أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد فودة

محمد فودة يكتب.. المتاجرون بأوجاع المرضى يتسولون بفيروس «سى»

السبت، 11 يوليو 2015 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما تقرر منظمة الصحة العالمية الاحتفال باليوم العالمى للكبد أواخر الشهر الحالى، ولأول مرة خارج مقرها فى جنيف، ويقع اختيارها على مصر لتحتضن الاحتفال هذا العام، فإننا نكون أمام حدث عالمى، ما يجب أن يمر هكذا مرور الكرام دون النظر إلى ما يحمله من معنى، ويجعلنا نتأكد- وبما لا يدع مجالاً للشك- أن مصر قد حققت بالفعل إنجازًا كبيرًا يشهد لنا به العالم فى علاج مرضى فيروس «سى»، رغم أنف هؤلاء الأطباء من عشاق الشهرة الذين لا يهمهم سوى البقاء داخل دائرة الأضواء.

والحق يقال فإن هذا الإنجاز الكبير الذى تحقق فى مجال علاج مرض فيروس «سى» لم يأت من فراغ، إنما جاء تكليلاً لجهود منظومة عمل قائمة بالفعل، تتم تحت إشراف وزارة الصحة التى قطعت شوطًا كبيرًا بالفعل فى هذا الطريق، لتسجل الأرقام الرسمية العالمية نجاح مصر فى علاج 120 ألف حالة، بينما الولايات المتحدة الأمريكية، وهى بلد المنشأ للأدوية المستخدمة فى العلاج، تمكنت من علاج 105 آلاف حالة فقط، مما يشير إلى أهمية وقيمة تلك الخطة المتكاملة التى يضعها الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، على عاتقه، والذى أراه بمثابة المقاتل الذى يقتحم المشكلات بقلب جسور، فاستطاع أن يرفع نسبة نجاح العلاج إلى %92، فضلاً على أنه يسعى من خلال تلك المنظومة إلى أن تصبح مصر بعد 10 سنوات فقط خالية تمامًا من هذا المرض الذى ظل يفتك بأكباد المصريين، فى وقت لم يكن لدينا أى ملامح محددة للتصدى له أو حتى مجرد التقليل من أخطاره، الأمر الذى يدعو إلى ضرورة توحيد الجهود، ووضع الأمر فى حجمه الصحيح بدلاً من هذا التشرذم والتشتت الذى لم ولن نجنى من ورائه سوى المزيد من التأخر، وتفاقم المشكلة.

فقد استفزنى وأثار استيائى هذا الكم الهائل من الإعلانات «الإنسانية» التى تطالعنا بها وسائل الإعلام منذ بداية شهر رمضان، للتوعية بخطورة الإصابة بفيروس «سى»، ودعوة أهل الخير للتبرع بالمال من أجل محاربة هذا المرض اللعين، والتخفيف من معاناة المرضى البسطاء. وللأسف الشديد فإن تلك الإعلانات «المستفزة» تتم من خلال عدة جهات، منها مؤسسات وجمعيات أهلية فى العديد من المحافظات، بعيدًا عن رقابة الدولة. فمن الذى سمح لتلك الجهات التى تخرج علينا صباح مساء لتخاطب المصريين، وتحثهم على التبرع لها من أجل الإسهام فى علاج مرضى فيروس «سى»، فى حين أننا لا ندرى إلى أين تذهب أموال هذه التبرعات؟، ولماذا يتم ترك الحبل على الغارب لهؤلاء المتلاعبين بأوجاع وآلام المرضى، وهم يحاولون إقحام صندوق «تحيا مصر» فى هذه الحملات لجمع التبرعات لعلاج المرضى؟، لكننى على يقين بأن الصندوق لم ولن ينزلق إلى هذا التشرذم، نظرًا لأنه يضم مجموعة من أصحاب القامات الكبيرة، فى مقدمتهم رجل الأعمال الوطنى المهندس محمد الأمين، صاحب المبادرات الإنسانية التى تنم عن شخصية وطنية، فهو رجل «محنك»، يعرف جيدًا متى وكيف يخدم مصر من تلقاء نفسه، وبدافع من ضميره الوطنى، دون انتظار أى توجيه من أحد، فقد تبرع من قبل بنصف ثروته لصالح دعم صندوق «تحيا مصر»، سائرًا على خُطى الرئيس السيسى الذى كان سباقًا فى هذا الاتجاه بتبرعه بنصف ثروته من أجل صندوق «تحيا مصر»، ضاربًا القدوة والمثل للكثيرين من الشرفاء من رجال الأعمال الذين أظهروا معدنهم الأصيل وقت الشدائد، كما يوجد أيضًا فى طليعة القائمين على الصندوق رجل الأعمال المتمرس فى العمل السياسى، المهندس نجيب ساويرس، واللواء محمد أمين، صاحب العقلية الفريدة فى التعامل مع معطيات الواقع، والمشهود له بالانضباط والحزم والحسم باعتباره أحد أبناء المؤسسة العسكرية المصرية المعروف عنها أنها «مصنع الرجال»، فهو مشهود له بالوطنية، وعشق تراب مصر قولاً وعملاً.

وفوق كل هذا وذاك فإن الصندوق يمثل قيمة كبيرة، ويحظى بمكانة غالية داخل قلب كل مصرى، لأنه فى الأصل نابع من فكرة نبيلة أطلقها الرئيس السيسى الذى أحبوه من قلوبهم، والتفوا حوله فى السراء والضراء، وساروا خلفه فى كل خطوة قام بها من أجل إعادة بناء الدولة المصرية، وإعادتها إلى مكانتها الطبيعية بين شعوب العالم. هذا الصندوق، وبما يضمه من أسماء كبيرة لها ثقلها ومكانتها فى المجتمع، حينما ينأى بنفسه عن مثل تلك الحالات خاصة، فإنه يؤكد أنه بالفعل خط أحمر، ولا يمكن بأى حال من الأحوال المساس به، كما أننى على قناعة تامة بأن محاولات بعض الأطباء، أصحاب المصالح الخاصة، لإقحام صندوق «تحيا مصر» فى حملات التبرع لعلاج فيروس «سى» لن تجدى، لأن هذا الكيان الكبير حريص كل الحرص على العمل وفق المنظومة العامة التى تتطلب فى حقيقة الأمر تضافر جهود جميع المؤسسات، وأن تنصهر بداخلها مؤسسات الدولة فى كيان واحد من أجل الوصول إلى أفضل النتائج، خاصة أن المشوار أمامنا مايزال طويلاً، وأننا فى حاجة إلى كل جهد مخلص يصب فى الصالح العام، ويهدف إلى تفعيل رؤى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووضعها فى حيز التنفيذ، خاصة أننا قد رأيناه فى أكثر من مناسبة يكرر ويؤكد ضرورة القضاء على هذا المرض اللعين، مشيرًا إلى أن صحة المصريين تأتى فى مقدمة أولوياته، وتحتل مكان الصدارة فى اهتماماته على المستوى الشخصى، فهل جاء هذا الإنجاز الدولى المهم من فراغ، أم أنه قد سقط فوق رؤوسنا من السماء دون أن يكون هناك من سعى واجتهد وبذل مجهودًا كبيرًا جعل منظمة الصحة العالمية تقتنع بأن مصر قد قطعت بالفعل شوطًا كبيرًا فى هذا المجال، ليأتى قرار تلك المنظمة الدولية تكليلاً لجهود كبيرة بذلتها وزارة الصحة، متمثلة فى جميع هيئاتها ومؤسساتها العلاجية المعنية بهذا المرض الذى راح ضحيته الملايين من البسطاء من أبناء الشعب فى السنوات الماضية، حينما كانت الدولة مغيبة تمامًا، ولم يكن حتى فى حسبانها أصلاً البحث عن سبل للتخلص منه، على الرغم من أن مصر كانت مصنفة دوليًا فى مقدمة البلاد التى تشهد ارتفاعًا ملحوظًا فى نسبة الإصابة بمرض فيروس «سى».
قد يرى البعض أننى قاسٍ فى انتقادى لمن يقومون بتلك الحملات الإعلانية حول مرض فيروس «سى»، لكننى -كما سبق أن قلت- لست ضد قيام الجمعيات والمؤسسات بتنفيذ أنشطة تصب فى نهاية المطاف فى خدمة مصر وشعب مصر، لكننى ضد فكرة التشتت، بل سأظل ضد هؤلاء المتاجرين بآلام المرضى، والذين يحترفون استغلال الأهداف النبيلة وتحويلها إلى مصالح شخصية، لذا فإننى أربأ بصندوق «تحيا مصر» وبالشخصيات الوطنية التى تدير شؤونه الانزلاق إلى هذا الفخ الذى أعتقد أنه محاولة خبيثة يدبرها أصحاب النفوس الضعيفة للالتفاف حول الصندوق، أما إذا كان القائمون على الصندوق يرون أهمية المشاركة فى حملات التوعية بمرض فيروس «سى»، فإننى أرى فى هذه الحالة أن يتم القيام بذلك وفق منظومة موحدة تضم الجميع، وتنصهر بداخلها تلك الروح الوطنية التى تحيط بتلك الحملة دون ترك أى ثغرة يدخل من خلالها المدّعون من بعض الأطباء من أصحاب المصالح الشخصية الذين دأبوا على «ركوب الموجة» من أجل البقاء داخل دائرة الضوء، كما أرى ضرورة أن يتم ذلك مع عدم الإخلال بالوضع الراهن الذى حقق بالفعل إنجازًا غير مسبوق شهد له الجميع، سواء فى الداخل أو فى الخارج من المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بمكافحة أمراض الكبد. وينبغى علينا ونحن نسير فى هذا الاتجاه أن نضع نصب أعيننا مسألة فى غاية الأهمية، هى أن العمل الفردى لا يثمر إلا أعمالاً محدودة، بينما النتائج العملاقة فهى تحتاج دائمًا إلى عمل جماعى، وذلك تصديقًا لقول الله عز وجل فى سورة الأنفال «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ»، صدق الله العظيم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لا شك ان العمل الجماعى افضل واضمن للدوله والمريض .. كثيرون هم من يتاجرون بصحة المرضى

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة