علا بركات تكتب: أفلامنا وأخلاقنا

الثلاثاء، 24 مارس 2015 10:03 م
علا بركات تكتب: أفلامنا وأخلاقنا صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوم الاستقلال – معركة لوس أنجلوس – باتمان – سوبر مان – اليوم الأكثر سوادًا وغيرها من الأفلام التى قد تبدو لمن يراها أنها لمجرد الترفية وتمضية الوقت، لكنها فى الحقيقة تغير سلوكيات وانتماء مشاهديها، ما بين خيالية مستحيلة الحدوث وأخرى ممكنة، وتتنوع هذه الأفلام لكنها فى النهاية تتحدث عن قصص متشابهة الخطر الذى يوحد الشعب وراء قائد أو عدة قادة بعفوية.

ما بين غزو فضائى يهدف لتدمير أمريكا والعالم أو الشر الأوحد الناتج من طمع إنسانى فيخترع سلاحًا يفتك ليسيطر على أمريكا والعالم تتنوع تلك الأفلام بحرفية شديدة تجذبنا من البداية للنهاية، لنخرج بعدها ونحن – كعرب – نشعر بالسعادة لوجود هذا البطل الأمريكى البسيط الفذ الذى ربما لم يكن يعرف فى نفسه هذه الصفات المؤهلة كى يكون بطلاً فما بالك بالأمريكى الذى لابد وأن يشعر على الدوام بالفخر ببلاده بمجرد رؤية ذلك؟

إنها قصص تهدف إلى خلق شيء واحد فقط الانتماء للوطن، إنها الأفلام التى تعطى الأمل فى وجود نهاية سعيدة يستقيم فيها الطريق ويعتدل فيها الميزان ويتحرر الجميع من خوف مستمر طوال فترة الفيلم.

تعطى الأمل أن بداخل كل فرد منا بطلاً قد يظهر فى أشد الأوقات ظلمة ليتحد خلفه الجميع، تعطى الأمل فى مواجهة أى وكل شىء حتى لو كان قويًا وغامضًا وليس لدينا الكثير لنحاربه به سوى إرادتنا ووحدتنا. إنه الإعلام الموجه الذى تتبناه دول كبرى لتبث فى قلوب مواطنيها الحب والانتماء.

فطن له جمال عبد الناصر فتم إنشاء مؤسسة السينما المصرية وعمل سلسلة أفلام إسماعيل ياسين فى الجيش والطيران والبحرية والبوليس والبوليس الحربى وغيرها.

ليس فقط لنضحك على (سمعه) الغلبان الخواف الذى ينقلب إلى بطل فى النهاية بل ويحضر كل أقربائه لينضموا إلى القوات المسلحة ويحث الشباب على الانضمام الفعلى إليها، ويتعدى ذلك ليرسخ الانتماء والحب للوطن والاطمئنان إلى أن هناك أمل فى أن يخرج من أبسط مواطن فى مصر بطلاً فى مجال ما وزمان ما.

تعال نشاهد أفلامنا اليوم:
كم الإحباط واليأس الذى تبثه فى قلوب الشباب بقصص أقل ما توصف به أنها خايبة.
التركيز على الجرائم الشاذة والتصرفات غير طبيعية
عن العلاقات الجنسية المحرمة التى توحى بأن الحرام يصبح حلالاً لمجرد الفقر أو الوقوع تحت طائلة الظلم.
عن البرىء الذى يتحول تدريجيا لبلطجى ليستطيع الحياة وسط الغابة التى تسميها دولة.
عن الشريفة التى تتحول إلى عاهرة لتصبح سيدة مجتمع أو يتم طردها من بين كل العاهرات لمجرد أنها رفضت أن تصبح مثلهن.
عن ظلم الشرطة للشعب والتعذيب والقتل والجبروت حتى يتحول الشعب الى عبيد أو يثور منهم من يثور ليتم قتله.
عن العشوائيات التى يقتل فيها الشخص جاره لمجرد خلاف بسيط أو لجنيهات قليلة.
كل أفلامنا تقول لا أمل.
لا تقل أن الأفلام تنقل الواقع . فلا واقع فى سوبر مان ولا واقع فى غزو فضائى يقتل ويدمر البشر، تلك الأفلام تجعلنا نعيش الواقع الذى يريدونه بأى صورة من الصور.
فأنت إذا شاهدت واندمجت فى فيلم يؤكد أن الحياة سوف تنتهى إذا لم تقف وراء دولتك أو تطيع شخص ما ليساعد البشر، فسوف تكون أنت هو ذلك الشخص.
داخليًا..
أما عندما تشاهد بطلك يدخن المخدرات ويشرب الخمر ويتحدث بأسوأ الألفاظ ويمتهن أسوأ المهن ويتعرض للظلم حتى يصبح هو نفسه ظالما وغير برئ رغم براءته. فأنت تصبح لا أراديًا هو.
لا تقل لى إن الجريمة قد زادت وتنوعت وأصبحت أكثر عنفًا وشذوذًا فى مجتمعنا فهذا غير صحيح.
الجريمة موجوده منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل وحملة فوق ظهره ليطوف به حتى علمه الله سبحانه وتعالى كيف يواريه الثرى.
كانت موجودة فى عهد كل الأنبياء ولم يستطع أى نبى أو رسول وضع نهاية لها.
بل وقبل ذلك حين خالف آدم وحواء أوامر الله سبحانه وتعالى فعاقبهما بالنزول الى الأرض.
لكن التركيز على الجرائم والسلبيات زاد من قدرة الفرد على المحاكاة والتقمص والتقليد,
ما تغير.. ليس شكل الجريمة ولا نسبتها ولا طريقتها فقط وإنما هو زيادة وتركيز الإعلام وسرعة نقله لنوعية معينة من الجرائم التى "تبيع وتفرقع" وتجذب المحرومين والغلابة وتجعلهم قادرين على التلفظ والتحدث عن أشياء قد تبدو فى وقت آخر محرمة.

وندور فى دائرة مغلقة: هل الإعلام ينقل الواقع أم يؤثر فيه؟
الحقيقة أن الإعلام يؤثر تأثيرًا مباشرًا فى الواقع وفى أنفسنا وفى تربيتنا وفى تفكيرنا.
إنه قادر على تغيير سلوك أجيال كاملة وإذا لم تفطن الدولة إلى ذلك لتعود وتعدل من سلوك صانعى الإعلام فإن الوطن سوف يظل كما هو بل وسوف يزداد سوءًا.


الأفلام هى التى تصنع التاريخ فكم منا قرأ قصه وا إسلاماه لعلى أحمد باكثير ثم شاهد الفيلم فوجده غير القصة؟، من لم يقرأ القصة فلن يعرف أبدًا الحقيقة وسوف تموت القصة ويظل الفيلم مؤرخًا لفترة زمنية مهمة من عمر مصر .

العدل أحيانا يكون ظالمًا فأنت إذا أعطيت أسرة مكونة من عشرة أفراد نفس المال الذى تعطيه لأسرة مكونة من فردين فهذا ليس عدلاً حتى وإن ظننت أنه كذلك، وبالمثل أنت لو تركت شركات أفلام المقاولات تنتج أفلامًا محبطة وسيئة تؤدى بالشباب لكراهية الدوله فلن يكون ذلك عدلاً.

يجب تدخل الدولة على الأقل لإنتاج أفلام جيدة تعادل الأفلام السيئة ليعتدل الميزان وليشعر الشباب أن هناك أملا وأن هناك وطنًا يستحق أن نتحد من أجله.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة