاذ حياتهم بنقل أعضاء بشرية لهم، إلا أن هذه الآراء المتشددة منعت ذلك، مؤكدًا ضرورة تغيير الخطاب الدينى فى مصر لمواجهة المتشددين والذين يفتون بغير علم، وإنما بناءً على فهم شخصى، يسيئون به لدين سمح كريم، لم يجعله الله إلا رحمة بالإنسان.

 

فى المقابل رد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن من يبيحون تجارة الأعضاء يسعون للتجارة من أجل الأغنياء، موضحا أن حديثه حول تحريم التبرع بأعضاء المتوفى ليس كلامه ولكن كلام الشيخين محمد متولى الشعراوى، وجاد الحق على جاد الحق.

 

وأضاف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، لـ"اليوم السابع"، أن تحريم تبرع المتوفى بأعضائه هو حفاظ على كرامة أجساد الميت، وكسر عظم الميت ككسره حيا. وتساءل كريمة قائلا: "هل نقل الأعضاء البشرية فى مصر يكون للفقراء أم من لديه أموال؟، حيث إن بيع أجساد المصريين لمن يدفع أكثر، من خلال مراكز طبية أشبه بالسلخانات، موضحا أن عضو مجلس نقابة الأطباء يجتزئ كلامه.

 

وقال كريمة إن مغادرة الروح للجسد مغادرة كاملة تستحيل معها الحياة، ومن يتاجرون بالأعضاء يستولون على أعضاء الميت قبل الوفاة من خلال الموت الإكلينيكى أو جزع المخ، والإغماء إكلينيكى لا نقدر نورثه ولا غيره، موجها حديثه لعضو مجلس نقابة الأطباء قائلا: "لا تلوى عنق الشريعة من أجل أثرياء الأطباء المتاجرين بأعضاء البشر".

 

وبدوره قال الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، إن مسألة التبرع بالأعضاء هى مسألة حديثة وتخضع للاجتهاد وتعدد الآراء، وطبيعى ألا يتفق الكل حولها.

 

وتابع البهى فى تصريح لـ"اليوم السابع": "لكن المهم فى النهاية رأى الجهة الرسمية وهى دار الإفتاء، ودار الإفتاء أجازت المسألة بشروط.

 

وبدوره قال سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، إنه يجوز التبرع بالأعضاء البشرية بشروط، حيث يجوز التبرع بالدم، ويجوز التبرع بعضو لا يُؤثر على حياة المتبرع مثل الكُلية وقرنية العين ونحو ذلك.

 

وتابع الداعية السلفى: "هذا هو الرأى الراجح الذى أقره الكثير من أهل العلم، وكذلك يجوز أخذ الأعضاء من الميت إذا أذن فى ذلك قبل موته، فبعد موته يتبرع بالقلب أو الكبد مثلًا، بل هذا عمل خير؛ وهو من باب الصدقة الجارية".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة