فى حديثه الأسبوعى غدا الجمعة على الفضائية المصرية..

الإمام الأكبر: الإساءة إلى الأزهر إساءة إلى مصر والعالم الإسلامى

الخميس، 07 يناير 2016 11:04 ص
الإمام الأكبر: الإساءة إلى الأزهر إساءة إلى مصر والعالم الإسلامى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الازهر : إن الهجوم على مناهج الأزهر من بعض دوائر الإعلام صحفا كانت أو فضائيات، واصفة هذه المناهج بأنها تخرج متطرفين أو متشددين وحديثا داعشيين- كذب على التاريخ وكذب على الواقع وكذب على الحقيقة ، فمناهج الأزهر على العكس من ذلك تماما فهي التي خرجت -وتخرج وسوف تخرج- المسلم الملتزم بالإسلام الوسطي عقيدة وفكرا وسلوكا، وهذا ما تحقق ويتحقق دوما في مصر والعالم العربي والإسلامي بل في العالم كله، ولو نظرنا إلى كل قيادات الحركات الفكرية المتطرفة والمسلحة لن تجد أيا منهم من تخرج من جامعة الأزهر، فهؤلاء جامعاتهم الذين تخرجوا منها معروفة وكتبهم معروفة، ولم نر من فتح فمه بكلمة يُدِين بها مناهجهم أو دعواتهم أو اجتماعاتهم التي راحت تعيث في العالم قتلا وإسالة للدماء، لكنهم يطلقون حناجرهم فقط على مناهج الأزهر والعقلية الأزهرية الوسطية، مؤكدًا أن هؤلاء الإعلاميين لا يعلمون شيئا عن مناهج الأزهر، ولا قرأ أحدهم كتابا أو بعضا من كتاب من مناهج الأزهر؛ اللهم إلا فقرات مجتزئة من هذا الكتاب أو ذاك، مُصِرًّا على الهجوم، وهو هجوم ينفذ أجندات أجنبية من دوائر تحارب الأزهر، وقد حورب الأزهر عبر التاريخ، ولا يزال يحارب من كارهيه من أعداء الثقافة الأصيلة.

وأضاف في حديثه الأسبوعي الذي سيذاع غدا الجمعة على الفضائية المصرية: "كتب التراث في العالم لا تخلو من أحكام أو من قضايا كانت تعالج قضايا طرحت آنذاك، وربما افترض العلماء صورا واحتمالات لم تقع، ولكن حرصا منهم على البحث المستقصي فقد ذهبوا بعيدا في الافتراض والتفريع في مسائل يصعب تصورها، وهذا نوع من البحث معروف في أبواب الفقه الإسلامي، وهم قاموا بما يمليه عليهم البحث والاستقصاء في فروع مسائل الفقه، وليس بالضرورة أن تكون تلك الصور والافتراضات قد وقعت أو تقع في المستقبل، وهذا ما لا يدركه كثير ممن يتكلم بدون علم في دقائق علم الفقه. وهؤلاء الذين يقولون إن مناهج الأزهر تخرج شخصًا داعشيًّا يقول بجواز قتل المخالف وحرقه ، فعليهم أن يدلونا على حادثة واحدة في التاريخ الإسلامي، تحقق فيها هذه الصور البشعة، ونفس الشيء في زواج البنت الصغيرة قبل البلوغ، أين طبق هذا؟ ومتى حدث؟ وفي أي مرحلة من مراحل التاريخ التي حدث فيها زفاف البنت إلى زوجها قبل البلوغ؟!،

ونحن ننزه تراثنا الفقهي العظيم من مثل هذه الآراء والأقوال الغريبة أن تكون آراء معتمدة عند العلماء في الحكم والفتوى، وإنما بعضها آراء وافتراضات قيلت على سبيل الافتراض لا غير، وهناك فرق أن تتحدث عن احتمالات وصور قد تحدث وفرق بين الواقع، وتراث الإنسانية فيه مثل هذا، مشيرا إلى أن هؤلاء المنتقدين لا يفرقون بين رأي علمي طُرح من أحد الفقهاء في زمن وعصر وبين منهج معتمد ارتضته الأمة عبر العصور، ولا نشك أن التشويش المتعمد على مناهج الأزهر يراد به الاصطياد في الماء العكر، وتشكيك الناس في الأزهر.

وقال : وأنا شخصيا دخلت الأزهر سنة 1956م وكان باب الرق والعبيد محذوفا ولا يدرس وكذلك غيره من بعض الأبواب، ورغم هذا فإنني أحبذ أن تطبع كتب التراث كما هي، من باب الأمانة، ويعلق على بعض المسائل التي أصبحت في ذمة التاريخ، يعلق عليها ببيان شاف بما عليه العمل في أيامنا هذه، وذكر أسباب ورودها من الناحية التاريخية، وهذا هو الذي درج عليها شيوخنا في الأزهر الشريف عند تدريسهم كتب التراث الإسلامي عقيدة وفقها وأصولا، ومن ثَمَّ كان طلبة الأزهر على مر العصور لم يجدوا تناقضا ولا ما يخالف الطبع العقل السليم فيما درسوه في مقررات الأزهر الشريف.

وتابع الإمام الأكبر: ولكن ابتليت الساحة الإعلامية ببعض من لم يدركوا حقيقة هذا المنهج، فأخذوا بعض جمل من بعض الكتب المقررة، وهي في حقيقة الأمر جملا إما محذوفة من المنهج المقرر أو غير ملزمة للطالب ولا بدرسها، ثم خرجوا يشوشون على مناهج الأزهر، ويشهرون بها، وما كنا نتوقع أن يكون هناك شخص يتقي الله ويخاف من المسئولية أن يعبث هذا العبث إلى هذا الحد، إذ مناهجنا هي التي حافظت على وسطية الإسلام عقيدة وفقها، وهي التي حافظت على أن تظل مصر بلا إرهاب، ولا متطرفين، اللهم إلا من فئات ضالة مضلة اعتمدت على مناهج غير مناهج الأزهر الشريف، وتمذهبوا وتعبدوا بها، مشددًا على أن التعليم خارج مؤسسة الأزهر الشريف يحتاج إلي مراجعة شاملة، لأن التعليم غير الأزهري في معظمه يُعَلِّم: إما أن تكون معي وإما أن تكون كافرا، أو فاسقا، لكن التعليم الوسطي الذي لا يكفر هو التعليم الأزهري، وهو الذي يقول: إننا جميعا إخوة في الإسلام الذي يسعنا جميعا هو التعليم الأزهري، وبالتالي مصر هي المكان الوحيد الذي يدرس فيها المذاهب الفقهية الأربعة، وهذا بسبب الأزهر ومنهجه الذي يقوم على التعددية، والمنهج التعددي فيه رأي ورأي آخر ورأي ثالث ورأي رابع، وكل هذه الآراء صحيحة، حيث إن طبيعة المنهج التعددي لا يمكن أن تنتج متشددا، فعقلية الأزهر بتكونها تسع الكثيرين، ولا تحملك على مذهب معين يكفر مخالفه أو يفسقه كما في بعض مناهج التعليم غير الأزهري، والتي لم يتحدث عنها أحد.

ولفت إلى أنه قرأ في تاريخ الأزهر أن هناك في فترات معينة كان الهجوم الممول يشتد على الأزهر ورجاله، ورغم هذا فإن الأزهر الشريف يظل ثابتا شامخا؛ لأن الأزهر لو اهتز ستهتز مصر ثم يهتز العالم العربي والإسلامي كله، لأنه ضمير الأمة وسقفها، والأزهر حفظه الله طوال 1060 عاما، ولا يمكن أن تهزه الآن مؤامرة هنا أو هناك، فالأزهر بمنهجه الوسطي السمح منهج تعددي لا يقر تكفيرا ولا إقصاء ولا تبديدا. وهو سائر على هذا النهج إلى ما شاء الله.

وأوضح الإمام الأكبر أن غالب الدول الإسلامية تتمذهب بمذهب معين، ففي تركيا مثلا نجد المذهب الحنفي هو السائد، وفي أندونسيا نجد المذهب السائد هو المذهب الشافعي، وفي إيران نجد المذهب الإمامي الجعفري هو السائد، وفقه المذاهب الأربعة لا يسود، وفي الخليج نجد الفقه الحنبلي هو السائد في الغالب الأعم، وفي المغرب كله نجد الفقه المالكي هو السائد، .أما مصر فهي البلد الوحيد التي تجد فيها الفقه الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي، وهذا كله بسبب الأزهر الشريف الذي تدرس فيه كل هذه العلوم، من الصف الأول الابتدائي إلى أن يتخرج الطالب من القسم الثانوي.

وأضاف الإمام الأكبر "الهجوم على الأزهر هجوم على وطن، ونحن في الأزهر الشريف واعون، وهذه الكتب التي ينتقدونها الآن، جيلي كله، تخرج عليها، وليس منا مَنْ هو إرهابي ولا تكفيري، قد يكون بعض الطلاب استغلتهم بعض التيارات المتشددة، للتظاهر هنا أو هناك، هذا أمر وارد؛ ولكن أن يحمل السلاح ويذهب ويقتل، هذا ليس من صناعة الأزهر ولا من تعليمه، ولتبحثوا عن صناع الإرهاب وانتقدوهم، فالأزهر الشريف منهجه وسطي وليس مؤسسة تكفير ولا مؤسسة إرهاب ولا تعليمه يخرج إرهابيين، ونحن كأشاعرة لا نكفر لا نكفر أحدا من أهل القبلة، حتى الذين يكفروننا لا نكفرهم، ولولا الله الذي أنعم على مصر بالأزهر الشريف، لكانت مصر لقمة سائغة للتكفيريين وللمتطرفين وربما وقعت فيما وقع فيه الآخرون، لكن ببركة الأزهر وبتعليم الأزهر حفظت مصر، قديما وحاضرا ومستقبلا إن شاء الله، ولا يزال رسل الأزهر الشريف في العالم هم العلامات المضيئة في الدنيا جميعا، وما حدث من داعش وما حدث من الحركات المسلحة القاتلة والتي تزعم أنها ترفع لافتة الإسلام أيا كان اسمها، فلسنا وحدنا المسؤولين عن هذا، فكل مؤسسات الدولة وكل مؤسسات العالم العربي والإسلامي مسؤولة عن نشأة هذا التيار العنيف الرهيب الذي لا يمثل الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، نعم أنا لا أبرئ مؤسسة الأزهر من التكاسل والانزواء والانطواء وهذا له أسباب خارجة عن الأزهر؛ لأن الأزهر همش وطورد طيلة أكثر من نصف قرن، وهناك إحباطات شديدة جدا صنعت هؤلاء الناس وأنا عشت هذا الجيل، وأنا شاهد، على عدد من الحروب، 56 كان فيها حرب ، 67 كان فيها حرب ، 73 كان فيها النصر، ومع ذلك لم تنصلح الأمور، فما زلنا نحتاج إلى شباب قوي يتحمل هذه الضغوط، بطالة، وإهمال، وفقر، ومرض وفروق اجتماعية صارخة، كل هذا يساعد على تبني الفكر المنحرف، إلى إعلام وتعليم وثقافة ليست له خطة مضبوطة، لافتا إلى أننا حينما قدر الله لنا تحمل مسؤولية مشيخة الأزهر الشريف، بدأنا نراجع مناهجنا، ليس على أساس أنها مناهج إرهابية، ولكن على أساس هذه المناهج الوسطية تحتاج إلى تحديث، وكانت المشكلة أن هذه المناهج صعبة فبدأنا نُيسر ونبسط هذه المناهج، وقررنا لأول مرة هذا العام مادة اسمها الثقافة الإسلامية علي الصف الثالث الإعدادي، وللمرحلة الثانوية، ففي الصف الثالث الإعدادي الأزهري الموضوع الأول: سماحة الإسلام في معاملة أهل الأديان الأخرى، والموضوع الثاني التطرف والإرهاب، وهذا غير موجود في أي تعليم آخر في حدود علمي، إلا عندنا في الأزهر الشريف ، فنحن نعلم الطالب كيفية التعامل مع أهل الأديان الأخرى انطلاقا من الإسلام وكيف يتصدى الطالب لمن يحرضه ضد وطنه أو يدعوه إلى الإرهاب، وجئنا بأمثلة من سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين، مثل: نموذج عيادة النبي صلي الله عليه وسلم للغلام اليهودي الذي كان يخدمه فعن أنس رضي الله عنه أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي فمرض ، فأتاه النبي يعوذه ، وتأكيد إكرامهم إذا كانوا جيراننا ، فعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - وَغُلَامُهُ يَسْلُخُ شَاةً - فَقَالَ: يَا غُلَامُ، إِذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: الْيَهُودِيُّ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِي بِالْجَارِ، حَتَّى خَشِينَا أَوْ رُئِينَا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ، وإعانتهم إذا كانوا فقراء لا مال لهم ، فقد سجل التاريخ نماذج رائدة في هذا عندما شكا رجل يهودي علي بن أبي طالب للخليفة عمر بن الخطاب قال عمر لعلي قم يا أبا الحسن فاجلس جوار خصمك - أبا الحسن كنية سيدنا علي، وهذا فيه نوع من الود- فقام علي وجلس بجواره، ولكن ظهرت علي وجه علي علامة التأثر، ، فلما فصل عمر في القضية قال لعلي: أكرهت أن تساوي خصمك؟ قال: لا لكني تألمت حينما ناديتني بكنيتي فلم تُسوِّ بيننا، فخشيت أن يظن اليهودي أن العدل ضاع بين المسلمين، فهذه مناهجنا التي ندرسها في معاهدنا.

ثم اختتم حديثه بقراءة وصايا جاءت في خاتمة كتاب الثقافة الإسلامية المقرر على الصف الثالث الإعدادي وصفوف المرحلة الثانوية، والتي من أهمها: لا تستمع إلي من يدعوك إلي معاداة الوطن والمواطنين ، وقف في وجه من يشكك في مصر والمصريين، وتذكر دائما قوله تعالي "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، وتجنب ما ينافي الاخلاق والادب العام في مظهرك وملبسك، احترم زملائك وبادلهم الحب والتقدير واصفح عنهم ، واعلم ان الصفح الجميل من صفات الأنبياء والمرسلين، قال تعالي "فاصفح عنهم وقل سلام"، وحافظ علي نظافة جسمك ومكانك فالنظافة من الإيمان، الممتلكات العامة مثل وسائل المواصلات والمباني ومقاعد الدراسة والشوارع والطرقات وأعمدة الإنارة من نعم الله عليك وعلي غيرك فحافظ عليها وعلي سلامتها ونظافتها، وسوف تسأل عنها يوم القيامة، لا تلوث ماء النيل، وحافظ علي نظافة المتنزهات والأماكن العامة، وكن صديقا حاميا للبيئة ولا تكن من المفسدين فيها، إن الله لا يحب المفسدين، اعلم أن الحياة ليست كلها ورودا خالصة، وأن طريقها كما هو مملوء بالورود مملوء بالأشواك أيضا، فوطئ نفسك علي مواجهة التحديات بالإيمان بالله وبالصبر والإرادة الصُّلبة ، وتذكر دائما وصية النبي صلي الله عليه وسلم "استعن بالله ولا تعجِز"، احترم العلم وأهله، إنما جعل القلم للعلم، فمن جعله للسب والشتم فقد حقّر ما عظمه الله، بالإضافة إلى موضوعات كثيرة يحتاج عرضها سواء في كتاب الثقافة للإعدادي أو للثانوي، إلى أكثر من برنامج ليعلم الذين لا يعلمون أن الأزهر ليس إرهابيا ولم يتخرج منه إرهابي، وعلي هؤلاء أن يبحثوا لهم عن قصة أخرى غير قصة المناهج الأزهرية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة