مجلة ذاكرة مصر تستعرض أول صور فوتوغرافية للمدينة المنورة ومكة المكرمة

الأربعاء، 14 مايو 2014 02:10 ص
مجلة ذاكرة مصر تستعرض أول صور فوتوغرافية للمدينة المنورة ومكة المكرمة احدى الصور النادره
الإسكندرية - جاكلين منير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن مكتبة الإسكندرية العدد السابع عشر من مجلة ذاكرة مصر، المجلة الربع سنوية الصادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهى مجلة ثقافية تعنى بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، تستكتب شباب الباحثين والمؤرخين وتعرض لوجهات نظر مختلفة ومتنوعة.

وفى العدد الجديد من مجلة ذاكرة مصر أبريل 2014، وثقت الباحثة سوزان عابد لضابط من الجيش المصرى زار الأراضى الحجازية بصحبة آلة التصوير الفوتوغرافى الخاصة به ليكون بذلك أول من قدم لنا أدب الرحلات مزودًا بصور فوتوغرافية عن الحجاز. فكما كان لمصر السبق فى أن تكون أولى المدن الإفريقية التى تعرف الصور الفوتوغرافية عقب اختراع آلة التصوير بشهرين عندما التقطت أول صورة فوتوغرافية فى الإسكندرية فى 4 نوفمبر 1839م لمحمد على باشا فى قصر رأس التين؛ كان لها أيضًا السبق فى أن يكون أحد رجالها العظام هو أول من التقط صورًا فوتوغرافية وبانورامية للمدينة المنورة والكعبة المشرفة؛ لينقل لنا صورة حية لشعائر الحج والعمرة وأقدس الأماكن التى تشتاق القلوب لزيارتها. إنه محمد صادق باشا الرحالة المصرى الضابط والمهندس والجغرافى. رجل ألمَّ بعلوم كثيرة مكنته من أن ينقل لنا صورة استطاع فيها أن يوقف الزمن لثوانٍ معدودة هى لحظة التقاطه لأشهر الصور الفوتوغرافية على الإطلاق لمكة المكرمة والمدينة المنورة.

ومحمد صادق باشا ضابط ورحالة مصرى ولد فى القاهرة عام 1822م والتحق بالمدرسة الحربية بالخانكة التى صقلت فيه العديد من المواهب؛ فطلبة المدرسة الحربية لم تكن دراستهم قاصرة على فنون القتال والاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل كانوا أيضًا يدرسون الرسم والطبوغرافيا وتقنيات رسم الخرائط والمساحة، ولنبوغ صادق باشا وتفوقه تم اختياره ليكون من ضمن أعضاء البعثة العلمية المسافرة إلى باريس ليتلقى فنون الحربية هناك. وكان برفقته فى هذه البعثة اثنان من أبناء إبراهيم باشا بن محمد علي؛ وهما الخديوى إسماعيل والأمير أحمد. ثم عاد إلى مصر فى عهد محمد سعيد باشا وعُين مدرسًا للرسم فى المدرسة الحربية بالقلعة؛ الأمر الذى ساعد صادق باشا فى أن يكون ذا عقلية متفتحة يواكب مستجدات العصر ويحرص على اقتناء أدوات القياس الحديثة.

وتقول عابد: لقد ذاعت شهرة محمد صادق باشا بين أقرانه من الكُّتاب والمثقفين من خلال مؤلفاته عن الحج وشعائره، هذه المؤلفات التى كتبها بدقة بالغة بالساعة والدقيقة، وعنى بتزويدها بالخرائط التى تبين طرق ومسالك الحج وأركانه وأهم الأدعية المستحب الدعاء بها ومواضع الدعاء، كل هذا فى الزمن الذى كان الجمل هو وسيلة النقل المتعارف عليها بين الجبال والأخاديد الصخرية على طول المسافة بين مصر والحجاز، إلا أن شيئًا آخر قدمه لنا صادق باشا لا يقل أهمية عن مؤلفاته القيمة؛ وهى مجموعة رائعة من الصور الفوتوغرافية التى التقطها بنفسه ليصبح بذلك أول من التقط صورًا فوتوغرافية لمكة والمدينة. فقد زار صادق باشا الأراضى الحجازية أكثر من مرة؛ الأولى كانت عام 1860م، والثانية فى عام 1861م، وأعقبها بزيارات أخرى كثيرة بعضها بصفة رسمية وبعضها بصفة شخصية فى عام 1880م وعام 1884م وعام 1885م. أما الرحلة الأكثر أهمية لصادق باشا فكانت فى عام 1880م أى بعد مرور عشرين عامًا على زيارته الأولى فى 1860م، وقد دوَّن تفاصيل هذه الرحلة فى كتابه الثانى الأكثر شهرة بين جميع مؤلفاته وهو "مشعل المحمل".. رسالة فى سير الحاج المصرى برًّا من يوم خروجه من مصر إلى يوم عودته مذكور بها كيفية أداء الفريضة. وأهم ما يميز هذه الرحلة هو أن صادق باشا كان فى مهمة عمل بصفته أمين صرة المحمل المصرى عن طلعة عام 1297هـ، فأخذ يبيِّن لنا تفاصيل سير المحمل المصرى من القاهرة المحروسة إلى مكة المكرمة. ويشير صادق باشا فى مقدمته لمشعل المحمل إلى الهدف من كتابه قائلاً: "إنى قد استخرت الله فى أن أشرح ما شاهدته برًّا فى طريق الحج الشريف من كل مأمن أو مخيف وما هو جارٍ فى كيفية أداء هذه الفريضة الإسلامية ليكون دليلاً مختصرًا مفيدًا للأمة المحمدية وخدمة لأبناء الوطن، ولم أذكر شيئًا بمجرد الظن بل عولت فى الغالب على الاقتصار فى ذكر الحسن، وسميته بمشعل المحمل وعلى الله سبحانه وتعالى أتوكل، وإن وجد فيه شىء لا ينبغى أن يذكر فإنما ذكرته أداءً لحق الوظيفة مع التلطيف ليكون قدوة ودليلاً لمن يتوظف من الآن وليس الخبر كالعيان".

ولعل أهم تفاصيل هذا الكتاب هو ذكر البروتوكول المتبع فى سفر المحمل المصرى بالتفصيل، فيذكر صادق باشا أنه فى يوم 22 محرم 1297هـ الموافق 27 سبتمبر 1880م، تهيأ محفل المحمل الشريف بميدان محمد على فى تمام الساعة الثالثة ظهرًا بحضور خديوى مصر محمد توفيق باشا، واستلم أمير الحج زمام جمل المحمل من يد الخديوى توفيق بحضور النظار وشيخ الإسلام ولفيف من العلماء والمشايخ الأجلاء والأمراء وكبار رجال الدولة. وتحرك المحمل فى موكب عظيم وصل العباسية فى تمام الساعة الخامسة، وفى اليوم التالى تم استلام صرة المحمل من خزينة الروزنامجة بحضور أمير الحاج وأمين الصرة والكاتب والصراف والروزنامجى ونائب الشرع والشهود، وفى اليوم الثالث تم استلام كسوة الكعبة الشريفة، وهى من إحدى عشرة قطعة. وفى يوم الخميس 25 محرم 1297هـ الموافق 30 سبتمبر 1880م أطلقت مدافع القيام، وتحرك الموكب قاصدًا الأراضى الحجازية.

وفى هذه الرحلة أيضًا كانت الكاميرا الفوتوغرافية ترافق صادق باشا وهو ما أكده لنا أثناء سرده لتفاصيل الرحلة. ويذكر أيضًا أنه فى يوم 20 من ذى الحجة 1297هـ الموافق 23 نوفمبر 1880م: "تيسر لى فى هذه الأيام أخذ رسم المسجد المكى والكعبة بالفوتوغرافيا، وأخذ رسم مسطحه على قدر الإمكان مع كثرة الازدحام وعدم الفراغ". وقد حاز صادق باشا على ميدالية ذهبية من الدرجة الأولى فى معرض ونيزيا عام 1881م على هذه الصور التى التقطها ولم يسبقه أحد فيها.























مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة