سيناريو تخيلى.. من ليلة الثورة وحتى الهتاف بالرحيل.. كيف تابعت عائلة مبارك ثورة يناير من قصر الرئاسة؟.. من 25 لليلة 27 أيام اطمئنان الرئيس.. وجمعة الغضب أول أيام الزلزال الذى أطاح بحكم "مبارك"

الثلاثاء، 26 يناير 2016 04:05 م
سيناريو تخيلى.. من ليلة الثورة وحتى الهتاف بالرحيل.. كيف تابعت عائلة مبارك ثورة يناير من قصر الرئاسة؟.. من 25 لليلة 27 أيام اطمئنان الرئيس.. وجمعة الغضب أول أيام الزلزال الذى أطاح بحكم "مبارك" خطاب تنحى مبارك
كتبت رضوى الشاذلى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نهار مشمس سطعت منه نور الحرية، مازالت أصوات المتعطشين إلى الحرية فى التحرير لم تصل إلى مسامع الرئيس القابع خلف الأسوار التى تحميها رشاشات الحاشية، ويحول بينه وبين الثائرين عشرات الأسوار، فى هذا المكان الهادئ الذى اكتفى مبارك فيه بالإضاءة الخافتة التى تخفى أكثر مما تظهر، وإلى الجوار جلست سوزان بيدها ريموت الكنترول تحاول أن تلتقط من نشرات الأخبار خيوط الأحداث، أما هو فاختار أن يلجس شاهراً جريدة الجمهورية على صفحة الرياضة، فى محاولة لأن يصنع عازل بينه وبين ما تعلن عنه المذيعة فى صباح الـ25 يناير، عن أن عشرات المتظاهرين تجمعوا فى ميدان التحرير معلنين عن مطالبهم التى لخصوها فى "عيش حرية عدالة اجتماعية، فى هذه اللحظة يبدأ حوار جانبى ومبارك يضع على طاولة مُقربة منه فنجان القهوة التى انتهى منها للتو، قائلاً لسوزان بنبرة هادئة ورزينة "كلمولى حبيب العادلى يقولى أخبار الشارع إيه"، تخبره سوزان بلهجة هى أكثر راحة وهدوء "دول شوية عيال هيزعقوا شوية ويروحوا ولو أخر النهار المظاهرة ديه مخلصتش أهيه الداخلية موجودة، يستمع إليها بهدوء بالغ وهو يخلع نظارته الطبية قائلاً..الواحد عاش وشاف كتير، وبعدين حرية إيه اللى بيتكلموا عنها هو مش داريانين باللى بعمله عشان البلد ولا إيه؟، هنا ينتهى الحوار الذى استمر لدقائق معدودة ليعود من بعد ذلك المشهد إلى رتابته الأولى.

انتهى اليوم الأول ومبارك مازال واضعاً فى "بطنه بطيخة صيفى" ومهمته هنا أن يرسل رسائل الاطمئنان إلى عائلته، خصوصاً فى هذا الحوار الذى دار بينه وبين ابنه جمال الذى أكد فيه الأخير وهو مرتبك "يا ابنى اهدى أنا حاكم البلد دى 30 سنة وديه شوية مظاهرات هتروح لحالها، أنت لازم تكون مطمن الشعب ده جبان ميعرفش غير إزاى يقضى يومه وخلاص ولا مظاهرات...وثورة إيه ديه اللى بيتكلموا عنها كان غيرهم أشطر"، ينتهى الحوار ويغادر جمال الغرفة التى جمعته بوالده قائلاً "عموماً أنا اتكلمت مع عز ومش مستريحين للى بيحصل".

يوم جديد يهل على القابعين فى ميدان الثورة متمسكين بأحلامهم الثورية شاهرين أعلامهم ومطالبهم فى وجه الأسلحة التى لا تعرف إلا الغدر، هذا الإصرار الذى أربك مبارك للمرة الأولى منذ اللحظة الأولى فى الثورة فهذا اليوم الموافق 26 يناير شهد الكثير من الأحداث الدامية حيث بدأ اليوم باشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والأمن فى محيط ميدان التحرير، إصرارهم هذا الذى زلزل قلبه وحوله من حالة السكون إلى الحركة التى بدأت بأحاديث مكثفة مع حبيب العادلى هذا العقل المدبر وصمام الأمان لمبارك وعائلته، فهو الضامن الوحيد لهم هذا العز الذى لم يجعله الله دائماً، وعلى الرغم من سخونة هذا اليوم وتغير مجرى أحداثه وتصاعدها بشكل لم يكن يتوقعه أحد، إلا أن مبارك وعائلته مازالت محافظة على هذا الهدوء المصطنع، أما مبارك فهو ليس كما يظهر، فلم تكن ابتسامته الصفراء التى يصدرها إلى كل من يتحدث معه هى حقيقة تعبر عما بداخله، ولكنه الآن أصبح مؤمناً بحكم خبرته فى الحكم الديكتاتورى أن هذه لحظة فارقة، فأصبح التوتر حليفه والجلسات الخاصة بينه وبين رجاله على رأسهم أحمد عز لم تنتهى فهو الآن فى مهب الريح، أو هم اعتقدوا ذلك، بأن طوفان الثورة أو كما يصطلحوا عليهم "شوية البلطيجة" لن يهدءوا ولن تنتهى القصة هذه المرة كما المعتاد فكان لسان حالهم يردد ما علينا أن نخيفهم أكثر أن نريهم الموت حتى لا يرونا هم ظلمات السجن، حتى لا تفنى عائلة مبارك، علينا أن نذيقهم ما يريدونا أن نتذوقه، هكذا كان يختمر الحل فى عقل مبارك لحظة بلحظة فهو يعلم جيداً أن عليه أن يتسلح بما هو أكثر من رصاص الداخلية وخراطيش القناصة.

أما ليلة 28 يناير هذا اليوم الفاصل فى تاريخ الثورة ووضع مبارك فى هذا الوقت فما كان عليه إلا أن يتدخل هو سريعاً ليحمى عرش حافظ عليه لسنوات، الآن مبارك فى عرشه يصدر تعليماته بقطع الاتصالات والانترنت، فى محاولة منه للتحكم بالأمور التى خرجت الآن عن مسارها التقليدى، هذه المشاعر التى لخصتها مكالمة جمعت بين حبيب العادلى والمخلوع والتى لم يعرف الكثير تفاصيلها الحقيقة إلا أنها بالتأكيد لن تخرج عن النص التالى:"يا حبيب اتصرف الدنيا عمالة توسع ورجالتك مش مسيطرة..خلصنى من اللى أنا شايفه دلوقتى أنا رأيى نقطع النت ونخلص ونشوف العيال ديه هتعمل إيه؟؟؟،..ياريس العيال دى هتمشى يعنى هتمشى سيبك من اللى الإعلام بيقوله"، هذه المكالمة وغيرها كانت على مدار أيام طويلة لعب فيها العادلى دور المطمئن، ومبارك المحرض التى دفعته فى إحدى المكالمات المسربة وقت أن أخبره العادلى "هسلمك الميدان على الساعة خمسة فاضى"..فجاءه الرد من رئيس الجمهورية "اتصرف".

على مدار أيام الثورة وحتى اللحظات الأخيرة للتنحى، بقى مبارك متابعاً للأحداث بخوف وترقب لاحظه الكثيرون فى خطاباته التى لعب فيها الابن الأكبر دورا مهما ومحرضا وأساسيا، إلا أن المشهد انتهى بخطاب مقتضب لعمر سليمان يعلن تخلى مبارك عن الحكم".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة