حـســن زايـد يكتب: الحوار هو الحل أيها السوريون

الأربعاء، 07 أكتوبر 2015 02:11 م
حـســن زايـد يكتب: الحوار هو الحل أيها السوريون أحداث سوريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ اندلاع الأحداث فى سوريا، فى إطار ما أُطلق عليه - فى دوائر المخابرات الغربية وجرى تسويقه على نطاق واسع دوليا، وجرى ابتلاعه عربياً - ثورات الربيع، وسوريا تعيش فوق فوهة بركان ملتهب. وآفة الثورات حمل السلاح فى مواجهة الدولة لإسقاط النظام، لأنه سرعان ما تنقلب المعركة بينهما إلى حرب أهلية، لا تدع حجراً فوق حجر، حتى يصبح أثراً بعد عين. فلا تبقى الدولة دولة، ولا النظام نظام، وما تبقى منهما لا ينفع نظاماً، ولا يشبع معارضة.

ونحن بذلك لا نقدح فى الثورات العربية، فقد كانت ثورات مدفوعة بظلال كثيفة من النيات الحسنة، التى حالت دون رؤية أو إدراك الأيدى الخفية التى توجه عرائس الماريونيت من خلف الستار، فهى بالاعتبار الجماهيرى ثورات شعبية،وباعتبار المحرك مؤامرة تم التخطيط لها بليل، وباعتبار النتائج حروب أهلية طاحنة. وبنفس القدر لا نمدح فى الأنظمة التى كانت قائمة، فهى أنظمة فاسدة، كان يمثل استمرارها تكريساً للفساد، وشرعنة له، وتقنيناً لوجوده، والثورة ضده كانت واجبة، ووجوبها وجوب الوجود والحياة، ولكنها الثورات التى تنطلق من الشعوب وعياً، وإدراكاً، ورغبة ً، وحركة، ووجودا، ورؤيةً، وغاية ً.

أما تثوير الشعوب برؤوس مأجورة ؛ لحسابات خارجية، تضر بالمصالح الوطنية، فهذه لا تسمى ثورة، وإنما يتعين البحث عن مسمى آخر لها. ومن ثم فإنه من الصعب ابتلاع أو مضغ أنظمة قد تكلست على كراسى السلطة من طول مكثها عليها، وبنفس القدر من الصعوبة بمكان ابتلاع أو مضغ المبررات الداعية إلى حمل السلاح فى مواجهة الدولة باسم إسقاط النظام.

وسوريا بعد مرور هذه السنوات الطوال منذ تموز 2011م وحتى الآن، وهى تغرق فى نزيف الدم، ولا أحد يعلم متى تجف الدماء ولا متى تلتئم الجراح النازفة. وأصبح الصراع بين النظام والمعارضة المسلحة صراع وجود أو عدم، والبقاء للأقوى. والطريف المبكى حتى الهذيان هو توزع المعارضة السورية على الخريطة السورية بنفس توزعهم بحسب مصادر التمويل، والتسليح، والتدريب، وكل فصيل له لاعب دولى أو إقليمى يتبناه. ولا يقتصر ذلك على فصائل المعارضة وحسب، وإنما يمتد إلى النظام ذاته.

ووصل الأمر إلى وجود مقاتلين أجانب فى صفوف المعارضة، وخاصة المقاتلين الغربيين، تحارب النظام تحت دعوى الجهاد. وأصبحت سوريا ممزعة إلى شظايا وأشلاء. ولم يقف أحد مع نفسه أو مع غيره متسائلاً : لماذا يمدنا الغرب وأمريكا بالسلاح؟. ولماذا يدربوننا على استخدامه؟. هل حقاً يريدون بسوريا وبالسوريين خيراً؟.

بعد كل هذا الدمار الذى لحق بالعباد والبلاد والشجر والدواب، ماذا تريد المعارضة بكافة فصائلها من تلك المعارك الضروس التى تخوضها ضد نظام لم يسقط بعد؟. أو لا يُسمح بسقوطه؟. وهل تفاجأ الغرب والأمريكان حقاً بالتدخل الروسى فى صراع القوى الذى تدور رحاه على الأراضى السورية بزعم محاربة تنظيم داعش؟. لقد أخبرت روسيا واشنطن بالأمر، ولا شك أن أمريكا قد أخطرت حلفائها فى الغرب. وأيما كان الأمر، فقد أصبحت سورياً مسرحاً جديداً لاستعراض القوة بين روسيا وأمريكا، ومكان مؤهل لتشكل التحالفات الدولية الجديدة. والواقع أن روسيا تسعى بالفعل للقضاء على تنظيم داعش، وهو مما يزعج العديد من الدوائر الغرب / أمريكية، لأن هذا التنظيم يشن فعلياً حرباً بالوكالة على الأنظمة العربية القائمة، والقضاء المبكر عليه، يفضى إلى الإسراع بإفشال المخطط المرسوم للمنطقة، بعد تعثره فى مصر، وعدم وصوله إلى دول عربية أخرى. وليس مسعى روسيا للقضاء على هذا التنظيم من أجل سواد عيون المنطقة العربية، وإنما بقصد استعادة مكانتها التى فقدتها فى تلك المنطقة، وعودتها من جديد إلى منطقة المياه الدافئة،فضلاً عن إيقاف امتداد عمل الجماعات الإرهابية إلى أراضيها، خاصة أن الآتحاد الروسى يضم العديد من الدول الإسلامية، ومزاحمة النفوذ الأمريكى فى المنطقة، إلى غير ذلك من الأهداف التى قد تتقاطع أو تتوازى أو تنفرد مع أهداف ومصالح قوى أخرى. دعك من المزاعم الغرب / أمريكية من أن الضربات الروسية تستهدف المدنيين، أو أنها لا تميز بين المواقع المدنية والأهداف العسكرية، أو أنه لا يميز بين القوى الإرهابية وتلك المعتدلة، أو أنه يستهدفهما معاً على السواء، أو أن هذا التدخل يطيل أمد الصراع، أو أنه يستهدف الحفاظ على الأسد والإبقاء عليه، أو أن التدخل الروسى مخالف للقانون الدولى، أو أنه انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، دعك من كل هذا لأنهم جميعاً فى الهم سواء، وكل هذا يؤخذ منه ويرد، وقد تتميز عنهم روسيا بأنها قد تدخلت بناءًا على طلب من النظام الشرعى القائم حتى الآن.

ما يعنينى فى هذا الإطار، رغبتى كعربى فى إطفاء نار هذه الحرب بين الفرقاء بما يحفظ على سوريا وجودها كدولة موحدة متماسكة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالجلوس على مائدة المفاوضات، وما لم يحل عبر سنوات بالسلاح، ربما يحل بالحوار، والحوار حتماً سيحفظ الدماء، ويحفظ الأوطان معاً.

ونقطة الحوار الأولى ألا يصادر بعضنا على وجود البعض مصادرة قد تقضى على وجودنا جميعا، وتفرغ الأوطان من مضمونها ومعناها، فتصبح بلا معنى ولا مضمون. فهل إلى هذا الحوار من سبيل؟.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة