د. مجدى غريب يكتب: زرتُ فان جوخ!

الإثنين، 31 أغسطس 2015 12:00 م
د. مجدى غريب يكتب: زرتُ فان جوخ! فان جوخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أمستردام بهولندا زرت متحف فان جوخ، وهو أحد أهم رسامى العالم والعصر الحديث، المتحف صغير أنيق، يمثل درة تاج حى المتاحف الشهير بأمستردام!

لم يبدد ألم الانتظار فى طابور زوار المعرض لأكثر من ساعة وحرارة الشمس النسبية والتى قاربت الثلاثين درجة، سوى شغف زيارة متحف الرجل الذى أهَناه وأهَنا أعماله فى مصر حين سُرقت أحد أشهر أعماله وهى لوحة زهرة الخشخاش والتى تجاوزت قيمتها الخمسين مليون دولار من متحف محمد محمود خليل باشا، واحد من أهم متاحف القاهرة والقابع فى حى الزمالك الشهير على ضفاف نيل القاهرة فى أغسطس من عام 2010 فى عهد مبارك ووزير ثقافته فاروق حسنى فى واقعة نادرة لا تحدث إلا فى مصر وفى عهد سرقت فيه كل شىء حتى القيمة، بينما كرمته هولندا وما زالت، وحفظت له قيمته حتى اليوم، كأحد أهم مزاراتها!

تملكتنى الدهشة حين علمت أن فان جوخ، اكتشف موهبته فى سن السابعة والعشرين ومات منتحراً فى سن السابعة والثلاثين بعد معاناة مع مرض الصرع!

عشر سنوات فقط لا غير، ترك لنا وللإنسانية، فنسنت فان جوخ (1853-1890 م) هذا الإرث الهائل من أعماله، حيث تبلغ مجملها أكثر من 800 لوحة، أشهرها عباد الشمس، زهرة الخشخاش، شجرة الفستق، وليلة النجوم، والمقهى الليلى وغرفة نوم، و الغريب أنه عاش فقيرا، رغم مليارات الدولارات التى تقدر بها أعماله اليوم! عشر سنوات فقط غير فيها فان جوخ كثير من المفاهيم البالية السائدة وهى أن الإبداع ليس مرتبطاً بطول أو قصر عامل الزمن أو بعمر معين!

الطريق إلى متحف فان جوخ، سهل ويسير إما عن طريق الترام أو قوارب ناقلة للسائحين عبر القنوات المائية المنتشرة فى كل أرجاء هولندا التى تعتبر أكبر حديقة للأزهار فى العالم، أو من خلال الباص وكلها وسائل مواصلات عامة وواجهات سياحية وحضارية محترمة وأنيقة تحترم آدمية السائح وتريحه، والأجمل أن السائح يرتادها بنفس تذكرة الشركة المُشغلة لها، فى الوقت الذى لا يستطيع السائح فى القاهرة زيارة متحف محمد محمود خليل فى الزمالك وعلى ضفاف النيل سوى بأحد تاكسيات القاهرة التعيسة والتى تُعتبر خير مرآة لوضعنا الذى أوصلنا إليه عهد مبارك!

تقول لنا الإحصائيات أن عدد سياح مدينة أمستردام فقط هو حوالى 5 ملايين سائح بينما يتناقص عدد سياح مصر السنوى لدرجة لا ترقى لعددهم فى إمارة بحجم دبى!

إن البكاء على أطلال شماعة ضعف إمكانياتنا، لهو درب من دروب تبرير الفشل فى احترام القيمة والأعمال التى لا تقدر بثمن، فمتحف فنسنت فان جوخ لا يختلف فى بساطته وأناقته عن أى من متاحف القاهرة، الفارق الوحيد هو احترام الرمز والقيمة، للأثر الإنسانى!

إن الوعى بالآثار و قيمتها وراحة السائح هو أحد أهم مقومات و ركائز سياحة جيدة، لهذا استحقت هولندا فان جوخ ولم نستحق نحن مجرد لوحة واحدة فقط من لوحاته، اشتراها الباشا محمد محمود خليل وأضاعها أحفاده فى مسلسل لم ينته بعد لسرقة كنوز مصر، و مهزلة بيع أى شىء حتى لو كان لا يقبل البيع أو التثمين!
متى نستفيق من سباتنا، و ننهض من كبوتنا؟!

حفظ الله مصر، وأصلح شأن مواطنيها وطاب نهاركم!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة