سعيد الشحات

دفاع «الديب» حسب الظروف

السبت، 09 أغسطس 2014 07:32 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعادت النيابة العامة الأوضاع إلى نصابها الصحيح فى قضية محاكمة مبارك فى قتل المتظاهرين بأنه «درب من الخيال»، وأنه «كان يهدف إلى كسب التعاطف للمتهم بقلب الحقائق وتفسير قرارات النيابة على غير حقيقتها، وتصوير المتهم كأنه مجنى عليه ورفعه إلى مصاف الأنبياء والقديسين».

وبعيداً عن المقارنات بين ما قاله «الديب» من قبل بوصفه لخروج المصريين ضد نظام مبارك يوم 25 يناير بأنه ثورة، ثم عدوله عن ذلك فى مرافعاته الأخيرة بأنها
كانت «مؤامرة»، أقول بعيداً عن هذه المقارنات، فإن النيابة وعلى لسان المستشار وائل حسين ردت وبقوة على هذا السيرك الذى نصبه «الديب» دفاعاً عن مبارك، بقولها إن دفاع المتهمين حاول اختلاق فكرة مؤداها أن مهمة قوات الشرطة وقت ثورة يناير كانت تأمين المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام الأمر الذى يخالف المنطق والثابت، متسائلة: «لو كان الأمر كذلك فلماذا كانت التظاهرات أصلاً ومن أين جاء العداء بين الشرطة والشعب؟،
واستطرد، أن خيال الدفاع هيأ له أن الشعب هو من تعدى على الشرطة، وأن الشرطة لم يكن لديها غير المياه والغاز، وأكد أن الدفاع فى محاولته تبنى منطقاً شاذاً، نسب القتل والاعتداء لعناصر أجنبية وأخرى أفراد أمن الجامعة الأمريكية، وثالثة العدوان الإسرائيلى.

رد النيابة حمل كل ما يحتفظ به المصريون فى صدروهم نحو نظام مبارك والجرائم التى ارتكبها فى حق المصريين، وكان سقوط الشهداء أثناء أيام الثورة واحدة من فصول تلك الجرائم، غير أن السؤال الذى يفرض نفسه هو، لماذا اعتبر «الديب» فى إحدى مراحل دفاعه عن مبارك أن ثورة يناير «ثورة»، ثم عدل عن ذلك ليصفها بـ«المؤامرة؟».

ليس من الصحيح هنا تبرير الأمر بأن «الديب» يستخدم كل ما بحوزته من أسانيد من أجل الحصول على براءة موكله، وتلك طبيعة الأشياء لدى أى محام يدافع عن موكله المتهم، فالمهم هو الحصول على البراءة بأى وسيلة دفاع، غير أن تناقضات «الديب» نفسه تنسف تلك التبريرات، فكيف له يبنى دفاعه على أن ما حدث ثورة ومبارك هو الذى شجعها وحماها، ثم يقول فيما بعد إنها «مؤامرة» وأن مبارك ضحيتها؟

تناقضات «الديب» هى حاصل لسياق سياسى معين، فحين كان الكل يتسابق على التعظيم لثورة يناير بما فى ذلك رجال نظام مبارك، واعتبارها أعظم الأحداث فى تاريخ مصر، كان «الديب» يغرد فى السرب نفسه ظناً منه أن ذلك سيجلب البراءة لموكله، وتبارى سياسياً وقانونياً فى إثبات أن مبارك لم يكن ضد إرادة المصريين الذين ثاروا عليه.

بعد ثورة 30 يونيو، شاهدنا عدول رجال نظام مبارك وأرامله عن وصف «25 يناير» بـ«الثورة» واعتبارها «مؤامرة»، فوجد «الديب» فرصته ليغرد فى السرب نفسه الذى يفضل الغناء فيه، ومسح كل ما ذكره من قبل، ليرتدى ثوبه الأصلى المعادى لثورة يناير بكل قوة، والعيب هنا ليس فى ثورة 30 يونيو، وإنما فى إصرار البعض على دهس الدستور الذى ينص على ثورتى 25 يناير و30 يونيو.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة