د. سمير البهواشى يكتب: ومصر واسعة فلتهاجروا فيها

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015 10:00 ص
د. سمير البهواشى يكتب: ومصر واسعة فلتهاجروا فيها صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما تمنيت لمقال كتبته على مدار العشرين عاما الماضية أن يقرأه المسئولون كما أتمنى للسطور التالية لعلها تضىء لأفكارهم الطريق فيصلوا إلى أفكار خارج صندوق تفكيرهم تمهد السبل للرقى بمصر الحبيبة ودعونى أولا أتساءل: لماذا أصبح أمل كل شاب لديه القدرة على الابتكار والاختراع والتزود من العلم وتحقيق ذاته والشعور بكينونته أن يسافر للخارج وتحديدا إلى أمريكا أو كندا أو بريطانيا، حتى يحقق ما يتمناه، ولماذا لا يفكر فى الهجرة إلى الداخل؟ أو الاستقرار فى بلده؟

ومعظم الذين يسافرون على نفقتهم وبمحض اختيارهم لا يعودون إلى الوطن الأم إلا زائرين وربما تزوجوا هناك من أجنبية،أما الذين يسافرون على نفقة الجامعات فى بعثات دراسية فبعضهم يتم إغراؤهم بالبقاء من أجل تحقيق الذات فيقطعون صلتهم بالجامعة التى أرسلتهم ويمكثون فى بلاد لا يشعرون فيها بالغربة العلمية ولكن يعانون من مرارة الغربة الاجتماعية والأسرية، غير أن الحرية الفكرية والإنفاق ببذخ على أبحاثهم فى هذه الدول والتعاون والتعاضد بينهم وبين العلماء أمثالهم من الجنسيات المختلفة تنسيهم إلى حين هذه المرارة، ولدينا حوالى 86000 عالم مصرى فى الخارج، ممن سافروا ولم يعودوا والذين يحلو لنا أن ننعتهم دائما بـ(الطيور المهاجرة)، وهؤلاء فى الواقع يجدون من الوطن الأم كل الاحترام والتبجيل لدرجة علو أصوات بعضنا بتوجيه النداءات المتكررة إليهم أن عودوا إلى بلدكم وكفاكم غربة واغترابًا، مع أنى أرى- ومن وجهة نظرى الشخصية- أن هؤلاء المصريين العاملين فى الخارج يمكن أن يخدموا وطنهم الأم من خلال تواجدهم الدائم فى بلدهم الثانى الذى تجنسوا بجنسيته وانخرطوا فى دوامة العمل الدائب فيه وأن عودتهم قد تعنى ذبول قريحتهم وانطفاء جذوة العطاء لديهم لأن الطبع يعدى وآلة العمل عندنا مازالت بطيئة، والعقاب موجود وجاهز وسريع، والثواب مؤجل دائمًا، عكس ما ألفوه هناك، ثم إن الغربة ليست فى البعد المكانى عن الوطن فقد يكون الإنسان غريبًا وهو فى داخل وطنه إذا لم يجد التقدير المناسب أو الاستخدام الأمثل لطاقاته وإبداعاته والعكس دائمًا صحيح، فقد يشعر بمصريته ويزداد حبًا لبلده وهو بعيد عنها لأنه يكون فى هذه الحالة راضيًا عن نفسه وعما يقدمه للبشرية .

فليبق إذن أبناؤنا حيث هم موجودون بالخارج ولكن ما نطلبه منهم أن يحولوا جزءا من مدخراتهم إلى بلدهم الأم على أن تشجعهم الحكومة وتؤمن مدخراتهم، وأن يتعاونوا مع إخوانهم فى الداخل على نقل التكنولوجيا الحديثة، ثم نعمل نحن هنا على تشجيع العقول المصرية الشابة على الهجرة إلى الداخل فلا يأنف ساكن المدينة العيش فى القرى والنجوع والصحراء عن طريق توفير سبل الراحة والترفيه والمواصلات السهلة والطرق الممهدة تهيئةً للمناخ المناسب لنمو هذه الأماكن وترعرعها مع الاهتمام بتكوين بيئات علمية وإدارية مشابهة لما يجده ابناؤنا فى الخارج ويؤدى إلى تفوقهم، ولا مانع من تكوين جيش للتنمية، نسميه الجيش الرابع (بديلا لما يسمى بالخدمة العامة) قوامه كل من لا تؤهله لياقته الجسدية للانضمام لشرف الجندية والقتال فى الجيوش الثلاثة الأولى، وليكون عدة الوطن فى البناء وتنفيذ المشروعات الكبرى وتوفير أجور العمالة لتخفيض ميزانيات الإنجاز.

وليتأمل أولادنا وبناتنا فى طور الشباب ما يحدث لإخوة لهم فى العراق واليمن وليبيا وسوريا على وجه الخصوص من الهجرة القسرية إلى بلاد لم يألفوها وليس لهم فيها ذكريات ولا يعلمون عن مصير غدهم فيها او عليها شيئا ليحمدوا الله على نعمة الأمن والأمان والحماية والاستقرار على أرضهم وأماكن ميلادهم بتوفيقه لجيش مصر العظيم وشرطتها المتفانية التى جنبتنا – نحن شعب مصر – ذلك المصير المجهول الذى يواجهه أشقاؤنا فى الدول التى نكبت بالغزو الخارجى سواء من داعش او ممن يحاربونها على أرضهم من الجو والبحر حتى لا يفقدون أجنادهم بينما يضعون أهالى البلاد المنكوبة أمام أمرين لا ثالث لهما إما الموت جنبا إلى جنب مع الدواعش اللاهثين خلف حلم الخلافة وإما الهجرة، فيترك كل محب للحياة منهم بلده ليهاجر إلى بلد غربية تحتاج العقول والأموال وتهفو إلى تجنيس أكبر عدد منهم بجنسياتها فيزداد عددهم ويقل تعداد موطنهم الاصلى من خلال هذه الخطط الخبيثة ، وليكن حمدكم يا شباب مصر لله متمثلا فى تصميمكم على الهجرة إلى صحراء مصر لتستخرجوا خيراتها وتخضروا أرضها وتبنوا فيها المدن والمنتجعات ولتكونوا جنوداً فى كتيبة تحديث مصر تشقون الطرق وتحفرون القنوات تحت لهيب شمس الصيف وزمهرير برد الشتاء والحمد لله أن القيادة السياسية أدركت وتدرك أهمية التوجه إلى عقول شباب مصر القارَّ (المستقر) فى مصر يروونها تشجيعا وثقة ومؤازرة مادية ومعنوية مما يطمئننا على مستقبل أولادنا وعلمائنا ومخترعينا ولتختفى ظاهرة شبابنا (الفارّ) إلى الخارج وتتبقى جدية وبطولة وتضحيات الشباب وسوف نرى مع الأيام كيف ستكون مصر إن شاء الله.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة