"العائدون من داعش" يثيرون الفتن فى تونس.. السبسى يرحب بعودة المقاتلين التونسيين من سوريا والعراق.. ويؤكد: لن نسجنهم جميعا.. وصحيفة: موقفه ثمن المساعدات الدولية.. والرئاسة تحاول الاحتواء ببيان توضيحى

السبت، 10 ديسمبر 2016 10:00 م
"العائدون من داعش" يثيرون الفتن فى تونس.. السبسى يرحب بعودة المقاتلين التونسيين من سوريا والعراق.. ويؤكد: لن نسجنهم جميعا.. وصحيفة: موقفه ثمن المساعدات الدولية.. والرئاسة تحاول الاحتواء ببيان توضيحى "العائدون من داعش" يثيرون الفتن فى تونس
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى تخشى فيه دول الغرب على بلدانها من الدواعش وترفض استقبال أبنائها الذين انضموا للتنظيم الإرهابى، أبدت تونس استعدادها لغض الطرف عن جرائم أبنائها الذين سافروا لسوريا والعراق ومارسوا الإرهاب على أراضى دول أخرى باعتبارهم شبابا ضلوا الطريق.

 

وظهر هذا الترحيب جليا فى تصريحات الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى التى كشف خلالها استعداد الحكومة التونسية لاستقبال التونسيين العائدين من بؤر التوتر فى سوريا والعراق، ما أثار موجة من الغضب داخل تونس وهو الأمر الذى أجبر الرئاسة التونسية على إصدار بيان توضيحى لامتصاص الانتقادات التى عمت الأوساط السياسية، تخوفا من أن تفتح تونس أراضيها لعودة واحتضان الإرهابيين.

 

تصريحات السبسى الصادمة جاءت قبل أيام فى حوار قال فيه إن العديد من المقاتلين يرغبون فى العودة، ولا يمكننا منع تونسى من العودة إلى بلاده، هذا أمر يكفله الدستور، وأضاف: "لن نضعهم جميعاً فى السجن، لأننا إن فعلنا لن يكون لدينا ما يكفى من السجون، بل سنتخذ الإجراءات الضرورية لتحييدهم، ونحن نراقبهم".

 

وبعد زوبعة الانتقادات للسبسى بأنه يخالف الدستور ويُعرض البلاد للإرهاب، حاولت الرئاسة تقويم تصريحات الرئيس قبل استفحال الأزمة وقالت فى بيان رسمى لها "إن رئيس الجمهورية هو الساهر على احترام الدستور الذى ينص الفصل 25 منه على حجر سحب الجنسية التونسية من أى مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن عليه".

 

وكشفت الرئاسة التونسية عن أنه تمّ اتّخاذ كامل الإجراءات الأمنيّة والسياسيّة لتحييد خطر عودة التونسيين من بؤر التوتّر، وفق ما نصّ عليه الفصل 33 من القانون الأساسى المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، دون توضيح ما هى نوعية تلك الإجراءات.

 

ويأتى هذا الجدل فى ظل سيطرة الجنسية التونسية على الجنسيات الأجنبية المنتشرة بين صفوف تنظيم "داعش" فى سوريا وليبيا والعراق، إذ تشير أغلب التقديرات إلى أنّ عدد المقاتلين التونسيين فى سوريا والعراق يفوق الـ3000 مقاتل، أما فى ليبيا فيشكّل التونسيون النسبة الأكبر من عناصر التنظيم، إذ وصل عددهم إلى نحو 500 مقاتل، ومع تقليص نفوذ التنظيم الإرهابى والهزائم المتتالية التى يتكبدها فى مناطق متفرقة بدأت تونس تفكّر فى كيفية التعامل مع العائدين من بؤر التوتر.

 

تصريحات الرئيس الصادمة لم تكن الأولى من نوعها بين المسئولين التونسيين، حيث قال وزير العدل التونسى فى مارس الماضى "ما مدى إيجابية العقاب السجنى للإرهابيين، خاصة أن الدافع فى اعتناقهم ممارسات إرهابية هو دافع فكرى بالأساس، الإرهابيون، فى الأخير هم شبان تونسيون أضاعوا البوصلة".

 

اتجاه الحكومة لتقنيين عودة الإرهابيين وفتح مجال المصالحة لإعادة إدماجهم فى المجتمع ولد تخوفا لدى الرأى العام التونسى الذى اعتبر أن فتح الحدود أمام العناصر الإرهابية بمثابة القنبلة الموقوتة التى ستنفجر فى وجه الجميع، وبحسب جريدة "الشروق التونسية" فإن تسريبات متصاعدة بخصوص ملف المقاتلين التونسيين المتواجدين فى بؤر التوتر أن تونس قد تستقبل العام المقبل 2017 أكثر من 1500 عنصر إرهابى.

 

ضغوطا دولية تمت ممارستها من قبل بعض القوى الدولية على الرئيس التونسى للقبول بإعادة إدماج الدواعش التونسيين فى المجتمع مقابل حزمة من المساعدات الاقتصادية، هذا ما فسرت به الشروق موقف الرئيس السبسى، مؤكدة أن هناك تسريبات متصاعدة عن التمهيد لتنفيذ اتفاقات سابقة شاركت فى هندستها قوى عالمية وإقليمية.

 

تلك الاتفاقات قد تقضى بضرورة استعادة عدد من المقاتلين الذين تم إرسالهم للمشاركة فى الحروب المندلعة ضد الأنظمة فى سورية والعراق وليبيا فى ما يعرف "بحصة" تونس، ويبدو أن تونس مستعدة لذلك بعد تلقيها وعودا بمساعدات مالية واستثمارات للتخلص من أزمتها الاقتصادية.

 

السياسيون التونسيون أكدوا أن عدم استفتاء الشعب فى عودة الإرهابيين المتورطين فى القتل وأبشع الجرائم إلى البلاد يعتبر سلوكا غير ديمقراطى وقرارا غير شعبى، هذا فضلا عن إن استقبال من قتلوا الأهالى فى ليبيا وسوريا والعراق دون عقاب رادع يعتبر ديبلوماسيا بمثابة العدوان على تلك الدول وهو ما يمكن أن يجر لتونس مشكلات دولية.

 

إذا فتحت تونس أبوابها لعودة الإرهابين فستكون مخالفة للقانون الدولى، حيث أشارت صحيفة الشروق الى القرار رقم 1373 فى  سبتمبر 2001 والصادر عن مجلس الأمن والذى أكد على أنّه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه على جميع الدول منع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية والقيام بتجميد الأموال وأى أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالا إرهابية، أو يحاولون ارتكابها، أو يشاركون فى ارتكابها أو يسهلون ارتكابها، مع الامتناع عن تقـديم أى شكل من أشكال الدعم، الصريح أو الضمنى، إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين فى الأعمال الإرهابية، ويشمل ذلك وضع حد لعملية تجنيد أعضاء الجماعات الإرهابية ومنع تزويد الإرهابيين بالسلاح.

 

ووفقا لمضمون القرار الملزم لكل الدول وبموجب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبموجب الدستور التونسى، أكدت الصحيفة أنه لا يحق لرئيس الجمهورية أن يقرر السماح لأشخاص إرهابيين قاتلوا فى دول أخرى أن يعودوا إلى تونس دون عقاب، وبالتالى يمكن رفع الأمر لدى القضاء الإدارى لإلغاء أى مقرّر إدارى يصدر عنه.

 

ولا يعد ملف العائدون من سوريا والعراق بالقضية الجديدة بل بدأ ظهورها فى العام 2014 عندما طرح ما يسمّى بـ"قانون التوبة"، من جانب الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقى، ثم أعاد طرحه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشى، حيث دعا العام الماضى إلى فتح باب التوبة والحوار مع الجهاديين التونسيين سواء الموجودين فى الخارج أو المتحصنين فى جبال فى تونس.

 

ويأتى موقف تونس المثير للجدل ليطرح أسئلة حول مدى إمكانية استقبال الإرهابيين والحفاظ على النظام، فى الوقت الذى رفضت بعض حكومات أوروبا وفى مقدمتها بريطانيا وفرنسا استقبال مواطنيها المشاركين فى أعمال إرهابية.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة