الاتجار غير المشروع بالنفايات الإلكترونية خطر يهدد مصر والعالم العربى.. والمركز الإقليمى لبازل بالقاهرة يطرح مشروع قانون موحد للتداول الآمن مع 12 دولة.. وخبراء يؤكدون ضرورة التحكم فى نقلها عبر الحدود

الأحد، 28 سبتمبر 2014 05:26 ص
الاتجار غير المشروع بالنفايات الإلكترونية خطر يهدد مصر والعالم العربى.. والمركز الإقليمى لبازل بالقاهرة يطرح مشروع قانون موحد للتداول الآمن مع 12 دولة.. وخبراء يؤكدون ضرورة التحكم فى نقلها عبر الحدود الدكتور مصطفى حسين وزير البيئة الأسبق
كتبت منال العيسوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشكل القمامة أو النفايات العادية مشكلة رغم سهولة تدويرها، فيما يمثل تدوير النفايات الإلكترونية أمرا أصعب وأخطر، سواء على الصحة البشرية أو البيئة، نظرا لتعقد صناعتها وتعدد المواد المستخدمة فى هذه الأجهزة، والآثار السلبية على المواطن وصحته والبيئة المحيطة، فى ظل التداول غير الآمن، وفقر المعلومات عنها وكيفية التعامل معها، إضافة لعدم وجود تشريع عربى موحد يحكم التداول لهذا النوع من المخلفات، والتحكم فى نقلها وكيفية التخلص منها عبر الحدود، وانتشار عمليات الاتجار غير المشروع فى النفايات بين الدول يشكل كارثة بيئية وصحية تواجه مصر والوطن العربى.

ويفتح "اليوم السابع"، الملف الخطير مع مجموعة من الخبراء العرب، حول الوضع الحالى لهذا النوع من النفايات، وسبل التعامل معه وصورة ومدى الوعى المجتمعى بخطورته على الصحة والبيئة وكيفية التعامل مع الاتجار غير المشروع فيها، والحد من التداول غير الآمن، ومدى أهمية وجود تشريع عربى موحد للتداول الآمن للمخلفات، ودور الإعلام فى التوعية بالقضية وكيفية التعامل معها ومواجهتها، خاصة أنه يعد من الملفات الجديدة على مصر، رغم توقيعها اتفاقية بازل ضمن 122 دولة، بشأن أن تنظم عملية التحكم فى نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، وتوقيعها أيضا اتفاقية مع سكرتارية بازل لأن يكون المقر الإقليمى فى أعرق جامعة مصرية وهى جامعة القاهرة .

ويقول الدكتور مصطفى حسين، وزير البيئة الأسبق والمدير الحالى للمركز الإقليمى للتدريب ونقل التكنولوجيا التابع لاتفاقية بازل، إنه تشير التقارير الوطنية المقدمة فى إطار اتفاقية بازل إلى أن كمية النفايات الخطرة والنفايات المنزلية التى يطرحها العالم كل عام تقارب 180 مليون طن، وتشير التقارير نفسها إلى أن 9 ملايين طن من النفايات على الأقل ينتقل من بلد إلى بلد كل عام، ويعتقد أن النفايات يتم استقبالها بسرور باعتبارها مصدرا للعمل ويتبقى 170 مليون طن، يتم التخلص منها بطريقة غير آمنة من خلال الاتجار غير المشروع فى النفايات الإلكترونية .

ويضيف "حسين"، أن هناك بعض البلدان تشتكى من تلقيها شحنات لم توافق أصلا على استقبالها أو لا يمكنها التخلص منها على نحو جيد، فمن البرازيل إلى سنغافورة ومن بلجيكا إلى غانا ومن كندا إلى روسيا فإننا لن نجد بلدا واحدا لم يتعرض لحالة اتجار غير مشروع فى النفايات، مؤكدا أن هنا حددت اتفاقية بازل التى تنظم حركة النفايات الخطرة وغيرها من النفايات عبر الحدود وإجراءات التخلص منها، بعض الإجراءات الإلزامية التى ينبغى التقيد بها، وتهدف إلى فرض الرقابة على عمليات تصدير وعبور واستيراد أنواع معينة من النفايات من بينها الأصناف المستخدمة فى الحياة اليومية، كأجهزة التليفزيون والكوابل المعدنية المعزولة بمواد بلاستيكية وبطاريات حمضية ورصاصية والنفايات المنزلية والزيوت المستعملة المراد التخلص منها .

وحذر "حسين"، من خطورة مخلفات الصناعات الإلكترونية والكهربائية وما تحتويه من مواد مثل الفوسفور والرصاص والباريوم والكادميوم، إذا يتسبب التخلص غير الآمن منها فى أضرار بيئية وصحية، مشيرا إلى أن النفايات تشمل الأجهزة والمنتجات الإلكترونية وملحقاتها بعد انتهاء صلاحيتها، حين لا يمكن بيعها أو إعادة تدويرها وتشمل أجهزة التليفزيون والكمبيوتر ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية "الموبايل"، وأجزاء من النقابات ومعدات الترفية المنزلية مثل أجهزة التكييف وغيرها، وليس هناك احتمال لبيعها لمستهلك آخر بعد انتهاء عمرها الافتراضى، بمعنى أن النفايات الإلكترونية توجد عندما يصبح المنتج الإلكترونى عديم الفائدة.

فيما قال الخبير البيئى والعربى الدكتور محمد الزرقا، إن الثورة التكنولوجية المتصاعدة أدت إلى وجود عدد لا يحصى من الأجهزة الإلكترونية التى يستخدمها الإنسان، ولم يعد مستغربا أن يستيقظ العالم على خطورة ملايين الأطنان من المخلفات الإلكترونية خاصة أفريقيا ودول العالم النامى.

ويتابع "الزرقا"، أن التعامل مع المخلفات فى مصر يتم من خلال تجار الخردة وورش الإصلاح العشوائية المنتشرة فى معظم شوارع القاهرة، وبقية المحافظات حيث تتم بعمليات إحلال واستبدال للحصول على قطع غيار "نصف عمر"، لتركيبها فى أجهزة أخرى متهالكة، ما يزيد من الأخطار الصحية عندما تتحول الأجهزة إلى نفايات وبعضهم يقوم بصهر اللوحة الإلكترونية للحصول على المعادن النفيسة الموجودة بها مثل الذهب والفضة، وعندما تصبح المادة عديمة الفائدة يتم التخلص منها عن طريق الحرق أو الدفن، ما يتسبب فى أخطار صحية وبيئية جسيمة، فالباريوم مثلا عنصر فلزى موجود فى مصابيح الفلوروست، وإذا تعرض الإنسان للعنصر بطريقة مباشرة على المدى القصير يصاب بتورم بالمخ وضعف بالعضلات وأضرار بالكبد والطحال، وأثبتت الدراسات التى أجريت على حيوانات التجارب أنها تؤدى إلى زيادة فى ضغط الدم واضطرابات بالقلب.

وأضاف، أن "الكادميوم" الموجود فى جميع التليفونات المحمولة والكمبيوتر والتليفزيون، له تأثير خطير إذا تحولت الأجهزة إلى نفايات، استنشق الإنسان أبخرة الكادميوم أثناء عمليات الصهر التى يقوم بها تجار الخردة فى الورش، يتسبب ذلك فى ظهور أعراض الضعف العام على الإنسان، تشبه أعراض الإنفلونزا بارتفاع درجة الحرارة والصداع والعرق والقشعريرة والآلام بالعضلات، ومن أضراره الصحية أيضا الهشاشة ولين العظام، ومن المعروف أن الكادميوم عناصر المكونات الإلكترونية التى تستخدم فى الموصلات الثانوية وبطاريات النيكل كادميوم الموجودة بأجهزة المحمول.

ويضيف "الزرقا"، أن 22% من استهلاك الزئبق العالمى يدخل فى صناعة الأجهزة الإلكترونية والكهربية ويستخدم بصفة أساسية فى تصنيع الترموستات، والحاسبات والريليهات ومفاتيح الفصل والوصل والدوائر المطبوعة والبطاريات والتليفونات المحمولة والتليفزيونات خاصة ذات الشاشات المسطحة، فى حين أن الزئبق أحد المواد شديدة السمية التى تسبب فى أمراض الكبد والمخ إذا تم استنشاقه أثناء عمليات الانصهار أو الحرق.

وطالب، الحكومة بضرورة التشجيع على البحث العلمى فى مجال تدوير المخلفات الإلكترونية، وأهمية عمل إطار عام واستراتيجية للإدارة السليمة لهذه المخلفات، مشددا على أهمية الإدارة السليمة للنفايات الإلكترونية، قائلا، نستورد أجهزة كثيرة عديمة الجدوى، لكنها تزيد من النفايات الإلكترونية لدينا، وضرورة وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص، لوضع مبادئ تستخدمها السلطات للتعاون مع الأجهزة الدولية لوضع تشريعات تمهيدية، فالنفايات الخطرة تهدد المؤسسات الاقتصادية الكبرى أيضا كالبنوك، والهيئات التى تعتمد بشكل كبير على أجهزة الحواسب، حيث إن معظم البيانات تكون مسجلة على أجهزة الكمبيوتر، ومع عمليات الإحلال والتجديد يكون هناك بيانات مسجلة على الأجهزة القديمة يقوم البعض بالاستفادة منها لأهداف غير مشروعة، ومكنت من سرقة بعض البنوك بهذا الشكل.

وأضاف "الزرقا"، أن هناك بعض المؤسسات التى تستورد أجهزة مستعملة، دون النظر إلى أضرارها، للاستفادة من السعر المنخفض، مع أن ذلك يندرج تحت المخالفات الإلكترونية التى تؤثر فى صحة البشر، مشددا على أهمية التوصل لاتفاق، يتم بموجبه سن تشريعات فى هذا المجال للحد من مخاطره وتشجيع البحث العلمى والتدريب الذى يقودنا فى النهاية، إلى القضاء على الظاهرة.

ويوضح، الأمر فى مصر لا يختلف كثيرا عن باقى الدول العربية الموقعة على الاتفاقية، فعدم توفر الإحصائيات والأرقام حول الحجم الحقيقى لهذه المخلفات الإلكترونية والدراسات حولها ليس كثير بل يكاد يكون منعدما، ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل أنه لا توجد فى مصر شركات متخصصة فى إعادة تدوير أجهزة الكمبيوتر أو التليفون المحمول وغيرها، وإن وجد مركز واحد بالإسكندرية لا يستوعب إلا 1% من حجم المخلفات، التى تمثل خطورة على صحة الإنسان والبيئة، وتحتاج إلى نوع من التخلص الآمن، إضافة إلى مصنع وحيد فى مدينة 6 أكتوبر الصناعية وأنه تزداد المشكلة صعوبة مع الإقبال على اقتناء الهواتف المحمولة بدون ترشيد ولا حوكمة فى بعض الأحيان، وتعد مصر من بين الدول الأكثر استعمالا لها.

وعن ضرورة وجود تشريع عربى موحد للتعامل الآمن مع المخلفات الإلكترونية، قال الدكتور محمد كنه، الممثل عن الجامعة العربية فى المنتدى الإقليمى للإدارة السليمة للمخلفات الخطرة، التى نظمها المركز الإقليمى لاتفاقية بازل بالإسكندرية مؤخرا، إن الخبراء القانونين بالمركز الإقليمى للتدريب ونقل التكنولوجيا التابع لاتفاقية بازل ناقش مسودة قانون تشريعى لوضع ضوابط إدارة المخلفات الإلكترونية على المستوى الدول العربية، على أن يكون بمثابة دليل استرشادى للدول العربية فى التعامل مع المخلفات فى الإطار العام للقوانين المحلية لها وناقش ممثلو 12 دولة عربية المسودة، مطالبا بضرورة وجود مشروع قانون عربى موحد للتعامل الآمن مع المخلفات الإلكترونية على مستوى الوطن العربى، وإنه لا بد من وجود قانون يُمّكن الدول العربية من مواجهة مشكلة النفايات الإلكترونية، لأنها لا تضر بالبيئة فقط، وإنما تؤثر وبشدة على صحة الإنسان وتسبب أمراضا خطيرة.

وأضاف "كنه"، عن مسودة القانون التى ناقشها المركز الإقليمى للتدريب والتكنولوجيا التابع للاتفاقية بالقاهرة، أن مسودة القانون تهدف إلى المساهمة فى توفير فرص اقتصادية، من خلال إدارة المخلفات الإلكترونية بطريقة سليمة، موضحًا أن القانون يساعد فى توفير المعلومات الكافية عن الحجم والطابع الفعلى للمخاطر البيئية المرتبطة بممارسات إعادة التدوير غير النظامية، وسد الثغرات الكبيرة فى البيانات المتعلقة بكمية النفايات الإلكترونية، وكذلك تفعيل سياسات التنمية المستدامة، وتشمل جمع وتدوير واسترجاع النفايات الإلكترونية.

ومن جانبه، يرى الدكتور محمد فاروق، أحد الخبراء القانونين فى مركز بازل الإقليمى، ضرورة تشريع قانون خاص بالمخلفات الإلكترونية وتتضمن التشريعات حظر استيراد الأجهزة الإلكترونية المستعملة والنفايات الإلكترونية الخطرة، إضافة إلى حظر استيراد الأجهزة الإلكترونية غير المطابقة للمواصفات التى ستحددها هيئة كل دولة فى ظل وجود ملايين الأجهزة الإلكترونية التى انتهى عمرها الافتراضى، والأهم من ذلك تفعيل القوانين من خلال الإدارة السليمة.

وأضاف "فاروق"، أنه طبقا للائحة الاستيرادية لقانون الاستيراد والتصدير فإن جميع الأجهزة الإلكترونية والكهربية محظور استيرادها حال انتهاء صلاحيته، كما يحظر القانون استيراد النفايات الخطرة وبالتالى فإن الأجهزة منتهية الصلاحية غير مسموح باستيرادها، أما بالنسبة للأجهزة والأجزاء المستعملة التى ترد داخل البلاد فهى مهربة والقانون برىء منها، وبالتالى ليس لدينا إحصائيات رسمية منها.

وأوضح، أن مسودة مشروع القانون العربى الموحد تشمل كل ما يتعلق بإدارة وتنظيم النفايات الإلكترونية، وكيفية التخلص منها ومنع خلطها أو جمعها أو معالجتها مع النفايات البلدية، وإعداد مواصفات للأجهزة الإلكترونية المسموح بتداولها بحيث تكون مطابقة للشروط البيئية.


أخبار متعلقة..



مراكز الشباب بالإسكندرية تشارك فى حملة توعية بإعادة تدوير القمامة










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة